رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالقادر علي ورسمه 21 مارس، 2011 0 تعليق

مثيرو الشغب يشككون في الدور الخليجي- قوات درع الجزيرة تسعى لإعادة الاستقرار وإحباط المؤامرات الخارجية على أمن البحرين

 

تواصلت الاعتصامات والمظاهرات وأعمال الشغب في مملكة البحرين أكثر من شهر، وحاول المتظاهرون تعطيل كل شؤون المملكة بطريقة غير قانونية فضلا عن مظاهر الإخلال بالأمن وتهديد الموطنين والمقيمين في المملكة بسبب انتشار الفوضى المقصودة رغم أن القيادة البحرينية أكدت لهم استعدادها للحوار ولحل جميع المطالب عن طريق الحوار، ولكنهم لم يتوقفوا عن نشر الفوضى في البلد وبدؤوا رفع سقف مطالبهم يوما بعد يوم حتى وصلت الأمور إلى المطالبة بطرد العائلة الحاكمة من البلاد، مما يعني انقلابا على الشرعية المتمثلة في الأسرة الحاكمة البحرينية غير مبالين بحقوق المواطنين الآخرين وكأن البلد ملكهم الخاص.


     وهذا يؤكد أن بعض من يسمون أنفسهم بالمعارضة تحركهم أياد خارجية ولاسيما أن التدخلات الإيرانية ومطالباتها المتكررة لضم البحرين إليها لم تكن خافية على أحد، وإدراكا لخطورة الأمر اتخذ العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة قرارا حاسما بإعلان حالة (السلامة الوطنية) لمدة ثلاثة أشهر، وكلف القائد العام لقوة دفاع البحرين سلطةَ اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية اللازمة للمحافظة على سلامة الوطن والمواطنين.

      وفي رده عما تردد من اتهامات إيرانية لدخول قوات درع الجزيرة لضم البحرين إليها أعرب ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة عن تقديره لقادة دول مجلس التعاون الخليجي شاكرا لهم جهودهم الخيرة في تعزيز الأمن والاستقرار في دول المجلس وشعوبها، مؤكدا أن وجود قوات درع الجزيرة على أرض مملكة البحرين جاء في إطار التعاون والتنسيق الدفاعي المشترك وتفعيلاً للعمل المشترك بين دول مجلس التعاون، وأكد أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يعبر عن وحدة الموقف والهدف والمصير المشترك بين دوله وشعوبه، موضحا أن أمن دولنا الشقيقة واستقرارها مسؤولية مشتركة.

       ومن جانبها أكدت دول مجلس التعاون الخليجي أن قرار إرسال قوات درع الجزيرة المشتركة إلى مملكة البحرين للمساندة في تعزيز أمنها واستقرارها، يمثل التزاماً جماعياً، وشددت على أن وحدة البحرين خط أحمر لن يسمح لأي طرف تجاوزه.

       وقال أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عبدالرحمن العطية، في تصريح صحافي: إن قرار إرسال قوات درع الجزيرة المشتركة يمثل التزاماً جماعياً بأمن مملكة البحرين وسلامة مواطنيها والمقيمين على أرضها.

        ويرى مدير مركز الخليج للدراسات في دبي، مصطفى العاني، أن الهدف من نشر القوات الخليجية في أن حكام الخليج لا يرغبون في أن ينتهي الأمر بالبحرين إلى إسقاط النظام؛ نظرا لأن أمن البحرين مهدد من قبل إيران والمعارضة البحرينية التي هي بمعظمها موالية لطهران، فالتهديد ليس داخليا فقط بل هو خارجي أيضا، ومن هنا جاء التدخل بقوات درع الجزيرة على اعتبار أن التهديدات الداخلية في البحرين لا يمكن فيها إغفال التهديد الخارجي من جانب إيران.

       وفي السياق نفسه قال النائب محمد المطير: إن تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين الشقيقة لضبط الأمن هو من صميم عملها، ويتماشى مع منظومة مجلس التعاون، ومرحب به من قبل كل الشرفاء من أبناء الخليج العربي الذين يتوقون شوقا إلى وحدة خليجية شاملة عسكريا واقتصاديا وسياسيا ترهب الأعداء وتخزيهم وتفرح الأصدقاء وترضيهم.

        وأضاف أن حماية الأمن الداخلي والسلم الأهلي لأي دولة خليجية هي مسؤولية كل دول الخليج مجتمعة، ولا تقل أهمية عن رد العدوان الخارجي، فالعدو الداخلي في كثير من الأحيان أخطر وأشد فتكا من العدو الخارجي، وللأسف من يحتج على هذه اللحمة الخليجية المباركة بالأمس القريب كان يصفق لإيران وهي تمد الحوثيين الخارجين على الدولة بالسلاح، وصفق ومازال يصفق لإيران وهي تمد حزب الله في لبنان بالسلاح حتى يرهب الشعب اللبناني المسالم ويزيده تفرقا وتشرذما.

       ومن جانبه، قال النائب محمد هايف في تصريح صحافي: إن دول الخليج هبت لمساعدة مملكة البحرين ماليا وسياسيا وعسكريا، بل أعلنت دعما غير محدود لها، مشيرا إلى أنها تتعرض لحملة شرسة تستهدف أمنها واستقرارها بل تتعداها إلى تهديد منظومة أمن دول مجلس التعاون الخليجي.

        وقال أيضا: إن إيران لها يد فيما يحدث في مملكة البحرين؛ إذ تحرض عبر مسؤوليها بعض أفراد الشعب البحريني على الانقلاب على الشرعية المتمثلة في الأسرة الحاكمة البحرينية، لافتا إلى كلام مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي في عام 2007 في وقت سابق الذي اعتبر في تصريحات صحافية أن مملكة البحرين محافظة إيرانية!

تهديد إيراني

       ومن المعلوم أن الدور الإيراني المتنامي في المنطقة وسعيها لأن تكون القوة المحورية ومحاولتها للسيطرة دول الخليج من خلال زرع خلايا مؤيدا لها في كل دولة خليجية لاستخدامها في وقت الحاجة، وتلاعبها على الوتر الطائفي أصبح هاجسا يؤرق المنطقة؛ ولذلك يجب على جميع الدول الخليجية أن تكون أكثر حذرا من هذه المحاولات ولاسيما أن إيران تحاول في المرحلة الحالية ركوب موجة ما يسمى بالثورات الشعبية العربية لنشر أيديلوجياتها والاستفادة من الأوضاع غير المستقرة في العديد من الدول العربية؛ لنشر معتقداتها وكسب مؤيدين لها في العالم العربي، ولذلك يرى مؤسس شركة «ستراتفورد» للمعلومات الأمريكية، وعالم السياسة  جورج فريدمان:  أن دخول قوات درع الجزيرة بقيادة السعودية إلى البحرين، يضع إيران في موقف صعب؛ حيث كانت إيران تأمل في استخدام انتفاضة البحرين للدعوة إلى زعزعة الأمن في الخليج العربي، لكن الخطوة السعودية بدخول قواتها إلى البحرين، فاجأت إيران.

         وهذا ما ذهب إليه وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلاب الذي يرى ضرورة تحرك مجلس التعاون الخليجي في هذه المرحلة إذ بات التدخل الإيراني السافر يهدد حتى وجود هذه الدولة العربية التي تشكل بوابة منطقة الخليج العربي كلها من الكويت في الشمال حتى سلطنة عمان في الجنوب.

        والمؤكد أنه لم تكن هناك أي ضرورة لمثل هذه القوات ولقوات عربية أخرى, لو أن المشكلة في البحرين بقيت تتخذ طابع المطالبات الشعبية بالإصلاح, ولم يأخذ التدخل الإيراني هذا الطابع السافر الذي بات يهدد كيان هذه الدولة ووجودها، الذي لم يعد بالإمكان احتماله أو السكوت عنه.

        والواضح أن إرسال هذه القوات الرمزية هو رسالة إلى إيران كي توقف تدخلها, الذي لم يعد بالإمكان احتماله, في الشأن الداخلي لدولة أثبتت, لولا هذا التدخل, أنها قادرة على التفاهم مع هذا الطيف المذهبي من شعبها على غرار ما جرى في مرات سابقة كثيرة، وهو أيضا لطمأنة البحرينيين سنتهم وشيعتهم بأن أشقاءهم لن يتخلوا عنهم إذا تضاعف التهديد الإقليمي لهم ولدولتهم.

         وبالطبع فإن إيران، التي تتعامل مع البحرين على أنها منطلقها نحو منطقة الخليج كلها ونحو إقامة دولة مذهبية تمتد من جنوب العراق حتى المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، قد بادرت إلى رفض إرسال مثل هذه القوات الخليجية الرمزية، فهي تريد الاستفراد بالوضع الداخلي لهذه الدولة العربية، وقلب معادلتها الداخلية، بحيث تصبح نقطة ارتكاز لها في هذه المنطقة الإستراتيجية والحساسة والمهمة؛ ولهذا فإنه على العرب كلهم أن يعلنوا وقوفهم إلى جانب دولة شقيقة باتت مهددة بالفعل.

         ومن جانبه يؤكد وزير المواصلات السابق شريدة المعوشرجي أن الإنذار الذي أرسله القادة الإيرانيون إلى دول الخليج بسبب إرسالهم مجموعة من قوات درع الجزيرة لمساعدة شقيقتهم مملكة البحرين على حفظ الأمن والاستقرار وتهيئة أجواء مناسبة لحل المشكلات المثارة وبدء عملية الحوار التي دعا إليها الملك وكلف ولي عهده بها، يعد أمراً خطيراً وتطوراًً يخرج عن كل الأعراف الدولية ويهدد المنطقة وأمنها، ويعرضها لزلزال قد يفوق في خطورته كل التصورات.

        التهديد الإيراني السافر يحمل في طياته رسالتين واضحتين لا تقبلان الشك ولا التأويل.. الأولى للحكومات الخليجية كلها وفحواها أن إيران هي شرطي المنطقة الذي يحق له، دون الحاجة إلى موافقاتهم أو موافقة مجلس الأمن الدولي، التدخل في شؤونها كلما رأى المسؤولون الإيرانيون ذلك، وكأن دول الخليج محافظات إيرانية تابعة للقرار الإيراني وخاضعة لأوامر الولي الفقيه.

         أما الرسالة الثانية فهي موجهة إلى المواطنين الخليجيين من الطائفة الشيعية بأن إيران هي حاميتهم وراعيتهم، وأنها الدولة التي تهمها أمورهم، وأنها المدافعة عن حقوقهم، وأنها تنظر إليهم على أساس أنهم رعاياها وإن كانوا يعيشون كمواطنين في دول أخرى، وهذه الرسالة هي أخطر كثيراً من رسالتها الأولى، وعلى المواطنين الشيعة في دول الخليج العربي أن يبادروا إلى التبرؤ من مقاصد هذه الرسالة وأن يرفضوا معانيها ويعلنوا أن ولاءهم خالص لدولهم، وأنهم يرفضون كل الذرائع والأطماع الفارسية في دول مجلس التعاون الخليجي سداً لكل أبواب الفتنة ومحافظة على وحدة أبناء الشعب الخليجي.

         والجدير بالذكر أن الشيعة في البحرين، قد صوتوا في العام 1971 من أجل استقلال البحرين وعدم انضمامها إلى إيران، في استفتاء حر ليثبتوا بذلك انتماءهم العربي، ولماذا تحاول إيران وبعض زعماء الشيعة في العراق التدخل في شؤونهم والزج بالمسألة الطائفية في البحرين؟! وعليه فإنه من المطلوب أن يرفعوا صوتهم للدفاع عن بلدهم من التدخلات الإيرانية السافرة، وأن يفرقوا بين القوات الخليجية الشقيقة والمطالبات الإيرانية، فضلا عن تدخلات أصحاب العمائم في العراق وغيرهم، للتأكيد على أن مطالبهم مطالب تتعلق بالإصلاح السياسي البحريني الداخلي وليس لها علاقة بهذا الاستقطاب الطائفي الذي تسعى إيران إلى أن تخلقه لتصطاد في الماء العكر وتتدخل في الشؤون الداخلية البحرينية.

        ونقول لكل من يدعي حبه للبحرين وأهله: لا يمكن أن تقوم بحل المشكلة القائمة في البحرين بالهتافات والمظاهرات، ونشر الفوضى، ولكننا نحتاج إلى مساعدة إخواننا هناك وأخذ أيدي مثيري الفتنة المخلين بالأمن وعلينا أن نثمن عاليا مبادرة سمو الأمير لحل المشكلة في البحرين.

 

طالب الحكومة الكويتية ببذل الجهد والإسهام في إعادة الأمن

التجمع السلفي يعلن رفضه مظاهر العنف والصدام في المجتمع البحريني

       في بيان حول الأحداث الأخيرة في البحرين أعلن التجمع السلفي رفضه جميع مظاهر العنف والصدام في البحرين داعيا إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصف واللجوء إلى الحوار، مؤكدا تفاهمه طلب الحكومة البحرينية الاستعانة بقوات درع الجزيرة، وجاء البيان على النحو الآتي:

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى، أما بعد،

        فإن التجمع السلفي وهو يتابع ما يحدث في مملكة البحرين الشقيقة ليشعر بالأسى والحزن الشديدين لما آلت إليه الأمور من خروج على الشرعية والانتقال من الاحتجاج السلمي، والمطالب الشعبية المبررة إلى الدعوة لإسقاط النظام والتحريض عليه دون الالتفات إلى الوضع الخاص الذي تعيشه البحرين ووجوب الحرص على الوشائج المجتمعية، والروابط التاريخية هناك.

        إن التجمع السلفي يعلن رفضه لكل مظاهر العنف والانجراف نحو الصدام بين فئات الشعب البحريني ومكوناته، ويدعو إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصف واللجوء إلى الحوار واستخدام الأدوات الدستورية الشرعية من جانب الطرفين حقنا لدماء المسلمين وحفاظا على سلامة دولتهم.

         إن التجمع السلفي يتفهم طلب الحكومة البحرينية الاستعانة بقوات درع الجزيرة التي ما جاءت إلا ردعا لأي تدخل خارجي، وردا على أي تهديد يهدف للاستفادة مما يجري على الساحة البحرينية، ويؤدي إلى تقويض الأمن والنظام؛ مما قد ينعكس على أمن الخليج بأكمله.

          إن التجمع السلفي يؤكد على الإخوة التاريخية بين الشعبين الكويتي والبحريني ووحدة مصيرهما، ولا ينسى وقفة البحرين حكومة وشعبا إلى جانب الكويت في محنتها العصيبة، ويطالب الحكومة الكويتية ببذل كل جهد يمكن أن يسهم في إعادة السلم والأمن هناك.

        وختاما فإننا نسأل الله القوي العزيز أن يحفظ البحرين وأهلها، ويجمع على الحق كلمتهم ويوحد صفهم، ويجنبنا وإياهم شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك