رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 19 أغسطس، 2013 0 تعليق

مجلة (فورن بوليسي): الليبرالية المـصــرية «ليـــبراليــة مظلمــة»

شنت مجلة (فورن بوليسي) الأمريكية هجوما لاذعا على الليبراليين المصريين فَتَحْتَ عنوان «الجانب المظلم الليبرالي» قال الكاتب الأمريكي (جيمس تروب) في مقال له: «أحد أبرز الملامح المروعة للانقلاب هو التبني الكلي تقريبا من الناشطين الليبراليين في مصر لمبدأ تفضيل حكم الجيش عن الإسلاميين المنتخبين، حتى لو أن ذلك يعني سحق الإخوان المسلمين بذات الوحشية التي سحقت بها حكومة حسني مبارك ذات يوم الليبراليين أنفسهم والإخوان أيضا».

     تعوّدنا على الازدواجية في تعامل أتباع الفكرة الغربية مع كل مصطلح أو قيمة غربية يتم إيفادها إلى واقعنا العربي والإسلامي، فكثير ما رأينا لهؤلاء الأتباع نظرات مختلفة لفلسفات الغرب بعد تمكنها من الواقع العربي، وقد كانت الليبرالية واحدة من هذه الفلسفات التي كثر حولها اللغط (العربي) وتباينت في قراءتها الآراء.

     فبرغم وضوح المنطق الليبرالي في الغرب، ووجود أكثر من تنظير قوي له، إلا أن الناظر المدقق لا يكاد يرى لهذا الوضوح في مجتمعاتنا-بين ليبرالي العرب- أي وجود، بل على العكس رأينا منهم ازدواجية وتخبطاً ونفاقاً ثقافياً ومعرفياً غير مسبوق.

     ونظرا لفجاجة هذا الأمر لاسيما هذه الأيام-في ظل محاولات كسر الثورات- أوضحت مجلة (الفورين بوليسي) الأمريكية في تقييمها للمشهد السياسي الراهن في مصر، أن حالة التخبط السياسي في مصر جعلت الليبراليين في حالة تدمير ذاتي لدعمهم الحكم العسكري؛ حيث تخلى النشطاء الليبراليون في مصر-بحسب رؤية المجلة- عن مبدأ ديمقراطي عالمي؛ عبر تفضيلهم حكمًا عسكريًّا على رئيس إسلامي منتخب؛ حيث أشارت المجلة إلى مواقف الليبراليين الداعمة للانقلاب العسكري في مصر، وتبنى الليبراليون أفكار العسكر لإقصاء الإسلاميين عن المشهد السياسي والفكري في مصر.

     وبحسب المجلة الأمريكية فإن الليبراليين استبدلوا نظامًا قمعيا بنظام انتخابي، وهنا سيقوم هذا النظام بقمعهم وسيكون وحشيًّا؛ حيث أشارت المجلة إلى الممارسات القمعية التي قام بها النظام الانقلابي فور إقصائه لأول رئيس مدني منتخب، كقتل مئات المصريين عبر مذابح عدة، كان من ضمنها مذبحة الحرس الجمهوري التي مات فيها أكثر من 83 شخصاً.

     وأضاف (تروب): «كيف يمكننا تفسير تلك العقلية الجديدة التي تبدو تماما تدميرا ذاتيا؟ لو كانت مفاصل الدولة المدنية والعلمانية..البيروقراطية، الشرطة والجيش، تركوا السيطرة لحكومة الرئيس محمد مرسي، كان يحق لليبراليين حينئذ الوصول لذلك الاستنتاج المتناقض بأن القوة العسكرية وحدها هي القادرة على استعادة النظام الديمقراطي، ولكن بالقطع الأمر لم يكن كذلك».

     ومما قاله الكاتب في مقاله: إن ما حدث في مصر ليس «ثورة ثانية» ضد حكم استبدادي، مضيفا: «لا يمكن لأحد أن يقول إن ثورة غير ديمقراطية قامت بها قوة ديمقراطية هي مرحلة من مراحل التطور».

     وختم الكاتب مقاله بقوله: «طريق مصر منح بريقا ديمقراطيا لقمع عسكري، فالشرطة والجيش قتلا مئات المحتجين، بعضهم بأسلوب الاغتيال، وبعد مذبحة راح في إثرها 83 مدنيا، أعلن وزير الداخلية أنه أعاد مباحث أمن الدولة المكروهة».

     فتلك شهادة من أحد كتاب الغرب يستنكر فيها خذلان الليبراليين لما ينسبونه لأنفسهم من قيم التسامح وقبول الآخر، كاشفاً عن بواطن هؤلاء الليبراليين المتشبعة بحب السلطة والسيطرة، ولو جاء ذلك من فوق الدبابات وعبر فوهات المدافع، ولو أبيد في سبيل ذلك نصف شعب أو يزيد.

     فالليبرالية مذهب نفعي بحت، لا يحترم قيمة، وليس له مبدأ ثابت، فمبادئه وقيمه؛ حيث توجد مصلحته، فبعد أن كان الليبراليون العرب- سيما المصريين- يعلنون رفضهم التام لأي شكل من أشكال عسكرة الدولة، رأيناهم اليوم ينظِّرون لهذه العسكرة، بل ويبررون أساليب العسكر لقمع كل من يعارضهم.

المصدر:  مركز التأصيل للدراسات والبحوث

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك