رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 22 أغسطس، 2016 0 تعليق

محاولات إلغاء أصول عقيدتنا من أجل إرضاء أصحاب الهوى!!

     الكويت قبل استقلالها كانت وما زالت  تهتم بالمناهج التعليمية، وجعلتها جزءاً لا يتجرأ من خطتها الإصلاحية، ودعمتها بجزء كبير من الميزانية، وأنشأت لجنة للتأليف والتقييم والتعديل، وهي تُحكَّم من قبل أساتذة متخصصين من عدد من الجامعات، كما أخذت الكويت على عاتقها دعم التعليم في الدول الفقيرة أو حديثة العهد بالاستقلال؛ فأنشأت مدارس، وطبعت الكتب، وكفلت المعلمين، ووفرت الوسائل التعليمية للطلبة في تلك البلدان، وكان من ثمرة هذا الجهد والعطاء  تخريج طلبة تقلدوا مناصب مهمة؛ فأصبح منهم  الوزراء والقضاة والسفراء والأطباء والعديد من الكفاءات.

     ولما كانت المناهج ضرورة من ضرورات الحضارة؛ حيث إنها تصوغ عقول الشعوب، وتبني حضارتها، كما أنها من أهم العوامل التي توجد أفرادًا صالحين قادرين على الإسهام في الرقي والتقدم، بدأ أعداء الإسلام يوجهون سهامهم إليها  ولا سيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ حيث زعموا أن ما يُفرِّخ (الإرهابيين) بزعمهم هي تلك التعاليم الإسلامية التي يدرسها طلاب المدارس في الدول الإسلامية؛ ومن ثم أعلنت الحرب على المناهج الإسلامية من أجل تنقيحها من كل ما لا يريده الغرب وأعوانهم في بلاد المسلمين، بل وإحلال مادة تعمل على ترسيخ الاستسلام والخنوع والقبول بالأمر الواقع.

     وقد استغل خصوم الإسلام ظهور أمثال هؤلاء المتطرفين والإرهابيين الدخلاء على ديننا و-الجميع منهم براء- للطعن والنيل من المناهج الإسلامية؛ فجمعوا كل المواضع التي تخالف أهواءهم ومللهم ونحلهم وفساد قلوبهم وعقولهم رغم وجود أدلة قطعية صحيحة وإجماع من الصحابة والتابعين والأئمة، وطالبوا بإلغائها، والأمثلة على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال: ما ورد في المناهج من تحريم تقديس القبور والأضرحة وعبادتها والنذور والطقوس للأموات، والحلف بغير الله، وتعذيب النفس، واللعن والطعن، وسب الصحابة وأمهات المؤمنين، وغيره الكثير، وجمعوا كل ذلك وأوصلوه لأصحاب القرار لإلغائه بحجة أنه يؤثر على الوحدة الوطنية وينشر العداوة!!

     ولا شك أن مهمة التعليم تستخدم للخير لا للشر، ولنفع البشرية لا لضررها، ولا سبيل لذلك إلا بالتربية، التي ترسِّخ العقيدةَ وتغرسها في أعماق القلب، حتى لا تتصدّع بشبهة، ولا تنحني لشهوة، تربيةً إيمانية بعيدةً عن اللهو والعبث والمجون، أساسها القرآن والسنة، ومنهجها فهم سلف الأمة، وميدانها تربية النفس، تربيةً تجعل النفس تتعلق بمعالي الأمور، وتترفَّع عن سفسافها، فلا ترضى إلا لله، ولا تغضب إلا لله، ولا توالي إلا فيه، ولا تعادي إلا لأجله؛ فحاجتنا إلى القلوب العامرة بالإيمان ليست دون حاجتنا إلى الرؤوس المشحونة بالمعلومات، كيلا يكون النشء شيطانًا يرمي بشرره، وينشر الدمار والبؤسَ على العالمين، وكيلا تجرفه موجات إدمان المخدرات والأفكار المنحرفة والعقائد الضالة؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يترك المرءَ وهواه إذا آمن، بل يتعاهده بالتربية والتعليم، يعلّم أصحابه ذلك، فعندما أسلم عمير بن وهب رضي الله عنهقال -عليه الصلاة والسلام-: «فقِّهوا أخاكم في دينه، وأقرِئوه القرآن».

     وكان سلفنا الصالح يسمّون معلّم الأولاد المؤدّب والمربي، قال ابن المبارك -رحمه الله-: «تعلمنا الأدب ثلاثين عامًا، وتعلمنا العلم عشرين» وقال ابن سرين: «كانوا يتعلمون الهديَ كما يتعلمون العلم». وروى ابن المبارك عن ابن الحسن قال: «نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من حديث».

قال صلى الله عليه وسلم : «فإنه من يعِش منكم فسيرَى اختِلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخُلفاء الراشِدين المهديِّين من بعدِي، عضُّوا عليها بالنواجِذ، وإياكم ومُحدثات الأمور؛ فإن كلَّ بدعةٍ ضلالة»؛ أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وغيرُهم من حديث العِرباضِ بن سَارِيَة رضي الله عنه ، وقال الترمذي: (حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). يقول الشاطبيُّ - رحمه الله -: «والعقلُ إذا لم يكن مُتَّبِعًا للشرع لم يبقَ إلا الهوى والشهوة...».

     والواجب علينا ألا نسمح لأحد بالعبث في مناهجنا، فهذا يريد إلغاء حكم الخمر، والثاني يريد إلغاء حكم الربا والثالث يلغي حكم الزنا، والرابع يريد إلغاء آيات وأحاديث صحيحة؛ لأنها تخالف هواه، ولا شك أن هذا من الضلال البعيد.

     الأمر خطير جداً، ولابد من الانتباه لأبعاد تلك الحرب التي يقودها مرتزقة المجتمع المدني العلماني في العالم العربي الذين يقبضون التمويل، ويعدون التقارير عن المناهج، ويضغطون على الحكومات لتحقيق أغراضهم وأهدافهم الخبيثة. والآن بعد مرور ربع قرن على الإرهاب ومحاربته ظهر الإرهاب في كل الدول  ومن قبل كل الديانات، فالإرهاب لادين له ولا علاقة له بالعلم ولا المدارس ولكنه آفة خطيرة نتعاون جميعاً لاستئصالها بعيداً عن المساس بمناهج شريعتنا الغراء.

     لذلك لابد من مناصحة ولاة الأمور بالحسنى وبالأساليب المشروعة حتى لا  تلقى تلك الدعوات قبولا، وحتى لاتستجيب حكومتنا الرشيدة للضغوط التي يمارسها هؤلاء، وحتى لا تمحى البقية الباقية من الخير في بلادنا وفي مناهجنا.

     اللهم أصلح أحوالنا واجمع كلمتنا على الخير والحق، اللهم من أرادنا وأراد ديننا أو وطننا بسوء فاجعل كيده في نحره وتدبيره تدميرا عليه ولا تجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك