رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 22 يونيو، 2010 0 تعليق

متى كان لليهود حق في أرض فلسطين !!

 نعم متى كان  لليهود حق في أرض فلسطين؟ يقيناً لا جدال فيه: ليس لليهود حق في حبة تراب من أرض فلسطين؛  عبارة نقولها لقادة اليهود الذين يدعون حقاً أعطاهم إياه بلفور, ونقولها لكل من كرر هذا القول من الكتاب العلمانيين الذين استهوتهم تلك العبارات وأشاعوها كما يشيعها اليهود، ونقولها لكل من قالها على منابر اليهود في أمريكا وغيرها.

نقولها لا رداً على قول أو فعل؛ بل عقيدة ثابتة استمدت من كتاب ربنا وسنة نبينا وفعل صحابتنا وسلفنا الصالح، وقادتنا الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل تحرير أرض فلسطين.

ونسأل هؤلاء: أليس الثابت تأريخاً وجود القبائل العربية من الكنعانيين في فلسطين قبل ظهور اليهود بآلاف السنوات؟ ولم ينقطع وجود العرب واستمرارهم في فلسطين إلى يومنا الحالي، فالعرب عاشوا في فلسطين قبل مجيء اليهود إليها، وفي أثناء وجودهم فيها، وظل العرب فيها بعد طرد اليهود منها.

ألم يستقر فيها العرب أكثر مما استقر فيها اليهود؟! ألم يتمكن فيها الإسلام أكثر مما تمكنت اليهودية؟! ألم يغلب عليها القرآن أكثر مما غلبت التوراة التي حرفتها أيديهم؟! ألم تَسُدْ فيها العربية أكثر مما سادت العبرية؟!

وهل انتزع العرب فلسطين من اليهود؟ وهل هدم العرب لليهود فيها دولة قائمة؟ وهل تمكن في فلسطين الإسلام أكثر أم اليهودية؟ وهل قرئ عليها القرآن أكثر أم التوراة التي حرفتها أيديهم؟ وهل دافع عن هذه الأرض المباركة العرب أم اليهود؟ وهل رأى هؤلاء اليهود وأجدادهم أرض فلسطين في حياتهم؟!

لماذا يلغي قليلهم كثير غيرهم؟!

ما علاقة (رابين) و (بيريز) و (نتنياهو) و (مردخاي) بهذه الأرض المباركة، وهل يعقل أن يهود اليوم - المعاصرين – الذين يبلغون اليوم بضعة عشر مليونا هم أحفاد بني إسرائيل الذين سكنوا في فلسطين وطردهم الرومان منها قبل ألفي عام؟! يا من تدافعون عن اليهود : أثبتوا لنا ذلك بعد مضي عشرين قرنا من الزمان !!

لماذا لا يكون الحق لليهود إلا في فلسطين؟ ولماذا لا يطالب اليهود بالأوطان التي هاجروا إليها في أوروبا و غيرها؟  وهل وجود اليهود بضع سنوات يلغي حق من عاش عليها آلاف السنين؟!

ونذكر كل هؤلاء بما قاله الحاخام (دوفيد وايس) رئيس حركة (ناطوري كارتا)، في حوار لـ (الشروق اليومي) الذي نشر في  7/1/2008، حيث قال: «يجب علينا أن نعيد فلسطين لأهلها ونعتذر لهم» و» إسرائيل دولة كافرة وستزول بمشيئة الله» و«الصهاينة سرقوا الأرض العربية الفلسطينية، وقتلوا ونهبوا... والدولة التي أنشؤوها مبنية على الكفر والنفاق والإجرام، ويكفي قراءة مذكرات أقطاب الصهاينة لمعرفة أنهم جاؤوا ليغتصبوا اليهودية... وليضللوا اليهود في العالم... وحسب التوراة، فإن تجمع اليهود في أرض واحدة يعني نهايتهم... وقد عاقَبَنا الله بالعيش في الشتات ومحرم علينا أن نكون في أرض واحدة... وحتى إن تجمّعنا في أرض خالية من السكان وغير تابعة لأي دولة فهذا حرام... فما بالكم باغتصاب أرض الآخرين وقتلهم وتشريدهم؟!».

فالمسلمون أحق بأرض فلسطين من اليهود وغيرهم؛ قال تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} (الأنبياء:105) وهل يهود اليوم هم عباد الله الصالحون؟! وهل يهود اليوم هم المتقون الذين يستحقون الأرض المقدسة؟!.

{إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} سورة الأعراف: 128).

فكيف تكون الأرض المقدسة لمن أعرض عن شرائع الله تعالى وفرائضه ووصاياه؟! وكيف تكون الأرض المقدسة لمن عبد غير الله تعالى، وعبد الآلهة والأوثان؟! وكيف تكون الأرض المقدسة لمن كذب الرسل وقتل الأنبياء وأساء الأدب مع تعالى؟! وكيف تكون تلك الأرض المباركة حق لمن كفر من بني إسرائيل، وادعى كذباً أنهم أحفاد نبي الله يعقوب عليه السلام؟!

يقول تعالى.. وهم يقولون!!

ظهر بيننا أناس من أجل الدفاع عن اليهود ووجودهم في أرض فلسطين، يستدلون بآيات من كتاب الله تعالى، وإن دعت الحاجة بنصوص من التوراة المحرفة، ويستعينوا بالتاريخ وبالجغرافيا إن لزم الأمر، ويردون قول الله تعالى في كتابه الكريم بأقوالهم...يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُوديّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (آل عمران:67).

وهم يقولون : إن إبراهيم كان يهودياً وأتباعه يهود!!

ويبين الله تعالى  أن أولى الناس بإبراهيم  هم المؤمنون من أتباعه ومحمد [ وأمته : {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبيُّ والذين آمنوا والله ولي المؤمنين } ( آل عمران : 68 ).

ويقول الله تعالى أن دين إبراهيم – عليه السلام – هو الإسلام، وأبناؤه مسلمون فيقول: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} (البقرة 130 – 132).

وهم يقولون: إن إبراهيم وأبناءه كانوا يدعون لليهودية!! والله يقول مخبراً عن دعاء إبراهيم- عليه السلام –: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} (البقرة : 128).

وكيف يقول عاقل بأن إبراهيم كان يهوديّاً وقد أنزلت التوراة والإنجيل من بعده؟! وكيف يتبع المتقدم المتأخر؟! قال تعالى: {يأهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون } (آل عمران :  65 ).

فنبي الله إبراهيم – عليه السلام – رسول مسلم وإلى الإسلام كان يدعو، وأتباعه وذريته هم المسلمون، وليسوا اليهود، وأولى الناس بإبراهيم في وراثة فلسطين والمسجد الأقصى هم المسلمون، والإمامة من بعده للمسلمين وليست اليهود، وأنبياء بني إسرائيل ليسوا يهودا؛ لأن اليهود هم كل من كفر برسالة نبيه.

يهود يدعون: وهؤلاء يكررون!

حينما يجتمع اليهود من قادة وحاخامات وبروفسورات ومتطرفين ومستشرقين ليدعوا ويقولوا بعبارة واحدة : «إن تاريخ القدس هو تاريخنا»!! لأنهم يهود أرادوا إسباغ هوية يهودية على تلك البقعة المباركة، واختلاق تاريخ وحضارة يهودية متجذرة في تلك البقعة !! لأن تاريخنا يؤرقهم؛ ففي تاريخنا أخبار الفتوحات والبطولات، ثم الهزائم والانتصارات، قام بها علماء وقادة، فتحوا الأمصار، وانتصروا على غارات المغول، وردوا حملات الصليب.

هم لم يستطيعوا أن يسطروا تاريخاً وحضارة موثقة لشتاتهم في الأرض بعد أن بدلوا دينهم وحرفوا توراتهم، وقتلوا أنبياءهم، وافتروا على رب العزة، وارتكبوا كل نقيصة يمكن أن يرتكبها الإنسان؛ فلا طريق أمامهم إلا الاستمرار في الكذب والخداع، وطريق الهدم أهون من البناء؛ لذلك أرادوا هدم تاريخنا وعملوا على ذلك، لعلهم يجدون في أنقاضه ما يصلح ليسطروا منه الأساطير والأباطيل.

فعدوا أن المسلمين محتلين لأرض اليهود، وأنهم شردوا اليهود في الأرض، وأنهم غيروا مقدساتهم من كنس إلى مساجد! وأن المسلمين غيروا المسميات والمصطلحات؛ من عبرية إلى عربية وأسلموا أرضها!! وأننا نحن الذين مارسنا الترحيل (الترانسفير) على الشعب اليهودي!! ووصف اليهود بالعقلانية والتعامل الراقي مع من اعتدى على أرضهم!! وكأننا نحن الذين اعتدينا على حقوقهم، بل قلب المصطلحات فكل ما يطالب به العرب والمسلمون من حق اعتبر حقا محضا لليهود وكيانهم على أرض فلسطين!!

والغريب أن يكرر تلك الأقوال أناس تسموا بأسمائنا وعاشوا بيننا، ولكنهم من أجل اليهود توسعت دائرة العداء ليوجهوا سهامهم لكل من دافع عن حقوق الفلسطينيين، أو طالب بإرجاع الأرض إلى المسلمين. هم ليسوا يهوداً ولكنهم مع اليهود، يخادعون كما يخادع اليهود، ويكذبون كما يكذب اليهود، ويتبدلون كما يتبدل اليهود، ويثيرون الشبهات نصاً كما صاغها اليهود، ومحصلة أعمالهم أنهم يعادون كل من يعادي اليهود!!

فاليهود يريدون أن تبقى فلسطين فارغة على مر التاريخ والأزمان العقود والعهود؛ لأنهم سكنوها يوماً ما - أعني بني إسرائيل- والمطلوب من كل ساكنيها أن يدفعوا إيجار سكناهم ووجودهم على أرض فلسطين؛ لتكرم اليهود – المتسامحين- بالسماح للأمم والشعوب أن يسكنوها على امتداد 5 آلاف سنة !!

ليس أمام اليهود إلا أن يقولوا هذا الكلام الفارغ؛ لأنهم على يقين أن مشروع بقائهم على أرض فلسطين مشروع فاشل لا دوام له؛ وهذا الواقع فرض عليهم أن يستخدموا كل الأسلحة لضمان بقائهم كسلاح التزوير والتحريف والتخريف وإشاعة الأكاذيب والأساطير، فتارة يستخدمون التاريخ ويشوهون به ما أرادوا، وتارة يستخدمون الزعم بالحق الديني، وتارة بالحق الإنساني، وتارة بإشاعة الأساطير، وتارة بـ (وعد بلفور)، وتارة بقرار التقسيم، وتارة لا يجدون حججاً فيقولون: إنهم مستضعفون يعيشون في بحر الأعداء حولهم.

والمصيبة أن ينطق في حق اليهود بأرض فلسطين عرب – إن أحسنا الظن بهم – نقول إن الجهل بالدين والتاريخ والحقوق قد أعماهم عن قول الحق!! وإن كان واقعهم أمراً آخر حيث يسبح الخيال في أهدافهم وانتماءاتهم وخدماتهم التي يقدمونها لهذا الكيان الغاصب.

فالقول بألّا ننكر أن لليهود حقاً في أرض فلسطين يلزمه حقوق: كحق دولة العدوان أن تدافع عن أمنها، ومواصلة الحصار، ومهاجمة سفن المساعدات، وتهويد كل شبر من تلك الأرض، وكل الممارسات من القتل والتشريد، بل من حقها أن تطالبنا بتعويض  بسبب بقائنا في فلسطين، فهذا كرم منهم أن أبقونا إلى الآن !!

العلمانيون الجدد.. ويهودية الدولة:

في الفترة الأخيرة وضمن مؤتمرات وورش عمل عقدت في فلسطين وغيرها من البلدان العربية والغربية تحت شعار الدفاع عن الوجود والعربي في فلسطين والقدس، أطلت علينا مصطلحات جديدة، فهؤلاء حتى يثبتوا أنهم ليسوا أعداء للأديان ومنها الدين اليهودي ولإقناع – الغرب - أنهم منصفون مع الأديان!! قالوا إننا ضد (أسرلة)!! و(صهينة) القدس !! ولا نسمي ما يحصل في القدس تهويداً!! أي إنهم ليسوا ضد مساعي قادة اليهود ومؤسساتهم لإثبات أن لهم تاريخا وحقوقا في القدس أو في جزء منها!!

وهذا إجرام بحق المسجد الأقصى والقدس، بل بحق أرض فلسطين كاملة، أن يعطى لليهود الحق في أرضنا وأقصانا وقدسنا، فهذا الطرح وهذه الرؤى تنبني عليها مواقف في غاية الخطورة، والولوج في تفاصيلها لا يكون بهذه السذاجة والسطحية التي نسمعها ونقرؤها، فهؤلاء لا يمانعون ممارسات اليهود في القدس إن كانت لإثبات وجودهم وتاريخهم على اعتبار أنهم ليسوا ضد اليهودية!! ولكن ضد قادة (إسرائيل) و(الصهاينة )!!

فأحدهم قال في وسائل الإعلام بأننا لا ننكر أن لليهود حقاً في القدس !! وآخر يعقد مؤتمراً للدفاع عن القدس ويستنكر تسمية ما يحصل في القدس من إجراءات بمسمى التهويد، وغيره ينشر في الصحافة أن العداء مع اليهود الذي جاء في القرآن والسنة هو عداء في وقت معين لحدث معين لا ينسحب على التاريخ كله، فهؤلاء يدعون أنهم أصحاب النظرة العقلانية في التعامل مع يهود اليوم وبرأيهم لا بد من الفصل التام بين يهود اليوم ويهود، الأمس؛ لزعمهم أن ما جاء في ذكر اليهود من نصوص شرعية هو تفسير لأحداث خاصة في تاريخ معين لا تنطبق على واقعنا اليوم!! وهذا يستدعي – حسب زعمهم - تجاوز الخطاب الإسلامي عداءه لليهود، وتقبل اليهود وكيانهم على أرض فلسطين كجزء من دول المنطقة وشعوبها، والعمل على التعايش مع هذا الواقع، بل تجاوز الأمر إلى السعي للمشاركة العملية في تشكيل رؤية لعلاقاتنا المستقبلية مع اليهود!!

نبشركم : فلسطين والقدس للمسلمين!

نبشر الجميع سواء كانوا يهوداً أم من عاونهم  بأن مصيرهم في أرض فلسطين سيؤول يقيناً إلى مصير الصليبين حينما احتلوها  91 عاما، فأين هم الآن؟! أخبرنا ربنا, وربنا صادق, ولا يخلف وعده, أخبرنا أننا سنسوء وجوه اليهود, وسندخل المسجد كما دخلناه أول مرة, ونتبر العلو اليهودي تتبيرا، وستزول دولة الظلم, ويعود الأقصى وفلسطين إلى حضن المسلمين, كما عادت فيما مضى من أيدي الصليبين الظالمين.

وكتاب الله تعالى أكد أن الزعامة والسيادة لا تنتقل بالوراثة، والظالم لا يستحق ميراثاً ولا عهداً : {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (سورة البقرة:124)‏.

ولعل بعضنا يتساءل؛ متى يكون حق لليهود في فلسطين والمسجد الأقصى؟ ونجيبهم بأن اليهود سيشاركوننا هذا الحق، إذا حققوا شرطاً واحداً ألا وهو أن يسلموا، فإن أسلموا، فلا ننكر هذا الحق لكل مسلم على وجه الأرض؛ فإن أولى الناس بإبراهيم في وراثة فلسطين (المسجد الأقصى)، وأولى الناس بالإمامة من بعده هم المسلمون وليسوا اليهود، وليسوا ممن يدينون بغير الإسلام مهما كانت جنسياتهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك