رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 19 ديسمبر، 2018 0 تعليق

مستشار شيخ الأزهر للفرقان : اتهام العمل الخيري بالإرهاب ظُلْمٌ بيِّن قام لى شبه واهية وادعاءات باطلة

 

بالرغم من أنها الزيارة الأولى له لجمعية إحياء التراث، إلا أن د. حامد أبو طالب مستشار شيخ الأزهر، والأمين العام المساعد للشؤون المالية والإدارية للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، لم يستطع إخفاء انبهاره وإعجابه بجهود الجمعية في العمل الخيري والدعوي، ووصف تلك الجهود بالعالمية، كذلك وصف الكويت بأنها بلد العطاء، بعد أن رأى هذا الاهتمام الكبير بالعمل الخيري، والحرص على مد يد العون للمنكوبين والمحتاجين في العالم أجمع، وعلى هامش زيارته للجمعية كان لـ(الفرقان) هذا الحوار معه.

- بداية ما انطباعك عن الكويت وأهلها والمؤسسات التي زرتها، ولا سيما جمعية إحياء التراث؟

- هذه الزيارة شرحت صدري كثيرًا؛ لما شاهدته من نشاط علی مستوى عالمي في هذه الجمعية المباركة، وتبين لي من خلال هذه الزيارة أن جمعية إحياء التراث تنفق أموالًا طائلةً في فعل الخير علی مستوى العالم بأكمله، بشفافية ومصداقية؛ ولذلك وأنا في نشوة الفرحة بهذه الجمعية، أشد علی أيدي القائمين عليها بالاستمرار في هذه الجهود، ومحاولة نشرها، سواء في الدول الإسلامية، أم غير الإسلامية؛ لأن هذا هو الذي يُظهر الإسلام، وسماحة الإسلام، وحب الإسلام للبشرية جمعاء، بدلًا من أن تنتشر الكراهية والصفات غير الصحيحة عنا نحن المسلمين.

ما الفلسفة التي يقوم عليها نشاط  المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة؟

- المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة موجود في مصر، وقد أُنشئ المجلس في عام 1984؛ حيث اجتمعت الهيئات التي تعمل في مجال الخير لوجه الله -تعالی-، وطلبت من مصر ومن شيخ الأزهر التنسيق بينهم، والمجلس يقوم بالتنسيق والتخطيط لكل ما يتعلق بشؤون الدعوة الإسلامية والإغاثة في العالم.

ومن الجدير بالذكر أن هذا المجلس أُنشئ بجهودٍ كويتية، وقد أوقف هؤلاء المحسنون وقفًا خيريًا موجود في الكويت لمصلحة المجلس، ويتم إرسال ريع هذا الوقف إلی المجلس كل عام.

ماذا تقولون عن اتهام العمل الخيري ومؤسساته بالإرهاب؟

- هذه الفكرة الظالمة بُنيت علی بعض الشبه، وهي أن بعض الهيئات -مع الأسف- استغلت فعل الخير للوصول إلی الشر، أنا أقول بعض الهيئات، هيئة، اثنين، خمسة، أيضًا بعضهم أخطأ، بعض هذه الهيئات أخطأ، وأرسل أموالًا إلی جهاتٍ مشبوهة، أو إلی جهاتٍ ممنوعة؛ لذلك فإن دور المجلس هو التدقيق على مثل هذه التجاوزات التي تكون في بعض الأحيان غير مقصودة؛ فيقوم المجلس بالتنبيه، ولفت نظر تلك المؤسسات إلی هذه الجهات المشبوهة، حتى يتوقفوا عن إرسال الأموال إليهم.

     ولا شك أن هذه التهم أغلبها تهم ظالمة، ونحن بوسعنا دفعها بتوسيع دائرة فعل الخير حتی يشمل غير المسلمين، ونعلن ذلك بشفافية، وهذا -ولله الحمد- وجدته متحققا في المؤسسات الكويتية؛ فهي لا تفرق في عطائها بأي نوع من التفرقة لا على حسب اللون أو الجنس أو الدين،  كما رأيت من جهود الإخوة في جمعية إحياء التراث .

بصفتك أحد كبار المسؤولين في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، ما التحدي الأكبر الذي يواجه الدعوة الإسلامية في الوقت الحالي؟

- التحدي الأكبر الذي يواجه الدعوة الإسلامية هو تدخل بعض الدول، ووضع أنفها في سبيل الدعوة الإسلامية؛ حيث ينظرون خطأً بعين الريبة إلی كل نشاطٍ إسلامي، وهم يتشككون في كل نشاطٍ تقوم به هيئة، أو مؤسسة، أو ما إلی ذلك، وهذا أيضًا سببه أن بعض الجماعات، أو بعض الجهات، استغلت فعل الخير ووصلت إلی الشر، وفعلوا الشر بأموال الخير، وعلنًا.

- كيف تنظرون إلى الهجمة التي يشنها بعض الناس ضد الأزهر بين حين وآخر والتشكيك في مناهج الأزهر ورجالاته؟

- أحب أن أطمئنكم أن الأصوات التي تنتقد الأزهر، وتحاول أن تطعن فيه، وفي مناهجه، وما إلی ذلك، هي أصوات قليلة ونشاز، غاية الأمر أنها أصوات عالية؛ فهي تُسمِّع كثيرًا وصداها يُسمِّع كثيرًا، لكن هم أعداد قلائل جدًا؛ فلا تنزعجوا من ذلك نهائيًا، بل الله -سبحانه وتعالى- يفضحهم باستمرار، ويتساقطون واحدًا تلو الأخر؛ فاطمئنوا.

- هل تؤتي تلك الحملات المشبوهة آثارها؟

- على العكس تمامًا؛ فهذه الحملات المشوهة أتت بنقيض المقصود منها، وجعلت همتنا أقوی، ونسير في طريقنا بقوة، وهم يندحرون، ويتساقطون في الطريق.

- بعضهم يستغل دعوی تجديد الخطاب الديني في الهجوم علی ثوابت الدين، والتشكيك في مصادره الأصيلة؛ فكيف تنظرون إلى هذا الأمر؟

- موضوع تجديد الخطاب الديني، مشكلته أن عددًا كبيرًا من الناس لا يفهم المقصود منه، حتی إننا عندما نقلنا للمسؤولين بالدولة أن بعض الأشخاص يريدون هدم السنة، ويريدون هدم القرآن، قالو إن  تجديد الخطاب الديني مهمة الأزهر، وهو منوطٌ بالأزهر، وعلَّق الأمر كله علی الأزهر، وفي رقبة الأزهر؛ فهذا لن يكون إلا في حدود تجديد خطاب ديني فعلًا، وليس تبديدًا، هم يريدونه تبديدًا، ونحن سنجعله تجديدًا -إن شاء الله تعالی.

وأكثرهم لا يفهم ما يريد أن يقول، هل يوافق أحد علی أننا نترك السنة؟! لا بالتأكيد.

- هل هناك خطوات عملية لتأهيل الدعاة لمواجهة حملات التشكيك في دين الله -تعالى- وثوابته؟

- من فضل الله -سبحانه وتعالى- أن الأزهر الشريف يقوم بتدريب ثلاثمائة داعية علی مستوى العالم، من الدول الأوروبية، ومن غيرها، كل ثلاثة أشهر؛ حيث يحضر هؤلاء الدعاة علی نفقة الأزهر، سفرًا، وإقامةً، ومصروفات، وما إلی ذلك، لتأهيلهم وتدريبهم، والارتقاء بمستواهم العلمي والمهني، ودول العالم الآن تتسابق لإرسال أبنائها إلی الأزهر الشريف؛ فهذا المجهود الذي يقوم به الأزهر، لا شك أنه مجهود طيب يُشكر عليه، وأرجو أن نلاحظ أن هذه النفقات بالرغم من ميزانية الأزهر المتواضعة، نتيجةً للظروف المالية التي تعيشها مصر، لم يتأخر الأزهر في القيام بواجبه، ولم تتأخر مصر في القيام بواجبها، رغم المشكلات الاقتصادية التي تعانيها؛ فهي تری أنه واجب كبير منوط بها تجاه العالم الإسلامي بأكمله.

-  كان من نتائج الثورات حدوث نوع من الانحدار الأخلاقي لدی الشباب، فكيف يتعامل الأزهر مع هذه الظاهرة كونه أكبر مؤسسة دعوية في العالم؟

- لا شك أن سنوات الفوضی التي مرت بالبلاد، في مصر، وسوريا، والعراق، والخراب الذي ترتب علی ذلك، أثَّر تأثيرًا مباشرًا، ومعلوم -وفقًا للنظريات الاجتماعية- أن كل حرب، أو أي اضطرابات، لابد أن يترتب عليها مثل هذا الانحدار الأخلاقي، لا شك في ذلك، على سبيل المثال العراق الآن، هل الأخلاق تأثرت في العراق أم لا؟ تأثرت قطعًا، انتشر الفساد أم لا؟ انتشر قطعًا، وانتشرت السرقات قطعًا، وهكذا.

     ولكن العلماء -بفضل الله سبحانه وتعالى- يحاولون أداء واجبهم في لم الشمل مرة أخرى، ومحاولة مقاومة مثل هذه الانحرافات، والعودة بالشباب إلی الأخلاق الحميدة، ونحاول الآن كشف أولئك الذين حاولوا التمرد علی العادات، وعلی التقاليد، وعلی الأديان، وعلی الأخلاق؛ فاطمئنوا، لكن الأمر لن يكون بين يومٍ وليلة، هو استغرق أربع أو خمس سنوات، لا شك سيأخذ علی الأقل عشرين سنة، حتی تعود الأمور إلی نصابها، لكن أطمئنكم وأبشركم أن الأمور بدأت تعود بعودة الدولة.

-  رسالة للكويت وأهلها؟

- أنا أناشد كل مواطن كويتي مخلص، أن يحافظ علی هذا النظام القائم؛ لأنه حفاظ على الاستقرار، وأناشدهم أن ينظروا حولهم، ماذا حلّ بهذه الدول، التي حاول بعض الأشقياء زعزعة الأمن فيها بدعوی تغيير النظام، وتغيير الحاكم، وما إلی ذلك؛ فالهدف الأسمی يجب أن يكون لأهل الكويت جميعًا، هو المحافظة على الاستقرار في هذه الدولة، المحافظة على الاستقرار لن يتحقق إلا بحماية هذا النظام، وحماية القائمين علی هذا النظام، وإجلالهم، وتكبيرهم؛ فهم يقدمون كل ما يملكون لهذا الشعب -والحمد لله- الشعب يعيش في أمان، وفي بحبوحةٍ من العيش، وما إلی ذلك، لكن إذا سرنا خلف الأشقياء، سندمر كل هذا، وسيصير علينا ما صار علی الدول المجاورة.

-  رسالة للغرب وحكوماته.

- نرجو الالتفات إلی أن المؤسسات الخيرية الإسلامية، هي أحد أهم مؤسسات المجتمع المدني، وهي من نتاج فكركم؛ فأنتم الذين أنشأتم مؤسسات المجتمع المدني، وتناشدون الدول أن تقوي مؤسسات المجتمع المدني، حتی تساعد الحكومات، وتقف عونًا في مساعدة الفقراء والمنكوبين حول العالم، وقد حققت هذه الجمعيات إنجازات رائعةً في هذا المجال، وساعدت كثير من الحكومات، على أداء رسالتها الإنسانية كما أنها ساعدتها على التفرغ للمشروعات الضخمة، وحماية أمنها الداخلي والخارجي، وما إلی ذلك، من هنا فلابد من تقويتها ودعمها ومساندتها بدلا من اتهامها بالإرهاب ومحاولة تجفيف منابعها والقضاء عليها؛ لأن الخاسر الأكبر في ذلك هو العمل الإنساني في العالم أجمع.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك