رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 15 مارس، 2016 0 تعليق

مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية يعقد ندوة – حلول عملية للاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني

الحداد: دولة الكويت تمر بمنعطف خطير جدًا، وإذا لم يتم تصحيح المسار فإننا سنواجه مشكلات جمَّة في اقتصادنا الوطني

لابد أن نعيد اختراع أنفسنا؛ لأن الفكر الذي كنا نعيشه في الخمسينيات لم يعد مجديًا الآن، نحن نحتاج إلى فكر جديد في إدارتنا لأنفسنا وفي إدارتنا للحكومة

  من الخطوات المهمة في طريق الإصلاح كسر الاحتكار، وتشجيع المشاريع الصغيرة، لأن الاحتكار يقتل الإبداع، ويسبب التضخم

النفيسي: إقرار الميزانية دون ترشيد، يعني استمرار الهدر؛ حيث إن الإيرادات لا تغطي ثلثي قيمة الرواتب

كيف يمكن تحقيق الإصلاح ولا توجد رقابة ومحاسبة حقيقية، ولا توجد إرادة حقيقة للإصلاح؟

الخصخصة في الوقت الحالي مع عدم وجود (ضبط وربط) سيحولها إلى سرقة وتحويل معظم المواطنين إلى فقراء! نظرًا لاحتمال شيوع الاحتكار وسوء الخدمات المقدمة

باقــر: لابد من خطوات جادة وحاسمة  لوقف الهدر والفساد والإنفاق في أوجه لا تستحق، وتطبيق تقارير ديوان المحاسبة، ووقف المشاريع المبالغ في أسعارها

 الأهم من مراحل الإصلاح وجود نظام لديه مصداقية من الحكومة وقدوة حسنة ومساهمة من الجميع كل بحسب قدرته

 الإصلاح تأخر كثيرًا؛ مما سبب من الاختلالات،وعمَّقها، وأن مزيدًا من التأخير أو الإجراءات الخطأ، سيكون له كلفة أكثر فداحة على الوطن والمواطن في المستقبل

 

عقد مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية ندوة: (حلول عملية للاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني) التي استضاف فيها: النائب والوزير السابق أحمد باقر، والخبير الاقتصادي والإداري د. وليد الحداد، والاستشاري الاقتصادي والمدير العام لمركز الجمان للاستشارات الاقتصادية،  ناصر النفيسي.

منعطف خطير

     في البداية تحدث الدكتور وليد الحداد مؤكدًا على أهمية موضوع الاقتصاد، وأن دولة الكويت تمر بمنعطف خطير جدًا، مؤكدًا على أنه إذا لم يتم تصحيح المسار فإننا سنواجه مشكلات جمَّة في اقتصادنا الوطني، مضيفًا أنه منذ خمسين عامًا لم يتغير شيء، فلم نستطع إلى الآن إيجاد بدائل مناسبة عن الموارد النفطية، ثم أشار الحداد أنه في الثمانينات حدث انخفاض هائل في أسعار النفط وصل إلى خمسة دولارات؛ فاستشعرت الحكومة وقتها أنها أمام مأزق خطير؛ فتشكلت لجان التطوير الإداري في عهد رئيس مجلس الوزراء سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح -رحمه الله- وترأسها بنفسه، وهذه اللجان وضعت توصيات في غاية الروعة، ولكن أسعار النفط ارتفعت إلى ثلاثين دولارًا فتركت هذه التوصيات حبيسة الأدراج، وفي ظني أنه لو طبقت هذه التوصيات لشهدنا مسارًا مختلفًا الآن.

د.وليد الحداد

لابد أن نعيد بناء أنفسنا

ثم أكد الحداد على أنه لابد أن نعيد بناء أنفسنا، وأن نطور أسلوبنا في الإدارة، وأن نطبق ما يسمى بإعادة اختراع الحكومة، وهو من المفاهيم المميزة التي طبقتها العديد من الدول منها أمريكا في عهد (كلينتون)، وقد تطور هذا العلم تطورًا كبيرًا.

لذلك أرجو أن نعيد اختراع أنفسنا؛ لأن الفكر الذي كنا نعيشه في الخمسينيات لم يعد مجديًا الآن، نحن نحتاج إلى فكر جديد في إدارتنا لأنفسنا وفي إدارتنا للحكومة، وهذا الفكر يجب أن يركز على بناء اقتصاد إنتاجي واستغلال الثروات المادية التي نمتلكها.

منظومة للإصلاح

     كذلك أشار الحداد إلى أن الحديث عن الإصلاح لابد أن يكون ضمن منظومة متكاملة،  كوقف الهدر من خلال إصلاح الجهاز التنفيذي؛ فلا يعقل أن نقيم منظومة متطورة للحكومة ولدينا قانون الخدمة المدنية من 1979 لم يتغير إلى الآن، كذلك لا يمكن في ظل القيادات الحالية التي لا توجد طريقة واضحة ومعايير محددة لمحاسبتها وتقييم أدائها لكي نحقق إصلاحًا اقتصاديًا متطورًا.

إصلاح قطاع العمل

     كذلك من الأمور المهمة التي أكد عليها الحداد في سبيل الإصلاح إصلاح قطاع العمالة في الكويت، الذي يعد قطاعًا فوضويًا، ويكلف الدولة مبالغ هائلة، وليس لديه خطة ولا رؤية استراتيجية، فقطاع الأعمال يعاني اختلالات هائلة، ومن مظاهر الاختلالات: أن 95 % منها يعمل في القطاع الحكومي، و5 % فقط في القطاع الخاص، وهذا بخلاف الاقتصادات المتطورة، كذلك وجود عمالة ليست لها فائدة، منها على سبيل المثال وجود 170.000 كاتب، عندنا حوالي 100.000 وظيفة إدارية، عندنا 500.000 وظيفة تسويق ومبيعات أثرت سلبًا على الاقتصاد الكويتي.

إصلاح الميزانية العامة

     ثم تحدث الحداد عن إصلاح الميزانية العامة قائلاً: الأمر الآخر الذي أريد التحدث عنه هو إصلاح الميزانية العامة التي تدار بطريقة غير صحيحة تمامًا؛ فما زلنا ندير هذه الميزانية على نظام الصرف، وهذه الطريقة انتهت من العالم كله، فلابد أن توضع الميزانية لأجل تحقيق أهداف معينة تريد تحقيقها.

مصادر بديلة للدخل

     كذلك تطرق الحداد في حديثه إلى مصادر الدخل البديلة قائلاً: أقترح في هذا الشأن تخصيص جزء من دخل البترول إلى إحدى المؤسسات التي تعمل على إيجاد مصادر بديلة للدخل، كذلك لابد من تطوير الصناعات البترولية؛ فلا يعقل أنه إلى الآن نبيع 3 مليون برميل، نحن بإمكاننا إيجاد مداخيل هائلة تصل إلى 100 مليار إذا طورنا هذه الصناعة، وهناك استراتيجية رائعة وهي استراتيجية (مهاتير محمد) وهي استراتيجية 20/20؛ حيث كانت ماليزيا تشبه الكويت إلى حد كبير في اعتمادها على النفط والغاز، إلى أن جاء مهاتير محمد ووضع استراتيجية: أن تكون ماليزيا دولة صناعية متطورة في 2020، فوصل إلى هذا الهدف قبل أن يصل إلى 2020.

كسر الاحتكار

ثم أشار الحداد أن من الخطوات المهمة في طريق الإصلاح كسر الاحتكار، وتشجيع المشاريع الصغيرة؛ لأن الاحتكار يقتل الإبداع، كما أن الاحتكار يسبب التضخم.

إعادة الكويت بوصفها مركزًا تجاريًا منفتحًا

     ثم أكد على أنه لابد من إعادة الكويت مركزًا تجاريًا منفتحًا من خلال الشراكة مع الشركات الصناعية العالمية، ونحن نملك المال والأرض، ولاسيما الشركات التكنولوجية التي لا تتطلب عمالة كثيرة، ولابد أن نقدم لهم محفزات ونشترط عليهم توظيف كويتيين، فلدينا قرابة الـ 4.000 كويتي متخرج في الجامعات في انتظار الوظيفة.

زيادة دخل المواطن الكويتي

ثم أشار الحداد إلى عدد من الخطوات التي يمكن من خلالها زيادة دخل المواطن الكويتي منها على سبيل المثال:

- القضاء على التضخم، ومن أهم وسائل القضاء على التضخم كسر الاحتكار.

- لابد أن تكون التنمية من خلال شراكة اجتماعية؛ حيث كان من المفترض إنشاء 15 شركة تنموية في الكويت، ولم يتم هذا الأمر.

- إصلاح الدعم وتوجيهه لتحقيق أهداف اقتصادية وتنموية، فلابد أن يوجه الدعم للمنتج النهائي، فكيف أقدم الدعم لمن لم ينتج ولم يقدم خدمة حقيقية؟ وكيف نقدم دعمًا لمزرعة ولم يقدم صاحبها أي خدمة أو فائدة؟ كذلك الكهرباء منها 60 % للمؤسسات الحكومية، أما الدعم الاجتماعي فموجود في كل دول العالم ولا إشكال عليه.

جهة رقابية ضابطة

     وفي الورقة التي قدمها السيد ناصر النفيسي -المدير العام لمركز الجمان للاستشارات الاقتصادية- أكد في نقاط محددة على مجموعة من الأمور المهمة قائلاً: نحن مع رفع الدعم «جزئيا» عن الخدمات والسلع التي تقدمها الدولة مثل: (الوقود، الكهرباء، الماء، التموين.. إلخ)، لكن رفع الدعم وفقا لطريقة الحكومة السابقة المرتبطة بـ(الديزل والكيروسين) سيؤدي إلى موجة غلاء (هيستيرية) مؤكدًا على أن الحل يكمن في وجود جهة رقابية ناظمة وضابطة وضاربة أيضا يتوفر لديها الآتي:

1- بيانات السلع الأساسية وغير الأساسية ولاسيما أسعارها سواء الحالية، وحتى التاريخية.

2- توفر القدرة على احتساب أثر رفع الدعم على أسعار تلك السلع.

3- لديها القدرة على الضبطيات والعقاب السريع والمناسب، وفوق كل ذلك، الرادع!

ثم أكد النفيسي على أن من مظاهر تداعيات رفع سعر الديزل والكيروسين دون إعداد مسبق وجيد: (ارتباك، تلاعب، تضخم، تردد، تراجع جزئي، تعديلات ارتجالية، كثرة الاستثناءات التي أفرغت الموضوع من محتواه، خلق سوق سوداء).

السيد/ ناصر النفيسي

مظاهر الخلل

ثم تحدث النفيسي عن مظاهر الخلل والتناقض (السافر) ما بين تصريحات الحكومة وأعمالها مشيرًا إلى بعض عناصر هذا الخلل التي منها:

1- التأكيد على مكافحة الفساد، وتطبيق القانون يقابله صرف مكافآت مدير التأمين الهارب من العدالة في داخل الكويت وخارجها وبقيمة 400 ألف دينار رغم تجميد حساباته، طبعا «كما هو معلن»!

2- صرف الملايين على ألعاب نارية لمدة 50 دقيقة فقط، وتقدر مبدئيا، بـ5 مليون دينار، وهي كافية لبناء مركز صحي متكامل يخدم آلاف المواطنين لـ50 سنة!

3- رصد ميزانية بقيمة 102 مليون دينار لتحسين صورة الكويت عالميا، التشويه يستمر لسمعة الكويت وبمتصاعد خطير ودون رادع من جانب الفاسدين، والمواطنون يدفعون الثمن في وقت الترشيد، مثال: عندما تفيض (البالوعة) في البيت، هل نعالج طفحها؟ أم نكتفي برش المكان بالعطور والبخور؟!

مهزلة هيئة مكافحة الفساد

     ثم تحدث النفيسي عن هيئة مكافحة الفساد قائلاً: منذ صدور مرسومها، ونحن غير مستوعبين لذلك القرار، فهل من المعقول أن الجهة التي ترعى الفساد هي التي تنشئها، فبعضهم ينصحوننا باللجوء إليها عند حديثنا في قضايا الفساد المعروفة والكبيرة، ونرد عليهم، (من جدكم أم تمزحون؟) يجيبون: (من جدنا!) نرد عليهم: أنتم حالمون وتعيشون في وهم، وجاء اليوم الذي تم فيه نسف هيئة الفساد من جذورها واستحداث هيئة بديلة (لا تهش ولا تنش)!

معالجات خطيرة

ثم أكد النفيسي على أن هناك مجموعة من المعالجات والسياسات الخطيرة التي سيكون لها انعكاسات سلبية منها:

1- خفض الدينار الكويتي الذي سيؤدي إلى اشتعال نار التضخم؛ مما يؤدي إلى سخط شعبي عارم.

2- خفض الرواتب الذي سيؤدي إلى رد شعبي كاسح.

3- خفض الدعم خفضًا ارتجاليًا، وبالتالي، اشتعال نار التضخم؛ مما يفضي إلى غضب شعبي جارف.

وجميع تلك المعالجات قد تؤدي إلى تقويض كيان الدولة وتحويلها إلى فاشلة (رسميا)!

الخصخصة

وفيما يخص الخصخصة قال النفيسي: مطلوب تحديد تعريف ومفهوم واضح لطريقة الخصخصة.

- خصخصة بنقل ملكية أسهم الحكومة في الشركات إلى القطاع الخاص.

- خصخصة بنقل إدارة المرافق الحكومية إلى القطاع الخاص.

2- الخصخصة في الوقت الحالي مع عدم وجود (ضبط وربط) سيحولها إلى سرقة، وتحويل معظم المواطنين إلى فقراء! نظرًا لاحتمال شيوع الاحتكار وسوء الخدمات المقدمة، ثم ذكر أمثلة واضحة لسوء نتائج الخصخصة وفقا للوضع الفاسد الحالي السائد منها:

محطات الوقود

- ثلثا محطات الوقود مسيطر عليها من جهة واحدة، بل من شخص واحد!

- ماذا إذا امتنع الشخص عن بيع الوقود فجأة، لسبب أو لآخر؟!

- ماذا لو أضاف هذا الشخص مادة معينة تعطل محركات المركبات التي تتزود من ثلثي محطات الوقود التي في الدولة؟

- ناهيك عن شبهات غسيل الأمول من خلال حركة (الكاش) في حسابات شركة الوقود، فضلا عن حالات تهريب الديزل التي كبدت خزانة الدولة مئات الملايين من الدنانير.

- ورغم منع القوانين للوضع الاحتكاري الحالي فيما يتعلق بمحطات الوقود، لا يوجد موقف رسمي حازم تجاهها.

- وشركات محطات الوقود متملكة في شركات ورقية مدرجة في البورصة، وأفلست مؤخرا، وهذه الشركات تابعة للشخص المسيطر عليها، يعني سرقة في وضح النهار، والجهات الحكومية المراقبة والناظمة مهمتها التفرج، فقط لا غير، وربما، اكتفت بمقولة: الله لا يغير علينا.

العلاج في الخارج

وعن العلاج في الخارج قال النفيسي: إن هناك قلة يستحقون العلاج في الخارج وكثرة لا يستحقون، وقد تحول هذا الموضوع (الإنساني) إلى فضيحة كبرى بعنوان: (الرشوة العملاقة)!.

هل يمكن للإصلاح أن يتحقق؟

ثم ختم النفيسي حديثه متسائلاً عن إمكانية تحقيق الإصلاح في ظل الوضع الراهن؛ حيث لا توجد رقابة ومحاسبة حقيقية، ولا توجد إرادة حقيقة للإصلاح، ومن الأمثلة على ذلك:

- احترقت مصفاة النفط، لا يوجد مسؤول عن ذلك!

- تعطلت محطة توليد الكهرباء، لا محاسبة لأحد!

- احترق بئر نفط واشتعل شهورًا عدة، لا مبالاة!

- دفع غرامة 2.2 مليار دولار، لا يوجد تقصير، والمتسبب مجهول!

- ذهب البلد في 2/8/1990، لجنة تحقيق لسنوات ولا يوجد مسؤول!

- البلد في خطر داهم وربما البلد إلى زوال، مو مشكلة، عندنا حسابات بنكية وبيوت بالخارج!

خطوات جادة وحاسمة

     من ناحيته أكد السيد أحمد باقر في ورقته التي قدمها أنه لابد من خطوات جادة وحاسمة  لوقف الهدر والفساد والإنفاق في أوجه لا تستحق، وتطبيق تقارير ديوان المحاسبة، ووقف المشاريع المبالغ في أسعارها مؤكدًا أنه إذا لم يتم الإصلاح الاقتصادي بطريقة سليمة سيكون المواطن هو الضحية.

أحمد باقر

المطلوب لإصلاح الاختلالات

    وعن المطلوب لإصلاح الاختلالات الاقتصادية للدولة  قال باقر: الأهم من مراحل الإصلاح هو وجود نظام لديه مصداقية من الحكومة، وقدوة حسنة ومساهمة من الجميع بقدر قدرته وتوزيع الأدوار، مثلا الموظف الكبير قبل الموظف الصغير، التاجر قبل الفقير، الوافد قبل المواطن وهذه خطوط رئيسة وعند الانتقال إلى المراحل نرى كيف نطبق التفصيل على المقدمة.

مضيفًا أن تلك الخطوات تأخرت كثيرًا، وكلما تأخرت الدولة في الإصلاح كلما زادت الكلفة، مؤكدًا على أن  الخطوات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة متواضعة وأقل من الطموح وبعض الأخطاء زادت وتعمقت.

     ثم أشار باقر إلى بعض الأمثلة قائلاً: الخطط الخمسية التي أقرت في السابق كان فيها أهداف محددة يسمونها أهدافًا كمية، منها على سبيل المثال أن يزداد تعيين الكويتيين في القطاع الخاص حتى يصل 65 في المئة من الخريجين، إلا أنه لا يزيد عن 5 في المئة، والتركيبة السكانية كان من المفترض أن يزداد عدد الكويتيين الى 34 في المئة إلا أنها الآن بحدود 30 في المئة، وبالتالي فإن الأهداف الكمية للدولة لم تتحقق إلا بنسب متواضعة جدا.

مضيفًا: ومن الأخطاء التي تعمقت العلاج بالخارج الذي كانت كلفته حينما كنت بالحكومة 13 مليوناً سنويا، الآن أصبحت مئات الملايين وهو نتاج أحد الأمرين وهو إما أن تكون الخدمات الصحية تردت، أو أن هناك انفاقاً جارياً زاد كثيرا من غير سبب.

جرائم الفساد متكررة

     ثم أشار باقر أنه لا تكاد تمر سنة على الكويت إلا وتكتشف فيها جريمة كبيرة من جرائم الفساد، وهذه أموال التأمينات على سبيل المثال وتقارير ديوان المحاسبة تثبت أن هناك أموالاً ضائعة كثيرة وأموالاً للدولة لم تحصل عليها، وهذا يعد تراجعاً كبيراً، ونحن في مجلس 1992 ومجلس 1999 وحكومتي 2001، 2003 حققنا كثيراً من الإصلاحات لكن الآن حدث تراجع في الإصلاح بسبب كثرة الفساد.

المتسبب في الفساد

     وعن المتسبب في الفساد وتأخر الإصلاح قال: أعتقد أن المسؤول هما الحكومة والمجلس معا؛ حيث ساهما في زيادة الإنفاق الجاري وتراجع الإصلاح والتنمية في البلاد؛ فالمجلس عندما يقدم قوانين تنسف الخطة الخمسية، وتزيد من الإنفاق الجاري، وتضع مزيدا من الإغراءات للوظيفة الحكومية فيهاجر الشباب من الخاص إلى العام، وهذا هو خلاف الخطة، وكذلك عندما ينشئ المجلس خلال تشريعاته هيئات وهياكل تنظيمية جديدة مستقلة وملحقة على غير الخطة التي تقر بأن يقوم القطاع الخاص بهذه الخدمات والحكومة هي المراقب التي تنظم العمل.

     وهذا – بنظري- أدى إلى نمو القطاع الحكومي نموًا كبيرًا جدً، ا وهذا من الأخطاء الكبيرة التي حدثت حقيقة، وتحتاج إلى حلول جذرية، وبالتالي فإن مجلس الوزراء يجب أن يقف بقوة في وجه القوانين الشعبوية وقوانين الصرف التي هي خلاف القوانين تم إقرارها في المجالس السابقة التي حققت إيرادات للدولة.

سد العجز في الميزانية

     وعن سد العجز في الميزانية أكد باقر أن أفضل طريقة لسد العجز هو الإصلاح الاقتصادي ووقف الهدر وليس فقط زيادة تحصيل رسوم؛ فهي لا تكفي حتى 10 في المئة من العجز، فكما أعلن أن العجز 12 مليار دينار، والخطة الحكومية للترشيد كلها لا تتجاوز 1.5 مليار، وهذا لا يكفي والمطلوب إصلاح اقتصادي متكامل يتضمن زيادة الإيرادات غير النفطية.

(روشتة باقر)

وختم باقر حديثه بمجموعة من الحلول الإصلاحية سماها (روشتة) وهي خلاصة من الدراسات الصادرة عن البنك الدولي والجهات الاستشارية الأخرى وغيرها من الدراسات السابقة، وهي تعد خلاصة تجربة برلمانية وحكومية.

     وذكر في هذه الخطة أنه بعد الانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار النفط سارعت الحكومة إلى وضع تصوراتها بشأن رفع بعض الدعوم وبعض الإصلاحات الاقتصادية لعرضها على مجلس الأمة؛ ومما لا شك فيه الإصلاح قد تأخر جدًا؛ مما سبب كثيرا من الاختلالات وعمَّقها ومع مزيد من التأخير أو اتخاذ الإجراء الخطأ ستكون الكلفة أكثر فداحة على الوطن والمواطن في المستقبل؛ لذلك أرى أن يتم تطبيق إجراءات الإصلاح المنشود على مراحل مدروسة تنطلق بمصداقية، وتبدأ بالقدوة الحسنة، ويسهم فيها المسؤول قبل المواطن البسيط، والتاجر قبل الفقير، والقادر قبل محدود الدخل، وتسير بخطى ثابتة نحو إصلاح سوق العمل وتحرير الأراضي مع إسناد دور أكبر للقطاع الخاص مع ترشيد الإنفاق، ومستظلة بغطاء من الإعلام الهادف الذي يحقق وعيا شعبيا دافعا نحو الإصلاح؛ بحيث لا يتم الانتقال إلى المرحلة التالية إلا بعد نجاح المرحلة السابقة ونشر بياناتها ودلالاتها.

ولا شك أن هذا التدرج سيضمن قبولا شعبيا وبرلمانيا، وسيجنب البلاد الوقوع في مزيد من التأخير والوقوع في الجدل والأخطاء والله الموفق.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك