ما شغلك عن عبادتي؟
عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ( ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلاتظالموا، ياعبادي، كلكم ضالٌّ إلا من هديتُهُ؛ فاستهدونى أهدِكُم، ياعبادى، كلكم جائعٌ إلا من أطعمتُه؛ فاستطْعمونى أُطعِمكم، ياعبادى، كُلكم عارٍ الا من كسوتُه؛ فاستكسونى أَكسِكُم، ياعبادى، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفرونى أغفِرْ لكم) صحيح مسلم.
ما أحوجنا إلى التربية الإيمانية! تربية القلوب لا تربية الأبدان؛ فإن الطريق إلى الله تُقطع بسير القلوب إلى علام الغيوب، لا بسير الأبدان إلى الأهداف فقط) .
فقلوبنا تحرك أبداننا الى أهدافنا؛ فلو صَلُحت القلوب تحققت الأهداف، فتربية الرسول - صلى الله عليه وسلم- لم تنته بالهجرة؛ فدار الأرقم لن تُغلق؛ فلم يتخل - صلى الله عليه وسلم- عن التربية الفردية مع وجود التربية الجماعية لمجموع الأمة؛ فيقول لحذيفة: تعلم كتاب الله و اعمل به فهو النجاة. ويقول لمعاذ: والله إني لأحبك فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك و شكرك وحسن عبادتك، وقال موسى -عليه السلام-: أي ربِّ، أين أجدُك؟ فقال -تعالى-: «أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي»؛ فيجب علينا أن نهتم بتربية قلوب الرجال؛ فربما تأتى الأيام بأمورٍ تنوء بحملها الجبال، و لكن الله دائماً يجعل لها رجالاً أشد من الجبال تحمل تلك المهام؛ لذا يجب ألا نربى على ظواهر الأعمال، و نغفل عن تربية القلوب و سلامتها؛ فإن الفتن تُخرج ضغائن القلوب، و تُظهر معادنها، و بتربية القلوب تُهدى القلوب إلى علام الغيوب، و هذه هند بنت عتبة يوم فتح مكة، جاءت زوجها أبا سفيان بن حرب صبيحة فتح مكة فقالت له: أريد أن أبايع محمداً، قال لها: قد رأيتُك تكفرين! قالت: أي والله! ووالله ما رأيتُ الله -تعالى- عُبِدَ حق عبادته في هذا المسجد قبل الليلة، واللهِ إن باتوا إلا مصلين قياماً وركوعاً و سجوداً.
وهذا بقىّ بن مخلد اجتهد في الأندلس في تربية جيل سلفي رباني متميز؛ فقال له الناس عندما أراد المغادرة: أتخشى عليهم ؟ فقال: لقد غرست لهم غرساً لا يخلعه إلا الدجال.
هكذا إذًا فليكن العمل، ولتكن التربية، ومَن توجه إلى الله بالانكسار رزقه الله عزة الانتصار، واعملوا فكلٌ ميسرٌ لِما خُلِقَ له.
لاتوجد تعليقات