ما ذمه القرآن من أخلاق الإنسان(9)
- يبين الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة مكانة الأخلاق الحميدة في شريعة الله - تعالى-؛ وذلك أن الأخلاق من كسب الإنسان ومن عمله، بل من أفضل عمله؛ لذلك يثاب عليه بالأجر العظيم يوم القيامة.
قاطعني.
- أعجبتني هذه العبارة: «الأخلاق من كسب الإنسان وعمله»، لا أظن أن كثيرا من الناس يعي هذه الحقيقة، وما الدليل على هذه العبارة؟
- الدليل أن العبد يثاب على عمله وكسبه: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}، وقوله سبحانه: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}، وقوله سبحانه: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}.
- ماذا عن الأحاديث في فضل الأخلاق ومكانتها عند الله -عز وجل-.
كنت وصاحبي نمشي سعيا بعد صلاة العصر بموازاة البحر.
إليك بعض الأحاديث التي أحفظها:
عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن»، السلسلة الصحيحة.
ولفظ الآخرين: «ما من شيء في الميزان أثقل من حُسن الخلق».
وأحمد زاد: «وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة»، أخرجه الترمذي، السلسلة الصحيحة.
«إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة»، (السلسلة الصحيحة).
عن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: «ألا أدلك على أحسن العمل وأيسره على البدن؟ قال: بلى بأبي أنت وأمي، قال: حسن الخلق وطول الصمت عليك بهما، فإنك لن تلقى الله بمثلهما». حسنه الألباني.
- جميل، لنتابع حديثنا عن الأخلاق التي ذمها الله في القرآن.
- يقول تعالى: {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا}(الأسراء:100).
{أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} (النساء:53).
قال أهل اللغة: النقير نقرة في ظهر النواة ومنها تنبت النخلة، وأصله أنه فعيل من النقر.
في هذه الآيات يبين الله مدى بخل الإنسان عموما, وإن كانت الآية نزلت في فئة من اليهود، وفي التفسير.. {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي} التي لا تنفذ ولا تبيد. {إذا لأمسكتم خشية الإنفاق} أي: خشية أن ينفد ما تنفقون منه، مع أنه من المحال أن تنفد خزائن الله، ولكن الإنسان مطبوع على الشح والبخل، والقتور: الشديد البخل، مشتق من القتر وهو التضييق في الإنفاق. والشح أشد من البخل وقيل الشح الإمساك عن الإنفاق على النفس والبخل الإمساك عن الإنفاق على الغير.
فإن قيل فقد دخل في الإنسان الجواد الكريم فالجواب من وجوه. الأول: أن الأصل في الإنسان البخل؛ لأنه خلق محتاجا، إلا أنه قد يجود به لأسباب من خارج؛ فثبت أن الأصل في الإنسان البخل. الثاني أن الإنسان إنما يبذل لطلب الثناء والحمد للخروج عن عهدة الواجب؛ فهو في الحقيقة ما أنفق إلا ليأخذ العوض؛ فهو في الحقيقة بخيل.
ووصف الله عباده في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا} (الفرقان:67).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمعان في النار اجتماعا يضر أحدهما الآخر مسلم قتل كافرا ثم سدد المسلم وقارب، ولا يجتمعان في جوف عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم، ولا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والشح» حسنه الألباني. وعن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبيصلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظلم فإن الظلم؛ هو ظلمات يوم القيامة وإياكم والفحش؛ فإن الله لا يحب الفاحش والمتفحش, وإياكم والشح فإن الشح دعا من كان قبلكم فسفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم» (صححه الألباني).
وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل, ويُخوَّن الأمين ويؤتمن الخائن ويهلك الوعول, ويظهر التحوت، قالوا يا رسول الله وما الوعول والتحوت؟ قال: الوعول وجوه الناس وأشرافهم, والتحوت الذين كانوا تحت أقدام الناس لا يعلم بهم» الصحيحة.
وعن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن, والعجز والكسل, والجبن, والبخل وضلع الدين غلبة والرجال» (متفق عليه).
توقفنا عند صاحب عربة المبردات، أخذنا حاجتنا وتحركنا إلى مركبتنا لندرك صلاة المغرب.
لاتوجد تعليقات