رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: رائد الحزيمي 25 يونيو، 2019 0 تعليق

ما الهم الذي تحمله؟

كلنا يحمل هموما كثيرة، ما ينفك الإنسان عنها، هذه الهموم بعضها دنيوي، وبعضها أخروي؛ فمن الهموم الدنيوية وما أكثرها!: همّ الدراسة، الرزق والوظيفة، وحاجات الأسرة، وأعطال السيارة، ومشكلات الأبناء، وأخبار الفريق الكروي. ومن الهموم الأخروية: أحوال المسلمين، وعذاب القبر، وأهوال القيامة، المصير إلى الجنة أو إلى النار، تربية الأبناء، وكيفية القيام بحقوق الوالدين، هم الدَين وسداده للخلوص من حقوق العباد. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نتخلص من هذه الهموم؟

هناك وعد جميل من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ , قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم, يَقُولُ: «مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ الْمَعَادِ, كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ, وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا, لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ».

     من هنا ينبغي على المسلم أن يعطي كلاً من الدنيا والآخرة قدرها؛ فيتخفف من شواغل الدنيا وهمومها، ويجعل همّه وشغله في مسائل الآخرة، وهذا ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «من جعل الهموم همّاً واحداً»، وفي رواية: «من كان همه الآخرة، جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا، فرّق الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له»(أحمد ح21080)، وفي رواية: «من جعل الهموم هماً واحداً هم آخرته كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبالِ الله في أي أوديتها هلك»(ابن ماجه ح257)، وعن الحسن قال: «فمن تكن الآخرة همه وبثه وسدمه يكفي الله ضيعته، ويجعل غناه في قلبه، ومن تكن الدنيا همه وبثه وسدمه يفشي الله عليه ضيعته ويجعل فقره بين عينيه، ثم لا يصبح إلا فقيرًا، ولا يمسي إلا فقيرًا»(الدارمي ح331).

     لذلك لابد أن يكون السؤال الذي يطرحه الإنسان دائمًا على نفسه: ما الهم الأول الذي يسيطر على حياتي؟ هل هذا الهم من هموم الدنيا؟ أم من هموم الآخرة؟ حاول أن تكتب الهموم التي تهمك في ورقة، وانظر أهمها لديك، وأكثرها شغلاً لبالك، ثم انظر كم من هذه الهموم للدنيا وكم منها للآخرة، قال علي بن أبي طالب: «ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون؛ فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل»(رواه البخاري في باب الأمل وطوله).

     ومن أراد أن يعرف الهم الأكبر الذي يشغله؛ فلينظر في أحواله: ما الذي يفكر فيه قبل نومه أو في صلاته؟ ما الذي يفرحه ويحزنه؟ وما الذي يغضبه؟ ما أمنياته؟ وبماذا يدعو الله في سجوده؟ وما الذي يراه في منامه وأحلامه؟ ما الأمر الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في قراراته، كاختيار الزوجة ومكان السكن، هل هو الجمال وإيجار الشقة؟ أم الدين والجوار من المسجد؟ وهكذا.

إن التبصر في ذلك كله يدلك على الهم الأول أو الأكبر في حياتك؛ فتعرف حينذاك أنك ممن أهمته دنياه أو أخراه.

ويأتي السؤال هنا، كيف أجعل كل هذه الهموم همًا واحدًا وهو هم الآخرة؟

     الآخرة طريقها عبادة الله -سبحانه وتعالى- بأنواع العبادات القلبية، واللسانية، والجوارح، كل هذه العبادات هي طريق  الآخرة كيف اجعلها هماًّ واحداً؟ فعلى سبيل المثال نحن في رمضان الآن، أولى الهموم التي يجب أن تشغلنا هي: كيف نحقق العبودية الكاملة لله -تبارك وتعالى- حتى نخرج من رمضان وقد غفر الله لنا؟؛ فتجد الإنسان الحريص على رضا الله -تعالى- مشغولا دائمًا بهذا الهدف؛ فتجده حريصا على أداء الصلوات الخمس في المسجد، وتجده حريصا على قيام الليل، وتجده حريصا على قراءة القرآن الكريم، وتجده حريصا على الصدقة،  وكذلك حريصا على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان إلى غير ذلك من الأعمال الصالحة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك