رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 17 أبريل، 2023 0 تعليق

محاضرات منتدى تراث الرمضاني الثالث – أهمية الإعلام  في تعزيز القيم الإيجابية    الحلقة الثالثة

  

ما زلنا في استعراض محاضرات منتدى تراث الرمضاني الثالث الذي جاء هذا العام بعنوان: (أثر القيم الإسلامية في الحفاظ على المجتمعات)، واستكمالا للحديث عن (أهمية الإعلام في تعزيز القيم الإيجابية)؛ حيث تحدثنا في الحلقة الماضية عن دور الإعلام في تعزيز القيم الإيجابية ودوره في تكوين الهُويَّة الإسلامية للأفراد والجماعات، ثم ذكرنا واقع الإعلام اليوم والأدوار الفاعلة المطلوبة منه، نكمل اليوم بالحديث عن الإعلام الخارجي وتشويهه للإسلام وثوابته وكيفية مواجهة ذلك.

     استغل الإعلام بشكل عام مساحة الحرية الممنوحة له؛ فتخطى في أحيان كثيرة القيود كافة لتصل إلى الافتراءات والمغالطات بقصد أو دون قصد؛ لغرض الإثارة أو التعصب العقائدي أو غير ذلك، وتمثل ذلك في الاساءة للدين الإسلامي وثوابته عموما، أو الإساءة لرموزه، كالإساءة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو للصحابة أو لأئمة المسلمين أو العماء، أو الإساءة للقرآن الكريم، كما حدث مرارًا في حوادث حرق القرآن، والرسوم الكاريكاترية، والأفلام السينمائية المشوهة، وإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام.

أسباب التشويه الإعلامي الخارجي للإسلام

     لم يكن صعبًا على مختلف مكونات الإعلام الغربي في فترة من الفترات العمل على إشاعة الخوف من الإسلام، وإحداث نوع من الإقناع لدى الإنسان الغربي بأن الإسلام دين مخيف؛ ولذلك تم العمل على إيجاد صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، تجرد الإسلام من كامل خصائصه وملامح حضارته الإنسانية، والواقع أن هناك أسبابا وبواعث كثيرة تدفع الإعلام الغربي، بمختلف مكوناته، إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين، لعل أبرزها ما يلي:

أولا - الجهل وسوء الفهم

     تُمد مختلف مكونات الإعلام الغربي، المرئية والمسموعة والمكتوبة، القراء والمشاهدين بالأفكار المغلوطة والصور الذهنية السلبية عن الإسلام والمسلمين، مما هو ناتج، في بعض الأحيان، عن جهل مطلق بحقائق الإسلام وتعاليمه، وسوء فهم كبير لقيمه وثقافته المتميزة، كما أن من أكبر أسباب الجهل وسوء الفهم لدى الغربيين بالإسلام أن كثيرا من الحقائق والتعاليم والقيم الإسلامية بقيت غير معروفة، خصوصا تلك القيم والمثل المرتبطة بوسطية الإسلام وسماحته، ودعوته الخالدة إلى الحوار والتعايش، ونبذ العنف والتطرف، وربما لو عرفها عموم الغربيين لكان لها أكبر الدور في تحسين صورة الإسلام وإزالة سوء الفهم الموجود اليوم.

ثانيا - الإرث الاستعماري

     واقع الاستعمار الغربي للدول الإسلامية كان منبعًا جائراً لكثير من الصور الزائفة التي صنعها الغرب، وهي الصور النمطية التي عادت لتزكي المخيلة الغربية نزعة الاستعمار والاستعلاء والرغبة المستمرة في الاحتواء، وذلك بصناعة صورة الآخر عن الإسلام وحضارته، تلك الصورة التي نمت مكوناتها لتسوغ للغرب نفي الآخر الإسلامي من جهة، ولتشحن الشعوب غير الإسلامية بالعداء للإسلام.

ثالثا - سلوكيات بعض المسلمين المتطرفة

     ينبغي ألا ننكر أن أفعال بعض فئات المسلمين كافية لكي يحصل الخلط لدى الآخرين، بين مبادئ الإسلام وتعاليمه، وتصرفات بعض المسلمين التي يتبرأ منها الإسلام، وتسهم في ترسيخ صور نمطية سلبية عن الإسلام والمسلمين في أذهان الغربيين، وهكذا، فإن الإعلام الغربي يصر على الربط بين ظاهرة الأصولية الإسلامية، وحركة التدين بصفة عامة، مع الإصرار على التركيز على بعض السلبيات، مثل: الغلو والتشدد والتطرف وأحداث العنف، من جانب هذه الجماعات عند الربط بينها وبين الإسلام والمسلمين.

رابعا - الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا)

     تعتبر لفظة (الإسلاموفوبيا Islamophobie) المصطلح الأكثر تعبيرا عن عقدة الخوف والهلع من انتشار الإسلام ونفوذ قوته الدينية والثقافية والبشرية داخل المجتمعات والدول الغربية، ويمكن إجمال أسباب تفاقم الخوف من الإسلام واستمراره فيما يلي:

- قدرة الإسلام على الانتشار والامتداد بسرعة مذهلة، وإقبال الغربيين على اعتناق الإسلام بكثافة، وتلقائية وطواعية واقتناع؛ مما يدفع إلى التخوف من احتمال تناقص أتباع المسيحية لمصلحة الإسلام.

- تزايد أعداد العرب والمسلمين وأبنائهم في البلدان الغربية، ودخول نخبة منهم تحت قبة البرلمانات الغربية وفي الوظائف العامة المهمة؛ مما يدعو الغربيين إلى التوجس من احتمال بروز دور قوي للجاليات العربية والإسلامية في القرارات السياسية للدول المضيفة.

 

 

توصيات لمواجهة حملات التشكيك في الإسلام

- توحيد جهود المؤسسات الأكاديمية الإعلامية والهيئات المختصة بالشؤون الإعلامية في العالم الإسلامي، ووضع استراتيجية إعلامية متكاملة؛ لتصحيح الصورة المشوهة عن الإسلام والمسلمين.

- إقامة منتدى فكري عالمي، يسعى إلى فتح قنوات للحوار مع العلماء والخبراء والأكاديميين في الغرب، حول كل ما من شأنه إبراز المفاهيم الصحيحة للإسلام وإزالة مظاهر سوء الفهم.

- تشجيع المبادرات الذاتية للأفراد المؤهلين من المهنيين وأساتذة الإعلام؛ من أجل توظيف مهاراتهم لإبراز الصورة الصحيحة للإسلام والمسلمين وتفنيد الأكاذيب التي تثار حولهم.

- دعوة منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها إلى وضع التشريعات والقوانين التي تمنع التطاول على الرسالات والأديان السماوية.

- ضرورة إنشاء جهاز إعلامي إسلامي للبحوث، يتولى رصد واقع ما يقدم عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية وتحليله، وإعداد الدراسات العلمية والحقائق التي يعتمد عليها في الرد على ما يقدم من صور مشوهة أو إساءة تتعلق بالمسلمين وثقافتهم ودينهم.

- ضرورة إنشاء جهاز إسلامي للإنتاج الإعلامي، يتولى إنتاج برامج وأفلام وتقارير إخبارية وغيرها؛ بحيث تتناول الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين، ونقلها للشعوب الأخرى من خلال القنوات الفضائية وشبكة الانترنت وبلغات الشعوب الغربية.

- الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال الحديثة في مجال الفضائيات والانترنت؛ بإنشاء قنوات إسلامية موجهة بلغات الدول الغربية، وكذلك مواقع إسلامية على شبكة الانترنت لشرح الإسلام ومبادئه للشعوب الغربية.

- إنشاء شبكة إسلامية للمعلومات، يتم من خلالها نقل المعارف والمعلومات في مختلف الدول الإسلامية بما يساعد على تبادل المعلومات والخبرات ولا سيما في المجالات المرتبطة بتصحيح صورة الإسلام والمسلمين لدى المجتمعات الغربية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك