رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 28 مارس، 2016 0 تعليق

ما ذمه القرآن… من أخلاق الإنسان (4)

- لماذا يذم الله خُلُقا جُبل عليه الإنسان؟!

- هل لك أن توضح سؤالك؟

- لقد وصف الله الإنسان فقال: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ} (المعارج:19-22).

لماذا تُذم هذه الصفة أو هذا الخلق طالما أن الإنسان خلق على هذه الهيئة؟!

كان الحوار في مجلس عائلي جمع الأخوات والإخوان وبعض الأنساب، وكانت السائلة شقيقتي طيبة.

- في التفسير : «إذا قرأت (خلق الإنسان) فإما أن يتعلق بها مادة مثل: {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج}، ومثل: {وبدأ خلق الإنسان من طين}، وأما أن يتعلق بها خلق أو غريزة، وفي هذه الحالة الثانية ينبه الله إلى هذا الخلق  تحذيرا من طغيانه والتمادي فيه، مع أن الإنسان يحتاج إلى شيء منه لتستقيم حياته، مثل (حب الشهوات)، ومثل (العزة)، ومثل (العجلة)، فهذه وغيرها يحتاج الإنسان إلى شيء منها لتسقيم حياته وتستمر سوية، ولكن دون أن يتمادى فيها، فيتمادى في الشهوات، وتقلب (العزة) إلى (تكبر)، و(العجلة) إلى تهور، وهكذا.

- كلام جميل، أسمعه للمرة الأولى.

- وهكذا أحدنا مهما تقدم به العمر، ومهما ازداد في العلم، يتعلم شيئا جديدا، وكما قال الشافعي: «كلما ازددت علما ازددت علما بجهلي».

- وما معنى (هلوعا)؟!

- قال كثير من المفسرين، هو ما بينه الله بعد ذلك: {إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا}، وفي كلمة واحدة.

الهلوع: الحريص، شديد الحرص، قليل الصبر.

وهذه الصفة في الإنسان يحتاج إلى شيء يسير منها حتى يحافظ على ماله، ولا يبذر ويهلك، ولكن إذا بلغ مرحلة الجزع عند المصيبة وشدة البخل في النعمة فهذا الذي ذمه الله عز وجل، ومن كمال بيان القرآن أنه يصف العلاج الناجع لكل نقص في البشر.

تم تجهيز المكان لتقديم العشاء.

- ماذا تعنى؟

- هنا ذكر الله هذا الخلق الذميم تنبيها على ضرورة التخلص منه إذا وجد وتجنب حصوله إن لم يوجد، والعلاج بعده، {إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون...}، هذه مجموعة أعمال إذا أتى بها العبد عالج (الهلع)، وفي المجمل هي أداء الواجبات، اجتناب المحرمات، أركان الإيمان وأداء حقوق الآخرين، أما التفصيل فهو كما يأتي:

     {إلا المصلين} {الذين هم على صلاتهم دائمون} أي: مداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها. وليسوا كمن لا يفعلها، أو يفعلهاوقتا دون وقت. {والذين في أموالهم حق معلوم} من الزكاة. {للسائل} الذي يتعرض للسؤال {والمحروم} وهو المسكين الذي لا يسأل الناس فيعطوه، ولا يفطن له فيُتَصدق عليه. {والذين يصدقون بيوم الدين} أي: يؤمنون بما أخبر الله به، وأخبرت به رسله، من الجزاء والبعث، ويتيقنون ذلك فيستعدون للآخرة، ويسعون لها سعيها. والتصديق بيوم الدين يلزم منه التصديق بالرسل، وبما جاؤوا به من الكتب. {والذين هم من عذاب ربهم مشفقون} أي: خائفون وجلون، فيتركون لذلك ما يقربهم من عذاب الله.

     {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} أي: مراعون لها، حافظون مجتهدون في أدائها والوفاء بها، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربه، {قتل الإنسان} {قتل} تأتي في القرآن كثيرا، فمن العلماء من يقول: إن معناها لعن، والذي يظهر أن معناها أهلك. وقول تعالى: {قتل الإنسان} قال بعض العلماء: المراد بالإنسان هنا الكافر خاصة، وليس كل إنسان؛ لقوله فيما بعد {ما أكفره} ويحتمل أن يكون المراد بالإنسان الجنس.

     {ما أكفره} قال بعض العلماء إن {ما} هنا استفهامية أي: أي شيء أكفره؟ ما الذي حمله على الكفر؟ وقال بعض العلماء: إن هذا من باب التعجب يعني ما أعظم كفره! وإنما كان كفر الإنسان عظيما لأن الله أعطاه عقلا، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأمده بكل ما يحتاج إلى التصديق، ومع ذلك كفر؛ فيكون كفره عظيما، والفرق بين القولين أنه على القول الأول تكون {ما}استفهامية أي: ما الذي أكفره؟ وعلى القول الثاني تكون تعجبية يعني عجبا له كيف كفر مع أن كل شيء متوفر لديه في بيان الحق والهدى! والكفر هنا يشمل أنواع الكفر كلها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك