رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: زين العابدين كامل 19 سبتمبر، 2018 0 تعليق

محاولات الأعداء و شمس الإسلام


لا شك أن تمسك الأمة المسلمة بدينها وثوابتها من أهم عوامل النصر والتمكين والنهضة، وفى فترة يسيرة فى حساب القرون والأزمنة، ظهر الإسلام وامتدت رقعته حتى حدود الصين، والهند، وأقصى الأندلس، وقلب إفريقية، وأنشأ حضارة متكاملة،وكان المرجو والمعقول أن تستمر هذة الحضارة، ولكن الذى حدث أن منحنى التقدم توقف لفترة، ثم بدأ بعد ذلك فى الهبوط الحاد؛ وذلك يعود إلى أسباب عدة منها:

     تفريط المسلمين فى دينهم ومنهجهم وثوابتهم، ثم الحملات الصليبية المتتابعة، وهذة الحملات أحدثت دويا هائلا، أدى إلى تراجع ملحوظ فى حضارة المسلمين وقوتهم، ثم حركة التغريب فى الوطن العربي؛ ولقد سعى الاستعمار إلى إيقاف شمس حضارة الإسلام التى ظلت مشرقة لقرون عدة متتابعة، وقد ظهر ذلك جليا فى أواخر عهد الخلافة العثمانية؛ فلقد نجح أعداء الأمة آنذاك فى استئصال كل الكفاءات المتواجدة على الساحة الإسلامية والعربية؛ وذلك فى ظل ضراوة الصراع القائم فى حينها، وأصبح العالم ينظر إلى دولة المسلمين على أنها (تركة الرجل المريض)، والكل ينتظر متى ينتهى أجله، وبدأت عمليات التغريب التى استمرت إلى وقتنا هذا.

     ومن هنا نقول: إنه لا تعارض بين الأصالة والمعاصرة؛ فإن الأصالة مصطلح يُعنى به الرجوع إلى الأصول، التي تعني عند أمة الإسلام الوحي المتمثل في الكتاب والسنة؛ لأنهما مصدرا التشريع الإسلامي، وهما الميراث الديني، والثقافي، والحضارى، وأما المعاصرة فهى تعني مواكبة العصر ومعايشته؛ فلكل عصر عصريته، والحداثة أو المعاصرة تعني عملية التغيير التي بمقتضاها تحصل المجتمعات المختلفة على الصفات المشتركة التي تتميز بها المجتمعات المتقدمة، والعصرية مصطلح يٌطلق على المجتمع إذا اتصف بها، وهى تعني مجموعة الخصائص البنائية التي تميز المجتمع العصري.

     وهذا التقدم والتطور فى الحياة المعاصرة، ليس فيه حرج، بشرط ألا يتعارض مع نصوص الوحى، أو يتعارض مع ثوابت الدين ، أما أن تكون المعاصرة هى محاولة تغريب العالم الإسلامي، وطمس هويته الإسلامية، وصبغها بالصبغة الغربية؛ فهذا هو المحذور؛ فلا مانع من التأثر بالثقافات الأخرى؛ فالتأثير والتأثر من خصائص أي حضارة، ولكن يجب أن تكون هناك معايير لهذا التأثر؛ بحيث يكون ما نتأثر به قائمًا على المصلحة  التي لا تتعارض، أو تؤثر على العقيدة وأحكام الشريعة، ولقد حقق الاستعمار الأوروبي هدفه في الاستفادة من المنشآت والاصلاحات المادية، التي قام بها وأحدثت قدرا كبيرا من التغريب فى مصر عن طريق العلوم والمناهج التى تٌدرس فى بعض المدارس، وها نحن أولاء الآن فى مجتمعاتنا نرى قدرا  قد انتشر من مظاهر التغريب، ، وتقليد سلوكيات الغرب وعاداتهم، والاحتفال بالأعياد التي ليست من الإسلام؛ فهذه هى مظاهر التغريب المذمومة؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه». قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!» متفق عليه.

     ومع ذلك فإننا نؤكد على أن شمس الإسلام ما زالت مشرقة، فإذا غربت فى مكان فإنها تشرق فى مكان آخر، أمتٌنا أمةٌ منصورة ظاهرة إلى قيام الساعة، لا تضعف فى ناحية إلا وتقوى وتنتصر فى ناحية أخرى؛ فعندما ضعفت الدولة العباسية، ظهر السلاجقة، ثم ظهر نور الدين فى الأراضى الشامية؛ ولما ضعف الإسلام فى الديار المغربية والمصرية، ظهر صلاح الدين بالدولة الأيوبية؛ ولما استعصت على الأمويين والعباسيين القسطنطينية، استسلمت للدولة العثمانية، وتحققت البشارة النبوية؛ ولما خرج المسلمون من الأندلس انتشر الإسلام  وسط افريقيا، والجزائر، وإندونيسيا؛ فهذة الأمة محفوظة بحفظ الله لها، وهو الذي يدبر لها أمرها، ومِن تقدير الله -تعالى- أنه في عام 656هـ، ولد (عثمان أرطغرل) مؤسس الدولة العثمانية، وهي السَّنة التي غزا فيها المغول بلاد المسلمين بقيادة (هولاكو)، وأسقطوا بغداد عاصمة الخلافة العباسية.

     لقد كان الخطب عظيمًا والحدث جللاً، والمصيبة كبرى، جاء التتار فهتكوا الأعراض، وسفكوا الدماء، وقتلوا الأنفس، ونهبوا الأموال، وخرَّبوا الديار، في تلك الظروف الصعبة وُلد عثمان مؤسس الدولة العثمانية؛ فبداية التمكين هي أقصى نقطة مِن الضعف، وتلك هي بداية الصعود نحو العزة والنصر.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك