مخاوف روسية من إقدام تركيا على إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل
كيف سيتمكن الجيش الروسي من الوصول إلى الشرق الأوسط إذا قررت أنقرة إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل اللذين يربطان البحرين الأسود والأبيض المتوسط؟ سؤال مهم قد يحدد شكل الصراع التركي الروسي في الأيام المقبلة.
من المعروف أن تركيا لا تستطيع إغلاق المضيقين قانونيا، وفقا لاتفاقية (مونترو) الموقعة عام 1936 في سويسرا، وتنظم هذه الاتفاقية مرور السفن في مضيقي البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة، وتنص على عدم حق تركيا في إغلاق مرور السفن خلالهم، إلا إذا كانت تنتمي لدول في حالة حرب مع أنقرة.
ويقول المحلل الروسي دميتري ليتوفكين إنه وفقا للاتفاقية، على تركيا الإبقاء على حركة السفن التجارية من جميع البلدان عبر المضيقين في وقت السلم ووقت الحرب. ومع ذلك، فإن مرور السفن الحربية يختلف بين الدول المطلة على البحر الأسود والدول غير المطلة على البحر. فمع مراعاة إخطار مسبق للسلطات التركية فإنها تسمح بمرور سفن حربية للدول المطلة على البحر الأسود من أي فئة عبر المضيقين في وقت السلم، أما في حالة مشاركة تركيا في الحرب، أو إذا ما رأت أنقرة أن ذلك يهددها مباشرة، فإن لها الحق في السماح أو منع مرور تلك السفن الحربية.
مخاوف روسية
ويخشى بعض الخبراء الروس، أن تستغل أنقرة هذه النقطة في الاتفاقية لتغلق المضيقين في وجه السفن الروسية المتجهة من البحر الأسود إلى البحر المتوسط. وفي هذا الخصوص، قال السكرتير الصحفي للكرملين (دمتيري بيسكوف)، إن «قواعد حركة الملاحة البحرية عبر أي مضيق يحكمها القانون الدولي - اتفاقية مونترو - وهنا بالطبع نحن نعول على ثبات قواعد حرية الملاحة في المضيقين».
في الوقت نفسه، بين بيسكوف أنه من الصعب التنبؤ بتصرفات القيادة التركية مستقبلا.
كيف تتصرف موسكو
وعموما، فإن كل شيء ممكن. إذاً كيف ستتصرف موسكو؟ من الواضح إلى الآن ألا حرب مع تركيا، وهو ما أكده الكرملين منذ بداية الأزمة. ولكن كيف يمكن تعزيز وحدات الجيش الروسي في سوريا، إذا أغلقت تركيا المضيقين؟
على هذا الصعيد قال القائد السابق لأسطول البحر الأسود الأدميرال إيغور كاساتونوف: إن الأتراك لن يغلقوا أبدا البوسفور والدردنيل، أما بالنسبة للسيناريوهات الافتراضية، فإنهم دائما سببوا لنا الأذى، وكنا دائما على استعداد.
وأضاف (كاساتونوف) «في أسوأ الحالات يمكن تجهيز عسكريينا في سوريا، على سبيل المثال، عبر إيران. من خلال هذا الطريق كان تمر خلال الحرب (العالمية الثانية) المساعدة الفنية العسكرية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في إطار برنامج الإعارة والتأجير. إذاً بخصوص هذه المسألة وضعنا حلولا للمسائل اللوجستية منذ فترة طويلة».
ووفقا للأميرال، فإن طرق الإمدادات تمر عبر الأراضي الروسية المطلة على بحر قزوين ثم إيران والخليج، ومن ثم بحرا حول شبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر، علما أن هذا الطريق أطول من طريق البحر الأسود.
ولا يمكن استبعاد -إذا لزم الأمر- تشغيل جسر جوي مباشر إلى سوريا باستخدام طائرات النقل العسكري الفائقة الثقل «أ.ن- 124» المعروفة باسم (روسلان). وتملك روسيا 26 طائرة من هذا الطراز؛ حيث تستطيع حمل ما يصل إلى 120 طنا. ورغم تكلفة الشحن الجوي ولكنه سريع وفعال.
ومن الجدير بالذكر أنه بناء على أوامر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، فخلال يومين فقط وفرت طائرات (روسلان) النشر السريع لأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات الجديدة «إس-400» في اللاذقية على الساحل السوري.
ومع ذلك، لا يوجد سبب حتى الآن لقلق العسكريين الروس. ووفقا لوزارة الدفاع الروسية، فإن السفن الروسية «لا تعاني من أي مشكلات في مرور المضيقين». وأخيرا، هناك طريق آخر يصل إلى البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق جبل طارق الواقع عند جنوب إسبانيا، ورغم طوله ولكنه يبقى طريقا احتياطيا.
لاتوجد تعليقات