رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 18 أبريل، 2016 0 تعليق

ما ذمه القرآن من أخلاق الإنسان (6)

وصف الله الإنسان في كتابه العزيز فقال -سبحانه وتعالى-: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (4) وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (النحل:3-6). {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (الكهف:54). {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} (يس:77).

جاء في تفسير هذه الآيات:

{فإذا هو خصيم مبين} (النحل:4) أظهر القولين فيه: أنه ذم للإنسان المذكور، والمعنى: خلقناه ليعبدنا ويخضع لنا ويطيع، وفجأة اتصف بالخصومة والتكذيب، كما تدل عليه (إذا) الفجائية.

والخصيم: صيغة مبالغة، أي شديد الخصومة، وقيل الخصيم المخاصم.

وقوله: (مبين) الظاهر أنه اسم فاعل أبان اللازم، بمعنى بان وظهر، أي بَيِّنُ الخصومة.

كنت وصاحبي نتناقش حول موضوع التنبؤ بتصرفات البشر؛ وذلك أنه صُدم من تصرف أحد أصدقائه كان يعده أعزهم عنده، وعندما مر في أزمة كان عونا عليه لا عونا له، كنت أحاول التخفيف عنه والبعد عن الحديث عن أحد بعينه.

- هكذا الإنسان مع ربه فكيف مع الإنسان الذي مثله؟

- نعم في الإنسان طباع كثيرة ذميمة ينبغي أن يتخلص منها، وفي هذه الآيات يبين الله مدى (خصومة الإنسان) في رده للحق وإنكاره للبعث، بل وجداله في آيات الله البينات، فقال -سبحانه- في سورة الكهف: {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (الكهف:54)، وفي الحديث: عن الحسين بن علي أن عليا رضي الله عنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلا زارهما، فقال: «ألا تصليان»؟ فقال علي رضي الله عنه : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا؛ فانصرف رسول  الله[؛ حيث قلت له ذلك ولم يرجع إلي شيئا، ثم سمعته وهو منصرف يضرب فخذه ويقول: {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} متفق عليه.

مع أن الآيات من سورة الكهف أتت في صفة الكافرين إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم ذلك اللفظ في أقل جدال لابن آدم في الرد على الحق.

أخذنا مجلسا قبالة البحر، بعد أن كنا نمشي على رمال الشاطئ.

- لماذا ذكر الله (إذا) حرف المفاجأة في الآيتين من سورة النحل وسورة ياسين؟

- جاء حرف المفاجأة بعد ذكر خلق الإنسان من نطفة، فهو تعجب من تطور حال هذا الإنسان من كونه نطفة مهينة إلى خصيم مبين وذلك أن المخاصمة والمجادلة تكون مع العقل والتفكير؛ ففي الجملة مفاجأة مع التعجب، فقد أصبح شديد الشكيمة بعد أن كان نطفة مهينة.

وفي تفسير آخر أن (إذا) جاءت؛ لأن الإنسان خلق ليعبد الله، فإذا به يخاصم ويجادل في آيات الله، والفترة الزمنية بين الحالتين لا اعتداد بها، قياسا بعظم المفارقة بينهما.

دعني أقرأ لك من تفسير ابن عثيمين -رحمه الله-.

فتحت الرابط المطلوب على هاتفي:

{أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا}، يعجز فيه: {ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم}، ما أحسن قوله {ونسي خلقه}، قبل أن يقول مقالة هذا الإنسان: {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.

قاطعني صاحبي قائلاً.

- رد منطقي لمن أراد النقاش المنطقي.

- نعم في آيات كثيرة يرد الله -عز وجل- على الكفار آراءهم بالمنطق والعقل، ومع ذلك لا يقبلون الحق، وهذا من أسوأ أخلاق الإنسان، أن يجادل في الحق، لمجرد الجدال، ولو أن أحدنا عود نفسه وكان خلقه قبول الحق متى جاءه لعاش على خير، ومات على خير وبعث على خير إن شاء الله.

- إن قضية قبول الحق قضية صعبة، وتحتاج أن يروض المرء عليها نفسه، أن يقول: «سمعت وأطعت»، ولكن كثيرا منا يجادل ويخاصم بدون علم، مع الأسف الشديد، لطبع سيء موجود عندنا وهذا ما ذمه الله، وجدال الإنسان يكون في أصغر القضايا، حتى يصل إلى مناقشة (وجود الله)، وهذا منهج الفلاسفة حتى اليوم، أعرف (دكتور) يدرس في الجامعة مقرر فلسفة وحديثه دائما «يجب أن نشكك بكل شيء»، وهو شخصيا يشك بوجود الله وفي الجنة والنار وكل شيء، هذا ما وصل إليه بعد دراسة الفلسفة بعمق، وفي الولايات المتحدة نسأل الله العافية وله الهداية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك