مركز تراث للبحوث والدراسات – التجـاوزات الماليـة وعقوبتها في الإسلام (3)
حظي المال بمكانة رفيعة في الإسلام؛ حيث وصفه الله -تعالى- بأنه زينة الحياة الدنيا، مساويًا بينه، وبين نعمة الذرية، قال الله -تعالى-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، ووصف الله -عز وجل- المال بأنه قوام الحياة فقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}، ولم يتوقف اهتمام الإسلام بقضية المال عند عدِّه مقصدًا من مقاصد الشريعة الإسلامية الضرورية التي لا تقوم الحياة ولا تستقيم إلا بها، بل وضع من التشريعات ما يضبط وسائل إيجاد المال وتحصيله من الانحراف، وما يحفظ بقاء المال واستمراره من التعدي أو الضياع، ونظرًا لأهمية هذا الموضوع كانت هذه السلسلة بعنوان: (التجاوزات المالية وعقوبتها في الإسلام).
وقد ذكرنا فيما مضى أصول المعاملات المالية المحرمة في الإسلام وخطورتها، ثم ذكرنا أنواعا من التجاوزات المالية المحرمة في الإسلام وهي منع الزكاة، وحكم مانعها، واليوم مع النوع الثاني وهو: أكل مال اليتيم.
من اليتيم؟
ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ: ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫﻮ المنفرد، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﻋﻨﻪ ﺃﺑﻮﻩ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﻠﻢ؛ ﺃﻱ: ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ لا ﻳﺴﻤﻰ ﻳﺘﻴﻤًا ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ، ففي سنن أبي داود عن عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ»، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يتم بعد احتلام، ولا يتم على جارية إذا هي حاضت».
ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﻓﻲ الآﺩﻣﻴﻴﻦ
ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ الإﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ -ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ-: «ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﻓﻲ الآﺩﻣﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﻓﻘﺪ ﺃﺑﺎﻩ؛ لأﻥ ﺃﺑﺎﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺬﺑﻪ، ﻭﻳﺮﺯﻗﻪ، ﻭﻳﻨﺼﺮﻩ، ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ؛ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺗﺎﺑﻌًا ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻮﺍﻟﺪﻩ، ﻭﻛﺎﻥ ﻧﻔﻘﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺣﻀﺎﻧﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ».، ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ الأﻣﺮ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ، ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﻓﻲ ﺭﻋﺎﻳﺘﻬﻢ، ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﺮ ﻋﻈﻴﻢ؛ ﻗﺎﻝ - ﺗﻌﺎﻟﻰ -: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى}، ﻭﻗﺎﻝ -ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ-: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}.
الأمر بالإحسان إلى اليتامى
ومن محاسن هذه الشريعة الأمر بالإحسان إلى اليتامى والسعي في رعايتهم، والقيام على أموالهم، وبيان ما يترتب على ذلك من أجر عظيم، قال -تعالى-: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى}، وقال -تعالى-: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}، وقال -تعالى-: {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ}، وحث النبي - صلى الله عليه وسلم - على كفالة اليتيم، فعَنْ سَهْلٍ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا» وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا».
التحذير من الاعتداء على أموال اليتامى
ولما كان ولي اليتيم قد يطمع في ماله أو شيء منه؛ إذ هو المستولي عليه المتصرف به، ولا رقيب عليه سوى الله -عز وجل-، جاءت الشريعة بالتحذير من الاعتداء على أموالهم، وظلمهم فيها، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}، وروى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ».
والأصل أن من تصرف لغيره سواء كان وكيلاً، أو ولياً، أو ناظر وقف أو غير ذلك أن تصرفه تصرف نظر ومصلحة، لا تشهٍ واختيار، لا سيما فيما يتعلق بمال اليتيم، قال الله -تعالى-: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ}، وقال -تعالى-: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}، وقال -تعالى-: {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ}، فهذه الآيات وغيرها تدل على أن تصرفات الولي في مال اليتيم مبنية على المصلحة، وأنه لا يجوز قربانها إلا بالتي هي أحسن لهم، وأصلح لمالهم.
الوعيد لمن يأكل أموال اليتامى
ثم ذكر آية مفردة في وعيد من يأكل أموال اليتامى، وحدد فيها نوع الجزاء والعقاب، فقال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} أي إذا أكلوا مال اليتامى بلا سبب، فإنما يأكلون في بطونهم ناراً تتأجج في بطونهم يوم القيامة، قال السدي، يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه، ومن مسامعه وأنفه وعينيه، فيعرفه كل من رآه بأكل مال اليتيم. وروى ابن مردويه من حديث أبي هريرة, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «يُبعث يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْمٌ مِنْ قُبُورِهِمْ , تأجَّجُ أَفْوَاهُهُمْ نَارًا» , فَقِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: «أَلَمْ تَرَ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يأكلون في بطونهم ناراً}، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحرِّج مال الضعيفين المرأة واليتيم» أي أوصيكم باجتنابهما رواه ابن مردويه، وقد ذكر سبحانه و-تعالى- الأكل، إلا أن المراد منه كل أنواع الإتلافات، فإن ضرر اليتيم لا يختلف بأن يكون إتلاف ماله بالأكل، أو بطريق آخر، فأكل مال اليتيم ظلماً إذاً كبيرة بالإجماع.
ثلاثة ضوابط للتعامل مع مال اليتيم
ولقد بين الله -عز وجل- في كتابه الضوابط الازمة للتعامل في مال اليتيم فقال -تعالى-: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً}. فبينت الآية ثلاثة ضوابط للتعامل مع مال اليتيم:
الضابط الأول
{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} فجاء الأمر في الآية بعدم منع مال اليتم منه، وأن من منع اليتم ماله وحقه فقد ارتكب ظلما عظيماً، قال القرطبي: «وَهَذِهِ الْآيَةُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ. نَزَلَتْ- فِي قَوْلِ مُقَاتِلٍ وَالْكَلْبِيِّ- فِي رَجُلٍ مِنْ غَطَفَانَ كَانَ مَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ لِابْنِ أَخٍ لَهُ يَتِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْيَتِيمُ طَلَبَ الْمَالَ فَمَنَعَهُ عَمُّهُ، فَنَزَلَتْ، فَقَالَ الْعَمُّ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحُوبِ الْكَبِيرِ! وَرَدَّ الْمَالَ».
الضابط الثاني
{وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} فجاء الأمر بعدم استبدال الخبيث بالطيب من مال اليتم، بل إعطائه ماله كأحسن وأفضل ما يكون، قال القرطبي: «قَوْلُهُ -تعالى-: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} أَيْ لَا تَتَبَدَّلُوا الشَّاةَ السَّمِينَةَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِالْهَزِيلَةِ، وَلَا الدِّرْهَمَ الطَّيِّبَ بِالزَّيْفِ. وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِعَدَمِ الدِّينَ لَا يَتَحَرَّجُونَ عَنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى، فَكَانُوا يَأْخُذُونَ الطَّيِّبَ وَالْجَيِّدَ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَيُبَدِّلُونَهُ بِالرَّدِيءِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَقُولُونَ: اسْمٌ بِاسْمٍ وَرَأْسٌ بِرَأْسٍ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ».
الضابط الثالث
{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}، فقد كان ديدن الظالمين من الأولياء في الجاهلية أكل أموال اليتامي، فكانوا يخلطون أموالهم الكثيرة بأموالهم القليلة والرديئة، ليستفيدوا من أموال اليتامى قدر الإمكان، قَالَ مُجَاهِدٌ: «وَهَذِهِ الْآيَةُ نَاهِيَةٌ عَنِ الْخَلْطِ فِي الْإِنْفَاقِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَخْلِطُ نَفَقَتَهَا بِنَفَقَةِ أَيْتَامِهَا فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ».
اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأيتام
وسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم - بها الكثير من الأمثلة في اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم - بالأيتام ومن ذلك: أنه -صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يتزوج من أم سلمه، وشكت له غيرتها ووجود أيتام معها ترعاهم، فتكفل هو -صلى الله عليه وسلم - بصبيانها، فكان نعم الكفيل لهم، فكفلهم وطيب خاطرهم بل عامل عمر ابنها معاملة الرجال، ففي مسند الإمام أحمد وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم - أرسل إليها رسولاً ليخطبها، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -، وَبِرَسُولِهِ، أَخْبِرْ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - أَنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى، وَأَنِّي مُصْبِيَةٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا، فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -: «أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي مُصْبِيَةٌ، فَإِنَّ اللهَ سَيَكْفِيكِ صِبْيَانَكِ، وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي غَيْرَى، فَسَأَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا الْأَوْلِيَاءُ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ إِلَّا سَيَرْضَانِي». قُلْتُ: يَا عُمَرُ، قُمْ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -: «أَمَا إِنِّي لَا أَنْقُصُكِ شَيْئًا مِمَّا أَعْطَيْتُ أُخْتَكِ فُلَانَةَ رَحَيَيْنِ وَجَرَّتَيْنِ، وَوِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ».
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - يَأْتِيهَا، فَإِذَا جَاءَ أَخَذَتْ زَيْنَبَ، فَوَضَعَتْهَا فِي حِجْرِهَا لِتُرْضِعَهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - حَيِيًّا كَرِيمًا، يَسْتَحْيِي، فَيَرْجِعُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَفَطِنَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِمَا تَصْنَعُ، فَأَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ وَجَاءَ عَمَّارٌ، وَكَانَ أَخَاهَا لِأُمِّهَا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَانْتَشَطَهَا مِنْ حِجْرِهَا، وَقَالَ: دَعِي هَذِهِ الْمَقْبُوحَةَ الْمَشْقُوحَةَ الَّتِي آذَيْتِ بِهَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -. قَالَ: وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ، فَجَعَلَ يُقَلِّبُ بَصَرَهُ فِي الْبَيْتِ وَيَقُولُ: «أَيْنَ زَنَابُ؟ مَا فَعَلَتْ زَنَابُ؟ «قَالَتْ: جَاءَ عَمَّارٌ، فَذَهَبَ بِهَا، قَالَ: فَبَنَى بِأَهْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ شِئْتِ أَنْ أُسَبِّعَ لَكِ، سَبَّعْتُ لِلنِّسَاءِ». فانظر كيف تعامل النبي مع ابنها ؟ كيف سأل على ابنتها بقوله «أَيْنَ زَنَابُ؟ مَا فَعَلَتْ زَنَابُ؟».
وكفل -صلى الله عليه وسلم - أولاد جعفر - رضي الله عنه - بعد استشهاده، فأمهلهم ثلاثاً قبل أن يأتيهم ثم جاءهم كما قال عبد الله بن جعفر: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ: «لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ»، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي»، فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ، فَقَالَ: «ادْعُوا لِي الْحَلَّاقَ»،، فَجِيءَ بِالْحَلاقِ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي «ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَشَالَهَا، فَقَالَ: «اللهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ»، قَالَهَا ثَلاثَ مِرَارٍ، قَالَ: فَجَاءَتِ أمُّنَا فَذَكَرَتْ لَهُ يُتْمَنَا، وَجَعَلَتْ تُفْرِحُ لَهُ، فَقَالَ: «الْعَيْلَةَ تَخَافِينَ عَلَيْهِمْ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟!».
لاتوجد تعليقات