رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 3 أبريل، 2023 0 تعليق

محاضرات منتدى تراث الرمضاني الثالث 2- أهمية الإعلام في تعزيز القيم الإيجابية

                                   

ما زلنا في استعراض محاضرات منتدى تراث الرمضاني الثالث، الذي جاء هذا العام بعنوان: (أثر القيم الإسلامية في الحفاظ على المجتمعات)، واليوم مع المحاضرة الثانية التي جاءت بعنوان: (أهمية الإعلام في تعزيز القيم الإيجابية)، قدمها رئيس قطاع العلاقات العامة والإعلام سالم الناشي، وقد تضمنت عناصر عدة، كان أهمها: مقدمة: مفاهيم وتعريفات، ووكالات الأنباء الأقوى في العالم، وصناعة الإعلام، ومفهوم القيم، والإساءة للدين الإسلامي وللرسول وللعلماء، ونماذج من الفكر الإعلامي السلبي، وتشويه القيم في الإعلام، وخطورة الرسائل الإعلامية، والإعلام العربي السلبي، وكيفية الحد من الإعلام السلبي، وتعزيز القيم الإيجابية.

مقدمة عن أهمية الإعلام

     بين الناشي في مقدمته عن الإعلام أن العالم أصبح قرية صغيرة، فسماوات الإعلام أصبحت مفتوحة لكل أحد، وتمكنت وسائل الاتصال من كسر الحدود كافة، وتخطت الحواجز لتصبح في متناول الجميع، بل وصلنا إلى مرحلة (مطاردة الإعلام) للإنسان ومحاولة فرض قيمه وأفكاره، وهو الأمر الذي يزيد من خطورة وسائل الاتصال وقدرتها على تكوين الرأي العام العالمي والمحلي والشخصي.

السيولة المعلوماتية

     وأضاف الناشي أنه مما يزيد من صعوبة الأمر، حالة (السيولة المعلوماتية) التي يشتد تدفقها يوما بعد آخر، سواء عبر وسائل الإعلام الجماهيري أم التواصل الاجتماعي، فـ(الكثرة تغلب الشجاعة)؛ لذلك لم يعد كثيرون يميزون بين المعلومة الصحيحة والخطأ، وفي حالات كثيرة، تضيع الحقيقة خصوصًا وسط حالة الصخب التي تشهدها الساحة الإعلامية وفرض الآراء على أنها حقائق.

الحاجة للإعلام الإيجابي

     وأكد الناشي أنه في ظل هذا الواقع فقد أصبحت مجتمعاتنا بأمس الحاجة للإعلام الإيجابي، الذي صار سمة عالمية، وأصبح مهما العودة إلى نقطة البداية والعمل على تعزيز الدور الإيجابي للإعلام؛ فالأخلاق والمجتمعات لن تتقدم إلا بإعلام نقي مستنير، يؤدي دوره الأساسي في نشر القيم والمبادئ الإنسانية، إعلام يلبي احتياجات المجتمع، ويتصدى لكل ما يمس البناء الاجتماعي، من الدعوة إلى الابتذال والتشويه، إعلام يدافع عن القيم العليا وحق المجتمع في المعرفة، ويبث طاقات إيجابية لدى الجمهور، تمنحه قدرة على التفاؤل والعمل بفاعلية.

مفاهيم وتعريفات

ثم استعرض الناشي عددًا عن المفاهيم المتعلقة بالإعلام وذكر منها ما يلي:

(1) مفهوم الإعلام

هو نقل معلومة من جهة إلى أخرى عبر وسيلة لنقل الأخبار والمعلومات، وأيضا هو للترفيه والتسلية، ويسمي بالسلطة الرابعة.

(2) وسائل الإعلام

     هي أداة أو منفذ اتصال يُستخدم لتخزين المعلومات وتوصيلها إلى الأشخاص، فهي تشمل جميع الوسائط التي تسمح بمشاركة المعلومات باختلاف طريقة مشاركة هذه المعلومات بينهم، وتقسم إلى فئتين: وسائل تقليدية ووسائل رقمية، وسائل الإعلام التقليدية قبل الإنترنت، مثل: الراديو والصحف والتلفزيون (وسائل قديمة)، ووسائل الإعلام الرقمية بعد الإنترنت، وتشمل برامج التواصل الاجتماعي و(البودكاست) وألعاب الإنترنت والمدونات و(اليوتيوب)، وغالبًا ما يشار إليها على أنها (وسائط جديدة).

مفهوم القيم

     ثم عرف الناشي القيم فقال: القيم هي جملة المقاصد التي نسعى إما إلى تحقيقها؛ فيكون فيها صلاحـنا، أو إلى تضييعها؛ فيكون فيها فسادنا، وهي قواعد تقوم عليها حياة الإنسان، وهي -عموما- موجهات للسلوك والعمل.

منظومة القيم في الإسلام

     وعن هذه المنظومة قال الناشي: سأل جبريل -عليه السلام- ثلاثة أسئلة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، لخصت الدين الإسلامي ومنظومة القيم فيه، ونص الحديث الصحيح كما يلي: «كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: ما الإيمَانُ؟ قالَ: الإيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، وبِلِقَائِهِ، ورُسُلِهِ وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ. قالَ: ما الإسْلَامُ؟ قالَ: الإسْلَامُ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، ولَا تُشْرِكَ به شيئًا، وتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وتَصُومَ رَمَضَانَ. قالَ: ما الإحْسَانُ؟ قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ» وفيه تكملة.

     بين الناشي أن لدينا في الإسلام مرجعية عليا تحكم القيم هي مرجعية الشرع، وهي: كتاب الله وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -بفهم سلف الأمة ونسميه (الدليل)، قال الله -تعالى-: {إِنَّ هذا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (الإسراء 9)، و»الإيمانُ بضعٌ وسبعون شعبةً، أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ».

خمسة أحكام

كما حصر الشرع أقوال المسلم وأعماله في خمسة أحكام: واجب ومندوب ومحرم ومكروه ومباح.

- أولاً: الواجب: هو ما أمر به الشارع على وجه الإلزام، مثل صلاة الظهر وصيام رمضان، ويسمى الواجب فرضًا وفريضة وحتمًا ولازمًا، (يثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقوبة تاركه).

- ثانيًا: المندوب: وهو ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام والحتم، مثل قيام الليل وصيام ستة من شوال ويسمى المندوب مستحبا وسنة ومسنونًا ونفلاً، (يثاب فاعله امتثالاً ولا يعاقب تاركه).

- ثالثًا: المحرم أو الممنوع والمحظور، وهو ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام بالترك، مثل الربا وشرب الخمر، والمحرم (يثاب تاركه امتثالاً ويستحق العقوبة فاعله).

- رابعًا: المكروه، وهو ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام بالترك، مثل صلاة النافلة بعد الصبح، والمكروه (يثاب تاركه امتثالاً ولا يعاقب فاعله).

- خامسًا: المباح أو الحلال والجائز هو: ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته، مثل تناول الطعام والشراب، والمباح يتنقل، فالسفر للسياحة الأصل فيه أنه مباح، لكن إذا كان هذا السفر لبلاد الكفار التي يكثر فيها الفتن والفجور وانتشار الفواحش صار هذا السفر محرمًا؛ لأنه ذريعة للوقوع في الحرام.

العلم بأحكام الله

     يقول سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى-: «فإن العلم بأحكام الله يجب أن يكون مقدمًا على المعارف الأخرى، ولا مانع من التزود بالعلوم والمعارف الأخرى، ولكن لابد من تقديم الأصل الأصيل والركيزة الأساسية للعلوم كلها، وهو معرفة الدين عقيدة وسلوكًا وعبادة وأحكامًا مما لا يسع المسلم جهله.»

الأصل أن النهي للتحريم

     ويقول ابن باز في مسألة دقيقة: الأصل أن النهي للتحريم، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم»؛ فالأصل في النهي هو التحريم، ولا ينقل عن التحريم إلى الكراهة إلا بدليل يدل على ذلك، فإذا نهى عن شيء ثم فعله دل على أنه نهي للكراهة، مثلما نهى عن الشرب قائمًا ثم شرب قائمًا في بعض الأحيان دل على أنه ليس للتحريم، وأنه يجوز الشرب قاعدًا وقائمًا ولكنه إذا شرب قاعدًا يكون أفضل وأحسن، مثلما أمر بالقيام للجنازة، قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا ثم جلس في بعض الأحيان، دل على أن الأمر ليس للوجوب في هذه الحال.

      فالقاعدة أنه متى نهى عن شيء ثم فعله دل على أن النهي ليس للتحريم، بل للكراهة وترك الأولى، وإذا أمر بشيء، ثم تركه دل على أنه ليس للوجوب، وإلا فالقاعدة أن الأوامر للوجوب والنهي للتحريم، هذا هو القاعدة، وهناك جمع بين القرآن الكريم والسنة المطهرة بين الاعتقاد القلبي وبين السلوك القيمي (العمل الصالح) قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك