رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 9 أبريل، 2019 0 تعليق

مبشرات في ليلة الإسراء والمعراج

 

- ليست حادثة الإسراء والمعراج للأمة حدثاً تاريخياً فحسب، أو قصصا وأحاديث تُسرد بمعزل عن الدروس والعبر المستفادة، بل هي تمثل نقطة مهمة في التاريخ الإسلامي؛ إذ جاءت في ظل أصعب الظروف التي مرت بها الدعوة النبوية في مكة المكرمة بعد حادثة الطائف، ووفاة أبي طالب، وخديجة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، ومع شدة البلاء والمحن، لابد أن يكون الأمل بنصر الله راسخًا في النفوس، ومعية الله مع أولئك الذين يحملون نهج الأنبياء، الذين يثبتون على مبادئهم، ويضحون بما يملكون في سبيل عزة دينهم، ورفعة شأن أمتهم.

- وقصة الإسراء والمعراج حافلة بالبشارات والدلالات التي توحي بعزة هذا الدين وهيمنته على سائر الأديان، ودلالات بأهمية المسجد الأقصى الذي بارك الله فيه وفيما حوله، ولو لم تكن القدس مقصودة في هذه الرحلة، لأمكن العروج من مكة إلى السماء مباشرة، ولكن المرور بهذه المحطة أمر مقصود؛ ولهذا الربط إيحاؤه في وعي المسلم ووجدانه؛ فلا تنفصل قدسية أحد المسجدين عن الآخر.

- في الإسراء والمعراج مبشرات عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده؛ فمن الثابت تاريخيًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الإسراء به، لم يكن الإسلام قد دخل هذه المنطقة من أرض الله -عـزَّ وجلَّ-؛ فكان وصوله صلى الله عليه وسلم إليها وعروجه منها بشارة بوصول الإسلام إليها، وتلك واحدة من البشارات بانتشار الإسلام وعلامة من علامات النبوة، ومنها كذلك ما في الصحيح: «وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».

- ومن المبشرات البشارة للمؤمنين الصالحين؛ فقد قال سيدنا إبراهيم للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» صحيح الترمذي. وفي رواية قال له: «يا محمد، مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة؛ فإن تربتها طيبة، وأرضها واسعة. قال: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله» صحيح الترغيب.

- في الإسراء  والمعراج مبشرات بأن المحن تُولِّد المنح، وبعد العسر يأتي اليسر، وقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحن كثيرة؛ فقريش أغلقت الطريق في وجه الدعوة في مكة، وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالها؛ وفقد النبي صلى الله عليه وسلم عمه الشفيق، وتجرأ المشركون عليه، وفقد زوجه الحنون التي كانت تواسيه وتعينه، ثم حوصر بعد ذلك ثلاث سنوات في شِعب أبي طالب ، وما صاحبه من جوع وحرمان، و ما ناله في الطائف من جراح وآلام، ومع ذلك كله فرسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في طريق دينه ودعوته،  صابر لأمر ربه؛ فجاءت رحلة الإسراء والمعراج مكافأة ومنحة ربانية، على ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من آلام وأحزان، ونَصَب وتعب، في سبيل إبلاغ دينه ونشر دعوته.

- أراد الله -سبحانه- أن يبين لرسوله صلى الله عليه وسلم وقد ضاقت عليه الأرض، وأوصدت في وجهه الأبواب، أن معيته ونصره لعباده المؤمنين لا يمكن أن تفارقهم، بل هي معهم تسدد خطاهم، وتثبت مواقفهم، لكن هذا لا يتنافى مع قيام عباده المؤمنين بالتضحية، وبذل الغالي والنفيس في سبيل نشر الدعوة وإقناع الناس بمبادئها وقيمها حتى يشعروا بأهمية ما يدعون إليه، وحتى يميّز الله عباده المؤمنين؛ فيكونوا قدوة لغيرهم، ويتميزوا عن غيرهم، وينجحوا في الابتلاء الذي قدره الله عليهم، مصداق قوله -تعالى-: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:1-3).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك