رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 8 أغسطس، 2016 0 تعليق

مجلة الفرقان وذكريات الغزو .. المطبوعات الإسلامية ستعود قريباً

العدد الأخير قبل الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت من مجلة (الفرقان) هو العدد التاسع من السنة الثانية والصادر في ذي الحجة (1410هـ) الموافق يوليو (1990م)، وكان عدد الشهر الذي يليه مقدرا له أن يصدر مع إطلالة شهر أغسطس (1990م)، ولكن الغزو الغاشم حصل في 2 أغسطس، وكانت مجلة (الفرقان) من المجلات الإسلامية التي كانت تهتم بالشأن الإسلامي عموما؛ فقد تطرقت كلمة العدد الأخير قبل الغزو إلى خطورة مخططات الأعداء التي تسهتدف «تفتيت  الدول العربية إلى دويلات عدة على الأساس الطائفي والعرقي؛ ليسهل  على إسرائيل السيطرة عليها».

وحذرت المجلة القادة العرب من «التصريحات الفارغة والتهديدات الجوفاء التي تحرك المجتمع الدولي ضدنا دون أن تنفعنا بشيء». أما العدد الذي صدر بعد تحرير الكويت فقد كان في العدد العشرين للسنة الثالثة من ربيع الآخر (1412هـ) الموافق نوفمبر (1991م).

وكانت كلمة (الفرقان) حول الأحداث التي تلت الغزو الغاشم فقالت: «وكشفت تلك الأحداث كثيرا من مواطن الخلل والتفكك في الجسد الإسلامي التي كانت مغطاة بقشرة خفيفة من الشعارات البراقة والكلمات الرنانة والمجاملات الرخيصة».

وأشارت كلمة (الفرقان) إلى أن هناك من يظن «بأن جميع مشكلاتنا وويلاتنا نابعة من أعداء الأمة الظاهرين، ونحن لا ننكر ما لهؤلاء الأعداء من دور كبير في تمزيق أمتنا واستعباد شعوبنا، لكنناكذلك يجب أن ندرك بأن في هذه الأمة من المنافقين الذين يلبسون ثوب الإسلام ويتكلمون بلسانه من هم أشد خطرا وأعظم أثرا من الأعداء الظاهرين». وقد نشرت مجلة الدعوة لقاءً صحفياً مع نائب رئيس التحرير وأثناء الغزو بتاريخ 9/11/1411هـ الموافق 23/5/1991م، والفرقان تعيد نشره في ذكرى الغزو.

مجلة (الفرقان) الإسلامية الكويتية.. صوت ومنبر إعلامي إسلامي، قوي ومؤثر، أصابه ما أصاب الأمة الإسلامية جمعاء؛ نتيجة الأحداث الجسيمة التي ألمت بالكويت من جرّاء الاحتلال العراقي الغادر لها في الثاني من أغسطس الماضي، فتوقفت عن الإصدار، وشرد العاملون في (الفرقان)، وصودرت المطبوعات، وسرقت مطابعها ومكاتبها، ومركز المعلومات فيها، والآن بعد أن تحررت الكويت وعاد لها أهلها، وبدأت تداوي جراحها، بدأت الجماهير المسلمة تسأل: أين الصحافة الإسلامية التي كانت تصدر قبل 2 أغسطس الماضي؟! أين (الفرقان) و(المجتمع) و(النور) وغيرها من المنابر الإعلامية الإسلامية؟! هل ستعاود الصدور؟ ومتى؟! هذه الأسئلة وغيرها كانت محور حوارنا مع المهندس سالم أحمد الناشي مدير تحرير مجلة (الفرقان) الإسلامية الكويتية، الذي أكد فيه أن (الفرقان) ستعاود الإصدار مرة أخرى قريبا -بإذن الله- ومثلها الصحف الإسلامية الكويتية الأخرى.

-  وقد تطرقنا في حوارنا مع مدير تحرير (الفرقان) إلى الصحافة الإسلامية والإعلام الإسلامي وهموم الكتاّب والإعلاميين الإسلاميين وقضايا الأمة الراهنة وكويت المستقبل، وقد قال الأستاذ سالم أحمد الناشي: إننا ينبغي أن ندعو لأسلمة الإعلام، أي أن نجعل الإعلام كله إعلاما مسلما: الفكرة والهدف والوسيلة، وقال: إن على الصحافة الإسلامية أن تطور نفسها، وأن توسع قاعدتها الجماهيرية ولا تصبح صحافة محدودة ومتخصصة وذات إطار ضيق.

أما عن كويت الحاضر فقال الناشي: إنها تعيش فترة انتقالية صعبة بسبب الدمار الشامل الذي لحق بها. وحول كويت المستقبل قال: إنه منوط بالكويتيين جميعا أفرادا ومؤسسات وحكومة، وأن الانطلاقة لا بد أن تكون إسلامية شاملة -بإذن الله-.

 

      والأستاذ سالم الناشي فضلاً عن كونه مديرا لتحرير (الفرقان) وأحد الكتاب الإسلاميين في الكويت، فهو مهندس ميكانيكي يشغل وظيفة مساعد مدير مركز تدريب الكهرباء والماء في الكويت، وهو عضو سابق بمجلس إدارة جمعية المعلمين الكويتية، وله كتاب عن (المشكلة السكانية في الكويت)، فضلا عن العديد من الأبحاث والكتابات في الصحف والمجلات الكويتية. وفيما يأتي نص حوارنا مع مدير تحرير (الفرقان):

- كيف كانت البداية في مجلة (الفرقان)؟

- قال: بدأت (الفرقان) في إصدار أول عدد لها في يناير 1989م، وذلك بعد أن تم إعداد الكوارد الصحفية الشابة والمؤمنة بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والتغلب على بعض المشكلات الإدارية من الحصول على امتياز للنشر وإنهاء المشكلات الفنية لمشكلات الإخراج والطباعة والتوزيع، وأخيرا النواحي المادية، وعندما انتهينا من حل هذه المشكلات كانت الانطلاقة.

درسنا جميع المطبوعات الإسلامية

- لوحظ أن بداية أي عمل صحفي إسلامي غالبا ما يتسم بغياب الحرفية الصحفية والفن الصحفي في المطبوعة؛ فكيف تغلبت (الفرقان) على هذا الأمر في البداية؟

- لقد كان هاجس مجلس إدارة (الفرقان) البداية المتطورة، فحرصنا على دراسة كافة المطبوعات الموجودة ولاسيما الصحف والمجلات الإسلامية، وكان همّنا الأكبر ألا نكون تكرارا لغيرنا، وألا تكون بدايتنا من الصفر،  ولكن أن نقدم الجديد والمتميز بعون الله -عز وجل- وأن نبدأ من حيث انتهى غيرنا؛ حيث نواصل معا المسيرة، فكان الاهتمام منصبا على أن تكون (الفرقان) قوية في حجتها، فنية في حرفتها، متطورة في أسلوبها الصحفي؛ ولذلك انصب اهتمامنا على ثلاثة محاور أساسية هي: قوة المادة الصحفية، والإبداع في الإخراج الصحفي، وجودة الطباعة.

استراتيجية (الفرقان)

- لكل وسيلة إعلامية مقروءة استراتيجية عامة تحكم الإطار الإعلامي الذي تخاطب الناس من خلاله، فماذا عن استراتيجية (الفرقان)؟

- استراتيجيتنا تنطلق من أننا مجلة إسلامية تُعنى بشؤون المسلمين في جميع بقاع العالم، وتسعى جادة لتوصيل كلمة الحق وتبصير الناس بدينهم، ومناقشة جميع القضايا والآراء الخاصة بالأمة.

المنهج السلفي

- انتهجت المجلة (المنهج السلفي) في النظر إلى قضايا المجتمع ومعالجتها من هذا المنظور، فلماذا هذا المنهج؟

- نعم، انتهجت مجلتنا النهج السلفي المبني على كتاب الله وسنّة رسوله الكريم -[- الصحيحة، وهذا المنهج يمثل عمقا عقديا لأبناء الجزيرة العربية بصفة خاصة وجموع المسلمين الذين نبذوا عقائد الشرك والإلحاد والأفكار المضللة والماركسية وما شاكلها بصفة عامة،  وهدف المجلة: إيجاد صحافة مبنية على الصدق والأمانة والإصلاح والسير على نهج القرآن الكريم والسنّة الصحيحة.

- وماذا عن مستقبل هذه المجلات الإسلامية وإمكانية إصدارها من جديد ولاسيما (الفرقان)؟!

- معظم المطبوعات الإسلامية تحاول الآن دراسة إمكانية إعادة الإصدار مرة أخرى، وبالنسبة لـ(الفرقان) فتجري محاولات لإعادة الإصدار بعد أن توقفت منذ الثاني من أغسطس الماضي على إثر العدوان العراقي على الكويت، على المضي قدما في إصدار صحافة إسلامية صادقة ومخلصة.

التطور ومشكلة التوزيع

- كثر الحديث حول الصحافة الإسلامية وما لها وما عليها، وهل حققت هذه الصحافة بعض أهدافها؟ وماذا ينقصها الآن؟

- لا شك أن الصحافة الإسلامية تطورت تطورا ملحوظا، ووفرت إعلاما مقروءا لنوعية معينة من فئات المجتمع وهم: الدعاة وطلبة العلم الشرعي، وكثير من المثقفين والمتابعين، ولكن تبقى الصحافة الإسلامية كغيرها من الصحف المتخصصة محدودة التوزيع.

     وعندما تصل الصحافة الإسلامية إلى قطاع كبير من أبناء الأمة الإسلامية، ففي ذلك الوقت يمكننا القول: إنها أدت دورها، فالصحافة الإسلامية ينبغي أن تكون شاملة، تتعامل مع الخبر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتقدم الفتوى الشرعية، كما تقدم الحلول للمشكلات الاجتماعية أسرية وشبابية، الصحافة الإسلامية تحتاج المادة الصحفية القوية والمتنوعة والشاملة التي تتلمس حاجات الناس وتتفاعل معها.

     وأضاف مدير تحرير (الفرقان) قائلا: إن على الصحافة الإسلامية أن تواكب التطور الإعلامي المتسارع، وأن تشجع الأقلام المخلصة، وتوظف الطاقات الإسلامية لصالحها، وأيضا تتعاون فيما بينها مع الرجوع دائما إلى العلماء الأفاضل في أخذ المشورة والرأي حول قضايا الساعة، وقضايا المجتمع، وقضايا الحياة، كما أن نقل آراء القراء بطريقة صحيحة وميسرة يعد من أهم واجبات الصحافة الإسلامية.

أسلمة الإعلام

- هل نحن في حاجة إلى إعلام إسلامي، أم إلى أسلمة الإعلام؟

- الأصلح أن ندعو دائما إلى أسلمة الإعلام -إن صح هذا التعبير- أي أن نجعل الإعلام عموما إعلاما ينطلق من منطلق إسلامي عقدي، لا أن نجعل منابر إعلامية خاصة ونسميها إعلاما إسلاميا، ودعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «بلغوا عني ولو آية»، استنفار حقيقي لجمع الأمة كي تنهض بالإعلام، فقضايا الإعلام هي قضايا الإسلام؛ فالإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها كلمة لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، فهل نقول: إن النظافة ليست من الإيمان؟ وإن الصلاة والصيام من الإيمان؟ طبعا هذا كلام لا يمكن لأحد أن يقوله، بل نقول: إن الإيمان مراتب، وعلينا أن نأخذ  بشرائع الإسلام صغيرها وكبيرها.

     وأبرز واجبات الإعلام، أي إعلام، إيصال المعلومة الصادقة، وإعطاؤها حجمها المناسب من الإعلام، فلا ينبغي المبالغة وتضخيم العمل الإسلامي، إنما ينبغي  إعطاؤه حجمه الطبيعي دئما، وتحليل الأخبار من وجهة نظر مؤمنة بالله وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - وبالقضاء والقدر، وينبغي مواكبة الأحداث وبيان الحلول الإسلامية لمشكلات العصر، وتغطية أخبار المسلمين في كل مكان وبيان، الأفكار والعقائد الباطلة والهدّامة.

ثوابت لا تشكيك فيها

- العالم الإسلامي يمر اليوم بمرحلة من أصعب المراحل في تاريخه، فكيف تنظرون إلى هذه المرحلة؟ وكيف يمكننا الخروج من هذا المأزق؟

- أولا هناك ثوابت ليس لأحد أن يشكك فيها أبدا، وهي أن المستقبل لهذا الدين الإسلامي الحنيف -بإذن الله- وحده.

- ثانيا: أن الدعوة إلى الله مستمرة وستظل في كل عصر وفي كل جيل.

 - ثالثا: أن القرآن الكريم كتاب الله وحبله المتين، وقد تكفل المولى -عز وجل- بحفظه وصيانته، وكذا السنة المطهرة قيد الله لها من يحفظها من العلماء الأجلاء، فإذا عرفنا هذه النقاط الثلاث، أدركنا أن الأمة الإسلامية تسير إلى طريق الخير، وأن ما تبتلى به من محن وأزمات إنما هو للتمحيص، فالذهب على سبيل المثال لا يظهر صفاء معدنه إلا بالنار، ولا شك أن فتح المجال أمام الدعوة الإسلامية القائمة على كتاب الله وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كفيل -بإذن الله تعالى- بالتعجيل بهذا المستقبل إلى سابق عهده من القوة والمنعة.

 

كويت المستقبل

- وماذا عن كويت ما بعد التحرير و(كويت المستقبل)؟!

     الكويت الآن تمر بفترة انتقالية صعبة جدا؛ فحجم الدمار الذي خلفه المعتدي العراقي كبير جدا على جميع المستويات، على مستوى الأشخاص أو المؤسسات والدولة بوصفها كيانا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والمرحلة الحالية تتطلب أولا إدراك حجم الدمار، ومن ثم الإسراع في البناء والتعمير.

     أما عن المستقبل فهو منوط بتوفيق الله ومشيئته أولا، ثم بقدرة الحكومة والقوى السياسية ثانيا على استيعاب المرحلة الراهنة والتخطيط لها علميا، والانتقال إلى الدولة الحديثة، دولة مبنية على الإيمان بالقرآن والسنّة، فلا مكان لأي شيء آخر أمام الإيمان والعمل والجد والإخلاص، ومجتمع كهذا يتطلب بناء الإنسان الكويتي بناء جديدا ينقله من مجتمع الرفاه إلى مجتمع العمل، ومن مجتمع الأخذ إلى مجتمع البذل والعطاء.

     ونص الدستور الكويتي على «أن دين الدولة الإسلام والشريعة مصدر رئيس للتشريع» وأن «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين»، وأن «الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن»، ومن هذه البنود وغيرها ينبغي الانطلاق لبناء الإنسان الكويتي، بناء يتناسب والدور الجديد له في كويت المستقبل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك