رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 2 مايو، 2018 0 تعليق

مدير العلاقات الخارجية في مركز (أبو هريرة) لـ(الفرقان): المسلمون في كندا يعملون على تحسين صورة المسلم في المجتمع الغربي

 


في بلد يتمتع بحرية الأديان واحترام الحقوق, يقدر عدد المسلمون فيه بحوالي مليون وربع أي ما يمثل 2% من مجموع السكان الكنديين, ينتشرون في أصقاع مختلفة وواسعة من أرجاء كندا, ومع انتشار المسلمين هناك انتشرت معهم المساجد والمراكز الإسلامية في أنحاء مختلفة من كندا؛ حيث يمارس المسلمون شعائرهم الدينية، ويتعايشون فيها من خلال مناسباتهم الاجتماعية؛ لذلك تأتي أهمية تلك المراكز، كونها تجمع بين أبناء الجالية المسلمة، وتزيد من روح الألفة والمحبة والتعاون فيما بينهم في أكناف هذا البلد الكبير، ومن هذه المراكز، مركز (أبو هريرة) في مدينة تورنتو؛ حيث التقينا مدير العلاقات الخارجية بالمركز الشيخ محمد حسن أحمد وكان هذا الحوار.

- متى تم تأسيس مركز (أبو هريرة) وما رسالة المركز؟

- تأسس مركز أبي هريرة رضي الله عنه سنة ١٩٨٩، وتم تسجيله رسميا لدى الحكومة الكندية، وتقوم رسالة المركز على مجموعة من الأهداف وهي: القيام بنشاطات دعوية وشرعية وتعليمية وثقافية واجتماعية، نشر قيم الإسلام العظيمة، وتقديم الخدمات للجالية المسلمة.

 

- ما أهم الإنجازات التي حققها المركز منذ إنشائه؟

- بفضل الله المركز لديه عدد من حلقات تحفيظ القرآن الكريم، بها حوالي ٣٨٥ طالبا، كما يقوم  المركز على برنامج (تعلم كيف تقرأ)؛ حيث يدرس به ٤٥ طالباً، كذلك ليدنا برنامج الحفظ المسائي للقرآن الكريم يومي السبت والأحد، فضلا عن مدرسة أبي هُريرة الإسلامية التي تعتمد نظام الدوام الكامل، كما يهتم المركز ببرامج تعليم اللغة العربية؛ حيث أصبح الطلاب قادرين على تكلمها بفصاحة في حفل التخرج .

- ما دور المركز الدعوي في المجتمع الكندي؟

- يقوم المركز بدور كبير في الدعوة إلى الإسلام في الأوساط الكندية؛ حيث يرسل بعض الشباب إلى الأماكن العامة؛ فيتحدثون إلى الناس ويجيبون على أسئلتهم، ويقومون بدعوة الراغبين منهم في معرفة الإسلام إلى المركز؛ حيث تتم استضافتهم بكرم وحفاوة، كذلك يقوم المركز بتوضيح رسالة الإسلام السمحة لغير المسلمين من خلال التواصل معهم عبر لقاءات مفتوحة، ودورات تعليمية عن الإسلام، وتصحيح بعض المفاهيم، وإزالة ما علق به من شبهات.

- ما أهم مشاريع المركز في الفترة الحالية؟

- من أهم المشاريع التي نسعى لإنجازها في الفترة الحالية هو مشروع استكمال مسجد الكويت، وهو من المشاريع الحيوية التي تمثل للمركز نقطة انطلاق كبيرة في تحقيق رسالة المركز ورؤيته في نشر الإسلام في المجتمع الكندي، وخدمة أكبر عدد من الجالية المسلمة هناك؛ حيث قامت إدارة مركز أبي هُريرة في مدينة تورنتو، في السنة الماضية ٢٠١٧، بإطلاق اسم (مسجد دولة الكويت) على المصلى الموجود في مبنى المركز الحالي؛ وبسبب ضيق المكان على الزوار والمصلين، قامت إدارة المركز بشراء مبنى كنيسة كبيرة محاذ للمركز؛ لتكون هي (مسجد دولة الكويت)، ويقع مسجد دولة الكويت في مكان استراتيجي من مدينة تورنتو، وهي المدينة الأكبر في كندا؛ وذلك على محور شبكة طرق رئيسية، في مكان مزدحم بالشركات الكبيرة.

- ما الأهمية التي يمثلها هذا المشروع؟

- تكتسب المساجد أهميتها- في الشرق والغرب معًا-؛ لأنها بيوت الله -عز وجل-؛ فيلجأ إليها المسلمون جميعًا، ليستنشقوا رحيق الإيمان، وسط حياة مادية، سريعة الإيقاع، كثيرة التقلب؛ فالمسجد واحة المغترب، ومأوى عابر السبيل، ومركز يتجمع فيه المسلمون، وفي الغالب الأعم إذا أراد أحد المهاجرين أن يختار سكنًا له، فإما أن يكون قريبًا من عمله أو من المسجد؛ فالدائرة التي تحيط بالمسجد تعد منطقة جذب للسكان من المسلمين؛ فإذا كان يذهب إلى العمل مرة واحدة في اليوم، أو يحتاج إلى الطعام ثلاث مرات كل يوم؛ فإنه يتردد على المسجد خمس مرات في اليوم والليلة، ناهيك عن الأنشطة الأخرى التي يقوم بها المسجد في غير أوقات الصلاة، من الدروس والمحاضرات والندوات، وإحياء المناسبات الإسلامية، والتجمع في المناسبات الاجتماعية من زواج وعزاء وغير ذلك، ومن ثم يقوم المسجد بدور مهم ورائد في حياة المسلمين المغتربين خارج ديار الإسلام؛ فهذا هو الدور الأصلي للمسجد، وليس لهم بديل عنه، إذا أرادوا أن يحافظوا على وجودهم وهويتهم الإسلامية.

- ما عدد المسلمين في منطقة المسجد؟

- تعدّ منطقة مسجد دولة الكويت أكثر المناطق ازدحاما بالمسلمين في كندا، ويقارب عدد المسلمين فيها حوالي ٢٠٠ ألف نسمة.

- ما أقسام مسجد دولة الكويت؟

< مصلّىً كبير  للرجال يتسع لأكثر من ١٠٠٠ مصلٍّ، ومصلّىً كبير  للنساء يتسع لأكثر من ٦٠٠ مصلّية، وقاعات للدراسة، ومكتب الإمام، ومكتب المؤذّن، ومطبخ للمسجد، وشقة سكنية للإمام، وشقة للمؤذّن، وغرفة خدمات للمسجد، ومواقف للسيارات.

- ما أبرز نشاطات المسجد ؟ وما الدور الذي يقوم به لرعاية الشباب ؟

- يقوم مسجد دولة الكويت بنشاطات عدة أهمها ما يأتي:

النشاطات الدعوية ورعاية المهتدين الجدد.

تعليم علوم القرآن الكريم، وتحفيظه للكبار والصغار في برامج صباحية ومسائية أيام الأسبوع وفِي أيام العطل، وذلك للحفاظ على الشباب المسلم في الغرب وحمايته من الضياع.

تعليم اللغة العربية للكبار والصغار.

تعليم الدراسات الإسلامية، وتعليم المبادئ والمثل العليا للإسلام.

إقامة المسابقات القرآنية المحلية والدولية.

- متى سيتم افتتاح المبنى الكبير لمسجد دولة الكويت، بإذن الله ؟

- بعد تسديد كامل ثمن مبنى الكنيسة، والموعد النهائي للتسديد ٣١ ديسمبر لهذه السنة ٢٠١٨ .

- ما قيمة الأقساط المتبقية من ثمن المبنى الجديد لمسجد دولة الكويت ؟

- تم بعون الله -تعالى- تسديد معظم الثمن الكُلِّي للمبنى، ويبلغ حوالي (مليونان وخمسون ألف دينار كويتياً)، وبقي القسط الأخير، وقيمته ٣٣٠ ألف دينار كويتيا، ونحن ننتهز هذه الفرصة من خلال مجلة الفرقان لنهيب بأهلنا الكرام في الكويت الحبيبة إلى المبادرة إلى الدعم المالي لمسجد دولة الكويت في كندا، ليستطيع القيام بدوره في خدمة أكبر عدد من المسلمين في كندا، وهذا من أعظم الأبواب لإنفاق الأموال في سبيل الله -تعالى.

- ما أهم التحديات التي تواجه الجالية المسلمة في الغرب؟

- لا شك أن هناك تحديات كثيرة تواجه الجالية المسلمة في الغرب، وأهم تلك التحديات هو خطرُ الذوبانِ والاندماج تدريجياً في حضارةِ الغربِ؛ حيثُ إن المسلمينَ عامة، وجيلَ الشبابِ خاصة، يتعرضونَ في هذه الديارِ إلى سياساتٍ رسميةٍ، تقومُ على تسخيرِ مؤسساتِ التعليمِ والقوانينِ لفرضِ طريقةِ العيشِ الغربيةِ على أبناء المسلمين وبناتهم.

فتقومُ مؤسساتُ التعليمِ بتلقينِ أبناءِ المسلمينَ المفاهيمَ والقيمَ الغربيةَ من حريةٍ شخصيةٍ ونفعيةٍ مادية، وتنشئتِهِم وِفق ثقافةِ الانحلال الأخلاقي وفوضويةِ الغرائز.

     لذلك يعد التحدي التربوي والتعليمي من أهم التحديات التي تواجه الجالية المسلمة في الغرب عموما؛ فثقافة أي مسلم تعتمد على المصادر الثقافية الإسلامية وفي مقدمتها القرآن الكريم والسنة الشريفة، ومفتاح هذه المصادر هي اللغة العربية، وهذه المشكلة يترتب عليها جهل حقيقي في فهم الإسلام؛ فعدم المعرفة باللغة العربية والاختلاف بين لغة الأقلية ولغة القرآن، يتسبب في فجوة كبيرة في الهوية الثقافية لهذه الأقلّيات، الأمر الذي يتسبب في خطر أكبر يهدد هذه الفئات من المسلمين في عقيدتهم نفسها، وحتى الأقلّيات التي تنحدر من أصول عربية أو شرقية تنطق اللغة العربية؛ فإنها تفقد علاقتها باللغة العربية بمرور الزمن، ولاسيما بالنسبة للجيل الثاني والثالث؛ مما يتسبب في الذوبان في نمط التفكير الذي تخلقه اللغة الأجنبية الجديدة، وهي حالة معقّدة من حالات الفقدان التدريجي للهوية.

التحدي الاجتماعي

     كذلك من أهم التحديات التحدي الاجتماعي، وتتسع مساحة هذا التحدي لكل ما له علاقة بواقع الأسرة المسلمة وعلاقات أبنائها مع بعضهم، والعلاقات الاجتماعية داخل الأقلّيات، وعلاقاتها بالوسط الذي تعيش فيه، ومقدار الحرية التي تسمح لها بامتلاك واقع اجتماعي مستقل، يحظى بالحقوق المدنية والدينية والسياسية التي تميز هويته الاجتماعية والثقافية والدينية عن تتسبب الأعراف والتقاليد الاجتماعية السائدة في البلدان الغربية في سلوكيات غير شرعية لدى الأقلّيات المسلمة.

- كيف نواجه هذه التحديات؟

- لاشك أن الحلول التي تطرح لعلاج أي مشكلة، تفترض دراسة واعية ودقيقة لواقع المشكلة وتفاصيلها وخلفياتها، لتأتي المعالجات منسجمة مع حقائق المشكلة؛ لذلك فإن الحلول العملية لمواجهة هذه التحديات تتمثل في الآتي:

الأولى: البناء والتحصين الداخلي.

الثانية: مواجهة التأثيرات المحيطة.

الثالثة: التأثير في الوسط المحيط .

وهذه المحاور الثلاثة لن تتحق إلا إذا تحول المسلمون إلى محاور للتأثير فيمن حولهم، من خلال السلوك الحسن والأخلاق الفاضلة، والكلمة الطيبة والدعوة الحسنة، وبث التعاليم والمفاهيم الإسلامية والتواصل الايجابي مع غير المسلمين، ليعطوا فكرة مشرقة عن الإسلام والمسلمين في أذهان الآخرين.

- ما واقع المسلمين في المجتمع الكندي؟

- بفضل الله يتمتع المسلمون في كندا بالحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية، وهم جزء لا يتجزأ من المجتمع الكندي، وتربطهم بغيرهم علاقات طيبة، ولأول مرة في كندا يتم تعيين وزير مسلم من أصول صومالية في منصب حساس جدًا، وهو وزير الهجرة والجوازات أحمد حسين، كذلك تم تعيين وزيرة أخرى مسلمة من أصول أفغانية وهي وزيرة شؤون المرأة، وهذا كله يعطي مؤشرات قوية على واقع المسلمين في المجتمع الكندي.

- كيف يمكن للمسلمين في الغرب أن يقوموا بدورهم المطلوب في نشر الإسلام في تلك المجتمعات؟

- يتحقق ذلك بأن يكونوا نموذجًا للمسلم الحق الذي يفتخر به الإسلام والمسلمون؛ فينمي ذلك المجتمع، ويساعد في نهضته وتنميته وعدم إفساده، وأن يقوموا بدعوة تلك المجتمعات بالحكمة والموعظة الحسنة، كما قال -سبحانه-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125).

-  كيف يتعايش المسلمين في كندا، وهل يجدون صعوبة في إيجاد دور فاعل لهم هناك؟

- المسلمون ناجحون جدًا في تفاعلهم مع مكونات المجتمع الكندي، وتربطهم بهم علاقات طيبة، والمجتمع الكندي متقبِّل لهم، وقد قام كنديون غير مسلمين مرّةً (لاختبار الشارع الكندي) بتمثيل لقطة فيديو، يقوم فيها شابٌ كندي غير مسلم بالتحدث بغضب وتهكّم إلى رجل مسلم يرتدي لباساً إسلامياً؛ فما كان من المارة إلا أن دافعوا عن المسلم دفاعاً قوياً أظهر تماسك المجتمع الكندي واحترامه لكل مكوناته.

- ما واقع المرأة المسلمة في كندا؟ وهل تعاني من تضييق بشكل أو بآخر؟

- المرأة المسلمة في كندا تتمتع بكامل حقوقها، والمجتمع الكندي يتقبلها، وكذلك تقوم المؤسسات والشركات بتوظيفها، دون تمييز بينها وبين غيرها.

- هل يتأثر أبناء المسلمين في كندا بالمجتمع الغربي ؟

- لا شك بأن هناك قسمًا من أبناء المسلمين يتأثر بالمجتمع الغربي وعاداته؛ وذلك بسبب الاختلاط الشديد به، في الدراسة والعمل.

- كيف يمكن حماية أبناء المسلمين في كندا من الذوبان في المجتمعات الغربية؟

- عن طريق تأسيس المدارس الإسلامية والمراكز الثقافية الإسلامية، والقيام بالنشاطات المتنوعة التي تجذب شباب المسلمين، وتقدم لهم البديل المناسب ضمن إطار التعاليم والقيم الإسلامية.

- ما دور المراكز الإسلامية في حماية أبناء المسلمين من الذوبان في المجتمع الغربي؟

- تقوم المراكز الإسلامية بدور كبير في حماية الشباب المسلم في الغرب من الانحراف وارتياد أماكن الفتنة، وذلك عن طريق تأسيس العلاقات الاجتماعية وتقويتها بينهم، والقيام بنشاطات رياضية وثقافية واجتماعية ممتعة.

ولا شك أن المراكز الإسلامية من أهم المؤسسات الإسلامية في الغرب عموما وفي كندا خصوصا، لكثرة انتشارها، وشدة تأثيرها، وفاعلية دورها؛ فهي تبدأ بالمسجد الذي يقوم بالدور التاريخي في العصر الأول من الإسلام، وهذا قد فرضته طبيعة الظروف المعاصرة التي يعيشها المسلمون في المهجر.

- كيف ترى مستقبل الإسلام والمسلمين في الغرب، وفِي كندا خصوصاً، مع ازدياد ظاهرة الإسلاموفوبيا؟

- المسلمون في كندا يحققون نجاحًا متزايدًا، ويبذلون جهدا كبيرًا في تحسين  صورة المسلم في عقول أبناء المجتمع الغربي، وذلك عن طريق ما يقومون به من نشاطات وبرامج في الإعلام، وفِي المناسبات العامة، وهناك الكثيرون من الكنديين غير المسلمين قد صار لديهم فضول لمعرفة دين الإسلام، ومركز أبي هُريرة يفتح أبوابه لهم، ويأتون إليه دومًا، وتتم استضافتهم والإجابة عن تساؤلاتهم من قبل شيوخ المركز.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك