رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 16 يوليو، 2013 0 تعليق

مسلمــــو مـالاوي.. في مواجهة ثالوث التخلف: الجهل والـــفقر والمرض

 لا تستطيع الكلمات، وصف البؤس والفقر والمعاناة، التي يحياها المسلمون، في دولة مالاوي التي تقع جنوب شرق إفريقيا، في ظل ظروف بالغة القسوة، يواجهون فيها ثالوث التخلف: الجهل، والفقر والمرض، والأخطر من ذلك طوفان التبشير والتنصير الذي يحيط بهم من كل حدب والذي استطاع -مع الأسف- أن يحول ذلك البلد الإفريقي الحبيس، من دولة الإسلامية إلى دولة مسيحية.

جاءت حملات التبشير والتنصير، إلى مالاوي، في منتصف القرن التاسع عشر، وحاولت بذل جهود جبارة، من أجل تنصير المسلمين، إلا أن جهودها لم تثمر عن شيء، وفشلت فشلا ذريعا، رغم الإغراءات المادية الكبيرة التي كانت تقدمها للمسلمين هناك، غير أن مالاوي، سقطت تحت الاستعمار البريطاني عام 1891، الذي أعلن أن مالاوي، أو ما يسمى في ذلك الوقت (نياسلاند) محمية بريطانية، ومع فشل بعثات التبشير والتنصير في بدايتها، فرض الاستعمار التنصير، عن طريق التعليم، وجعل الديانة المسيحية مادة إجبارية.

     وسيطر المبشرون والمنصرون على غالبية المدارس، ومراكز التدريب والمعاهد، في مختلف مالاوي، وأخذوا ينشرون الكنائس، ويوزعون الأموال،  واستطاعوا عبر تلك الوسائل تحويل مالاوي، من بلد يقطنها غالبية مسلمة، تصل إلى 70 % من عدد السكان، إلى ما يقرب من 30 % فقط.

 جهود الدعوة

     تنبه المسلمون في مالاوي، إلى الجهود التبشيرية التي تستهدف وجودهم، فقامت عدد من الجمعيات الإسلامية، بنشر الدعوة الإسلامية، والدفاع عن  لواء الإسلام، ومواجهة أنشطة التبشير والتنصير الشرسة.

     ومن  أبرز تلك الجمعيات،  جمعية مسلمي مالاوي، التي تأسست في عام 1956م بوصفها مظلة رابطة بين المسلمين في مالاوي، فجميع الاتحادات والجمعيات المحلية الإسلامية، تعمل تحت إشراف هذه الجمعية.

      وقد قامت الجمعية، منذ تأسيسها، بالعمل على نشر الإسلام، وتعميق العقيدة السمحاء والثقافة الإسلامية، في ربوع البلاد، وتوسيعها لدى العاملين في مجال الدعوة الإسلامية، كما قامت ببناء المساجد، والمراكز الإسلامية، ودور الأيتام في جميع أنحاء البلاد، هذا فضلاً عما تقوم به الجمعية من أعمال أخرى كالدورات التدريبية، لإعداد المعلمين والدعاة، وإقامة المؤتمرات.

     وللتأكيد على الدور البارز لهذه الجمعية المباركة التقينا مع رئيسها الشيخ/ إدريس محمد وهو من خريجي جامعة المدينة، وكذلك الأمين العام للجمعية الدكتور سالمين عمر، وهو أيضًا من خريجي جامعة المدينة وكان هذا الحوار:

- نرجو أن تعطينا تعريفًا عامًا عن جمعية مسلمي مالاوي، متى أنشئت والأهداف التي أنشئت لأجلها؟

- جمعية مسلمي مالاوي منظمة غير ربحية وهي مظلة للمنظمات الإسلامية وجميع المسلمين في مالاوي،  تأسست عام 1956م، ومن أهم الأهداف التي أنشئت من أجلها أهداف تعليمية ودعوية.

- ما أهم الأنشطة والمشاريع التي تتبناها الجمعية؟

- أهم الأنشطة والمشاريع: التعليم الإسلامي والإنجليزي، وتدبير المنح الدراسية للطلاب المحتاجين، والدعوة الإسلامية، وتعيين المعلمين وتدريبهم، فضلاً عن مشاريع الصحة والرعاية الاجتماعية، مثل: إفطار الصائم والأضاحي والإغاثة ورعاية الأيتام، كما أن لدينا مشاريع دعوية  كترجمة الكتب العربية والإنجليزية إلى اللغات المحلية، وعقد الاجتماعات السنوية للنظر في مشاكل تواجه المسلمين وإيجاد حلول لها، وما يتعلق بالحقوق الإنسانية للمسلمين في مالاوي، ومن أهم الحملات الدعوية والفكرية للجمعية  التي تصب في مصلحة المسلمين في مالاوي ما يلي:

- القيام بالدعوة الإسلامية المبنية على مقارنة الأديان.

- حملة الدعوة الإعلامية؛ حيث يوجد راديو الإسلام، وتم الحصول على رخصة إقامة محطة تلفزة للمسلمين، بينما يملك النصارى محطات تلفزيونية عدة.

- حملة تعليمية لأهمية تزويج المسلمات بالرجال المسلمين؛ لأن النصارى يركزون على تزويج أولادهم بالمسلمات لغرض التنصير.

- تشجيع المسلمين على الاشتراك في سياسة الدولة؛ لأن القمع والضغوط على الإسلام والمسلمين يتم من خلال وضع القوانين العدوانية في البرلمان. فهناك عدد كبير من المسلمين الذين أبدوا رغباتهم في عضوية البرلمان للعام القادم عندما تجرى الإنتخابات العامة غير أنهم يحتاجون إلى الدعم.

- ما أهم التحديات التي تواجهكم لتنفيذ هذه المشاريع؟

- هناك تحديات كثيرة تواجه الجمعية في تنفيذ هذه المشاريع منها تحديات مادية، وتحديات فكرية، وتحديات إدارية، وغيرها نوجزها في النقاط الآتية:

- قلة المنح الدراسية للطلاب المسلمين.

- ارتداد حديثي العهد في الإسلام لعدم وجود مراكز خاصة بهم.

- عدم وجود الطباعة عند المسلمين لمخطوطات التراجم الإسلامية الموجودة.

-عدم وجود مراكز تعليمية لمحو الأمية عند الكبار.

- وجود أهل الشيعة في مالاوي.

- قلة الزوار المسلمين من دول إسلامية للاطلاع على أحوال المسلمين هناك.

- قلة دور الأيتام.

- قلة  الصحف الإسلامية.

- ما أهم المؤسسات الخيرية المحلية العاملة في مالاوي؟ وهل يوجد بينكم وبينهم تنسيق في العمل الدعوي والخيري؟

- لدينا مجلس العلماء والمشايخ، ورابطة خريجي مسلمي مالاوي، وجمعية الدعوة الوطنية، وجمعية خدمات الدعوة الإسلامية، ومنظمة ماي عائشة، وكل هذه الجمعيات تتعامل مع جمعية مسلمي مالاوي التي تعد الممثل الرسمي لها عند الحكومة.

- ماواقع المرأة المسلمة؟ وهل لدى الجمعية مشاريع تعتني من خلالها بهذه الشريحة المهمة في المجتمع؟

- نوجز واقع المرأة المسلمة في مالاوي في نقاط فنقول:

أكثرهن غير متثقفات أو متعلمات تعاليم إسلامية. ونسبتهن للدراسة الإنجليزية ضئيلة جدا كذلك.

أكثر البنات يتزوجن قبل إكمال الدراسة وهن صغيرات من شدة الفقر.

الآباء لا يبالون بتزويج بناتهم بالشباب والرجال النصرانيين ما داموا أثرياء.

يكثر الطلاق عندهن لأسباب: إما صغر أعمار الأزواج، أو لأميتهن؛ لأنهن لم يكملن الدراسة.

أما عن اهتمام الجمعية بالمرأة المسلمة فموجود بفضل الله ويكون عن طريق:

-عقد الاجتماعات الدعوية السنوية للنساء.

-عمل مشاريع تجارية لهن مثل مشروع تدريبهن الخياطة وتوزيع مكائن الخياطة عليهن.

-إقامة معسكرات تعليمية.

-إجراء برامج تشجيع البنات الصغيرات المطلقات على الالتحاق بالمدارس مرة ثانية.

- هل تواجهون مضايقات من الحكومة، ولاسيما أنها حكومة نصرانية؟

- دولة مالاوي علمانية وإن كان معظم حكامها نصارى. وتطبق سياسة حرية الدين، من هذا الباب فإن  الجمعية لا تواجه أية مشكلات أو تضييق أثناء تنفيذ أنشطتها ومشاريعها.

- ما واقع الدعوة السلفية في مالاوي؟

- الحمد لله جيد؛ لأنه -تقريبا- جميع دعاة مالاوي من أبناء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فهم يدعون إلى مذهب أهل السنة والجماعة وينشرون عقيدة السلف الصالح؛ بل يقفون صفا واحدا ضد أي عقيدة تخالف هذا المذهب، ومما يوحد كلمتهم أنهم قبل مواصلة دراساتهم في الجامعات الإسلامية في الخارج درسوا في المركز الإسلامي الكبير في مالاوي – معهد أبي بكر الصديق الإسلامي على يدي فضيلة الشيخ محمد معاذ الندوي – أحد خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في السبعينات.

- هل يوجد في مالاوي فرق منحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة كالفرق الباطنية والصوفية وغيرها؟

- الفرق المنحرفة عن المنهج الإسلامي في مالاوي ليس لها مستقبل جيد؛ وذلك لأن مدارسهم تضمحل على شكل مستمر؛ حيث إن أولادهم يدرسون في مدارسنا التي تنشر مذهب السلف الصالح وتعتني به؛ لأن مدارسنا تتبع نظام الدراسة المزدوجة؛ حيث تدرس فيها اللغة الإنجليزية، وهذا النظام غير موجود عندهم.

- كيف وجدتم تعاون المؤسسات الخيرية والحكومات الإسلامية لا سيما في دول الخليج معكم، وتعاونهم في دعم الأنشطة والمشاريع التي تتبناها الجمعية؟

- هناك جهود قوية، تقوم بها  بعض الدول العربية والإسلامية؛ لمساعدة المسلمين في مالاوي، ومحاولة انتشالهم من الأوضاع البائسة التي يعيشونها، فضلاً عن الاهتمام ببناء المساجد والمدارس والمعاهد الإسلامية، وتزويدها بالدعاة والمعلمين والكتب الإسلامية، مع استقبال أبناء مسلمي مالاوي، للتعلم في الجامعات الإسلامية الكبرى، في العالم الإسلامي، وعلى رأسها الأزهر الشريف. 

     وأما عن المؤسسات الخيرية في منطقة الخليج فكثير منها يرغب في مد الدعم لأنشطة الجمعية إلا أنّ ضغوطًا ومعوقات كثيرة تقع عليهم مثل: عدم معرفتهم بدولة مالاوي لعدم زيارتهم لها، وقد يتم الحصول على المساعدة بعد قيامنا بزيارتهم مرات عدة ليثبت التعارف – الأمر الذي يصعب كثيرا علينا لما في ذلك من تكاليف السفر؛ حيث تكون الديون علينا كثيرة. والتعارف بالمراسلات ليس مؤثرا.

- ما أهم التحديات التي تواجهكم في المرحلة المقبلة؟

- أهم التحديات التي تواجهنا في المرحلة المقبلة هي: عدم إمكانية سفرنا إلى المؤسسات الخيرية في الخارج ولا سيما في منطقة الخليج للتعارف لصعوبة التكاليف، ولأن المؤسسات الخيرية في الخليج لا تتركز بأنشطتها في جنوب قارة أفريقيا مثل مالاوي، ونحن نرى أنها تتركز في شمال أفريقيا وغربها.

     ومن التحديات أيضا: معاملة المؤسسات الخيرية الخليجية مع الجمعيات الدولية الموجودة في مالاوي أو أشخاص معينين الذين وفدوا من خارج الدولة أكثر مما تتعامل به مع الجمعيات الإسلامية المحلية مثل جمعية مسلمي مالاوي، فذلك ينقص صورة الإسلام في مالاوي الحقيقية.

     ومع هذه الضغوط والتحديات فإن لنا رؤية مستقبلية جيدة لواقع العمل الخيري والدعوي في مالاوي، فالجمعية تسعى وتبذل الكثير من الجهود لإنشاء مشاريع استثمارية ذات استمرارية لإحداث اكتفاء ذاتي بين المسلمين أنفسهم، نسأل الله أن يحفظ المسلمين جميعًا في كل مكان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك