رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر السياسي 1 أغسطس، 2016 0 تعليق

محمد زاهد جول: لا خلاف بين أردوغان والجيش…ونموذج مندريس لن يتكرر

وقع الانقلاب بسبب وجود شخصية (فتح الله غولن) التي تسعى للسيطرة على مقاليد الأمور بأساليب غير قانونية، ويتزعم تنظيماً موازياً بحسب تصنيف المؤسسات الأمنية والرسمية الحكومية

لا توجد خصومة بين رئيس الجمهورية المنتخب أردوغان والجيش وإنما الخلاف هو بين الجيش وتنظيم فتح الله غولن الإجرامي

الدول الغربية لا يهمها من يحكم تركيا وإنما تحقيق مصالحها ومن مصالحها إضعاف تركيا بعد أن بدأت تنافس الشركات الغربية الكبرى

غولن يملك شبكة دولية تخطط لعداء المنطقة العربية والإسلامية والدولة التركية غير معنية بفتح صراع علني مع هذه الدول بسبب الانقلاب

 

 

-  نقلاً عن جريدة الفجر الجزائرية.

 قال الكاتب والباحث السياسي التركي محمد زاهد جول: إنّ محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا سببها وجود شخصية كفتح الله غولن الساعي للسيطرة على الحكم في البلاد، بأساليب غير قانونية. ونفى جول وجود نزاع بين الرئيس أردوغان والجيش، وأكّد أنّ الخلاف هو بين الجيش و(الكيان الموازي). ولفت إلى أنّ مكمن الخطر في حركة (الخدمة) التي يرأسها فتح الله غولن ليس في أعمالها الخيرية، ولا في مدارسها وجامعاتها وشركاتها، ولكن الخطر يكمن في سلوك أتباع غولن مع غولن نفسه، وفي أخذهم بمبدأ التقية، واستدل جول بأنّ جنرالاً تابعا لغولن في الجيش التركي، يرى أنه ملزم بطاعة غولن أكثر من طاعته رئيسه أو رئيس الأركان؛ ولفت إلى استحالة تكرار نموذج مندريس لأنّ الجيش هو من دافع عن الشرعية.

واستبعد ضلوع دول عربية في الانقلاب؛ لأن فتح الله غولن لا يثق بالعرب أصلاً، كان هذا من خلال حواري الآتي معه:

-  لماذا الانقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان المنتخب ديمقراطيا؟

-  وقع الانقلاب بسبب وجود شخصية تسعى للسيطرة على مقاليد الأمور في تركيا، بغير الأساليب القانونية ولا الطرائق الديمقراطية، وهي شخصية (فتح الله غولن) الذي يتزعم تنظيم الكيان الموازي بحسب تصنيف المؤسسات الأمنية والرسمية الحكومية، وهي جماعة الخدمة التي انطلقت في تركيا قبل خمسين عاماً بصفة حركة خدمات للفقراء والمساكين من الشعب التركي، ولكنها تحولت مع الزمن إلى حركة مناوئة للحكومات التركية، وبالأخص بعد أن أصبحت الحركة لها صلاتها السياسية مع الدول الكبرى، وتقوم بنشاطات واسعة في أغلب دول العالم، فظنت أنها تستطيع أو تستحق أن تحكم تركيا دون أن ينتخبها الشعب التركي، لظنها أن الدول الغربية يمكن أن تمكنها من السيطرة على تركيا لتقاطع المصالح بينها وبين مصالح الدول الغربية في تركيا، أو على الأقل لإضعاف تركيا من وجهة نظر غربية، وقد فشلت هذه المحاولة يوم 15 يوليو 2016، فلم يكن يعنيهم أن أردوغان منتخب من الشعب بوصفه رئيس جمهورية، وكذلك لم يكن يعنيهم وجود برلمان وحكومة تركية منتخبة. 

-  ما طبيعة الخصومة بين أردوغان والجيش إن وجدت؟ وهل سيتكرر سيناريو الإطاحة بعدنان مندريس؟

- لا توجد خصومة بين رئيس الجمهورية المنتخب أردوغان والجيش، وإنما الخلاف هو بين الجيش والكيان الموازي، أي مع تنظيم فتح الله غولن الإجرامي، الذي تجسس على الجيش عام 2013، وقام بانقلاب ديسمبر 2013، وفشل في هذا الانقلاب أيضاً؛ لأن التمرد العسكري الذي قاده تنظيم فتح الله غولن فشل في السيطرة على الجيش، فقد خسر الانقلاب في خطوته الأولى؛ فوقف الجيش إلى جانب الشرعية والديمقراطية، ورفض الخضوع لتمرّد شرذمة من العسكر المتهوّرين. وفي مثل هذه الحالة لا يمكن أن يتكرر نموذج عدنان مندريس ولا غيره، وقد أعاد الجيش التركي شرفه وسمعته اللذين أهدرهما الانقلابيون بإسقاط حكومة منتخبة لعدنان مندريس عام 1960 وإعدامه، ولقد فتح الجيش التركي الآن صفحة بيضاء جديدة مع الشعب والحكومة المنتخبة ومع كل مؤسسات الدولة التركية الشرعية.

- هل كانت محاولة الانقلاب الأخيرة صناعة أمريكية أو أوروبية؟

- تقاطعت مصالح أمريكا وأوروبا مع مصالح الكيان الموازي في تركيا، وأمريكا لا تخوض انقلابات عن بعد، و(غولن) هو الذي عرض خدماته على أمريكا وأوروبا والفاتيكان، فهو بحسب أقوال أتباعه الأوائل عرض تعاونه على الفاتيكان، والفاتيكان حوّله إلى أمريكا، وأمريكا حوّلته إلى إسرائيل، فأصبح يملك هذه الشبكة الدولية التي تخطط لعداء المنطقة العربية والإسلامية، والدولة التركية غير معنية بفتح صراع علني مع هذه الدول بسبب الانقلاب، فيكفي أن تفضح ضلوع (غولن) في الانقلاب حتى يثبت أمام أمريكا بأنّه مخطط فاشل، ولا يستحق من أمريكا المراهنة عليه ولا دعمه، فالعلاقات التركية الأمريكية ينبغي أن تقوم مع الحكومات التركية المنتخبة من الشعب التركي فقط.

- وماذا عن مواقف العرب من محاولة الانقلاب الفاشلة ومصر تحديدا؟ هل لديكم معلومات عن تورط عربي فيها؟

- لا أظن أن الدول العربية شاركت في التخطيط المبدئي؛ لأن فتح الله غولن لا يثق بالعرب أصلاً، وربما الدول العربية لم تدرك خطورة تنظيم الكيان الموازي عليها قبل خطورته على الدولة التركية، فمن يحاول أن يفرح لأن الانقلاب وقع في تركيا من العرب فهؤلاء أولاً: قلة تائهة، وهي تعمل ضد نفسها وضد شعوبها.

ثانياً: حركة (فتح الله غولن) الفكرية خطيرة على الإسلام والمسلمين في كل العالم، وهذا مبعث تمسك الغرب به.

- باركتم إغلاق الأردن مدرسة تابعة لغولن..لمَ تُروّج حركة (حزمت) وأين يكمن خطر مدارسها؟

- مكمن الخطر في حركة الخدمة ليس في أعمالها الخيرية العامة، ولا في مدارسها وجامعاتها وشركاتها، ولا في أفكارها العصرية التي توصف بالتنويرية؛ فهذه أفكار في أحسن أحوالها اجتهاد إسلامي، لم يعترض عليها المجتمع التركي السني الصوفي المعتدل، ولكن مكمن الخطر هو في السلوك الفعلي لأتباع (غولن) مع (غولن) نفسه أولاً، وفي أخذهم بمبدأ التقية (السرية التامة وإظهار عكس ما يبطن) ثانياً، فأتباعه من الناحية العملية أخذوا من التصوف (كن بين يدي الشيخ كالميت بين يدي مغسله)، أو كالريشة في الهواء يحركها كيف يشاء، فهم يعاملونه عمليا بوصفه معصوماً، أو أكثر من معصوم، وإن لم يكتبوا ذلك في كتبهم، وهذا يعرفه أتباعه المقربون منه، ولكنهم ينفونه بالمبدأ الثاني (التقية)، فلو أن جنرالاً تابعا له في الجيش التركي، فهو يرى أنه ملزم بطاعته أكثر من طاعة رئيسه أو رئيس هيئة الأركان، وإن أظهر خلاف ما يبطن، وخطورة ذلك أن من أمره غولن باغتيال أردوغان وهو رئيس جمهوريته، فهو يقدم على اغتياله وهو يعتقد بأنه مثاب من الله، وسوف يدخل بذلك الجنة؛ ولذلك اتهم الرئيس أردوغان ورئيس وزرائه (يلدريم) هذه الحركة بأنها تشبه حركة الحشاشين، فهذه معتقدات حركة الحشاشين التاريخية، تعتقد بعصمة الإمام والسرية التامة والتقية، وبهذه العقيدة فإن أمريكا في خطر من هذا التنظيم أيضاً؛ لأن أوامر الشيخ مقدسة، وتعميم مثل هذه النظريات والمعتقدات الفاسدة مدخل إلى فساد معتقدات أتباعها من الأمة الإسلامية، كما فسدت معتقدات الباطنية من قبل، وهنا مبعث تحذير الدول العربية والإسلامية من هذه الحركة وهي في مرحلة الخدمة، قبل أن تصل إلى مرحلة الكيان الموازي الإرهابي كما حصل في تركيا.

- برأيكم هل ستسلم واشنطن (فتح الله غولن) لأنقرة كما حدث مع عبدالله أوجلان؟

- الأمر يعود لتقدير أمريكا لمصالحها في تركيا وفي العالم الإسلامي، فحركة فتح الله غولن تقدم خدمات لأمريكا في تركيا وخارج تركيا، وهي تريدها أداة تجسس في العالم الإسلامي، وأداة تنفيذ مشاريع ومصالح أمريكية في العالم وليس في تركيا فقط،  فحركة (غولن) أيدت انقلاب 1980 ضد أربكان مثلا، لأنه انقلاب أمريكي، وأيدت حزب العدالة في مرحلته الأولى نكاية بأربكان أيضا، وحتى يفرض (غولن) شروطه على أردوغان ثانيًا، فلما رفض أردوغان الخضوع لشروطه ومطالبه في تمكين جماعة الخدمة على حساب الشعب التركي، وقع الخلاف بينهما إلى ما وصل إليه؛ فغولن لا يؤمن إلا بالهيمنة والسيطرة والتزعم، ولكنه يظهر ما لا يبطن، وأردوغان مطالب بطاعة شعبه وتحقيق مصالحهم، وليس مصالح من يمسكون بالنفوذ فقط.

- كيف تقرؤون خطاب موقع (ويكيليكس) للأتراك: (استعدوا للقتال) وعن أي معركة يتحدث؟

- الدول الغربية لا يهمها من يحكم تركيا، وإنما يهمها تحقيق مصالحها، ومن مصالحها إضعاف تركيا، بعد أن بدأت تنافس الشركات الغربية الكبرى، ولو في تركيا على أقل تقدير؛ فالغرب يريد أن تبقى تركيا محتاجة إلى أوروبا وتابعة لها، وفي نظر حزب العدالة والتنمية أن مائة عام من التبعية للغرب كفاية وزيادة؛ فأخذ حزب العدالة والتنمية يعمل بجد لبناء تركيا الجديدة، دون الاصطدام مع الغرب، وهذا ما لم يرضِ الغرب؛ لأن الغرب يفضل قيادة تدعي الحرب معهم ولا تعمل شيئا، على قيادة تصادقهم، ولكنها تبني دولتها بجد، وعندما فشلوا في الانقلاب في تركيا لجؤوا إلى نشر أكاذيب الفساد بين أبناء الشعب التركي، على قاعدة فرق تسد إن لم تنجح بالانقلاب، ووثائق ويكيليكس لم يعد لها مصداقية ولا شرفية، وهي تتقصد الافتراء على أعداء الغرب أو من لا يخضعون للعرب، فحركة ويكيليكس أصبحت حركة مخابرات غربية فقط.

- نشرت مجلة (فورين بوليسي) مطلع الشهر الحالي مقالا قالت فيه: «القاعدة وداعش كانا موجودين قبل الحرب السورية في تركيا وسيبقيان بعدها»، وأنّ «أنقرة لم تفعل شيئا لمحاربة الجماعات الجهادية وهي تدفع ثمن سياستها».. ما تعليقكم؟

- هذه من الادعاءات التي نشرها تنظيم الكيان الموازي و(فتح الله غولن) ضد تركيا منذ سنوات، وقد أثبتت المحاكم التركية كذب هذه الجماعة في قضية جمعية خيرية أخرى في تركيا اسمها (تحشية)، اتهما التنظيم الموازي بأنها تابعة لداعش، وقد تبين للمحاكم التركية أن الكيان الموازي هو من يقف وراء هذه التهمة، وأن الحركة بريئة، ولذلك تعلق إعلام محور إيران بافتراءات هذه الحركة على الحكومة التركية بموضوع داعش، مع تمرير هذه الأكاذيب لبوتين أيضا، فخاضوا في أكذوبة لم يستطيعوا إثباتها، وكون الكيان الموازي يملك وسائل إعلام وفضائيات واسعة، فقد أوجد هذه الشبهات بأكاذيبه، وعند هذا التنظيم عقيدة ميكيافيلية (الغاية تبرر الوسيلة).

- كانت محاولة الانقلاب الفاشلة ضربة قاسية للجيش التركي، كيف ترون مستقبل هذا الجيش بعد اعتقالات شملت قياداته؟

- الجيش التركي سيخرج أقوى بعد هذا الانقلاب الفاشل؛ فالجيش هو من دافع عن الشرعية، وهو الذي ضرب الانقلابيين منذ الساعات الأولى، مثل القوات الخاصة والشرطة والمخابرات وغيرها، فاليوم الجيش التركي في أعز أيامه؛ حيث أصبح الشعب التركي يفتخر بجيشه، ولا يخشى أن يكون سببا في تأخر تركيا سياسيا ولا تدمير مشروعه النهضوي الاقتصادي، وعندما يتخلص الجيش من جراثيم الكيان الموازي فهو بالتأكيد سيكون أكثر صحة وقوة، والاعتقالات لم تشمل قيادات الجيش التركي وإنما من خان الجيش التركي أولاً، وخان الوطن ثانياً، وخان الأمة والشعب التركي أيضا، وخان حكومته الشرعية التي انتخبها الشعب التركي بإرادته الحرة.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك