رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 23 فبراير، 2015 0 تعليق

ما أفضل الأعمال الخيرية والوقفية؟

سؤال يتكرر كثيراً من المتبرعين والحريصين على تقديم أفضل الصدقات والأعمال لنفع المسلمين والوقوف مع حاجاتهم.

     ومن محاسن التشريع الإسلامي أن الأولوية والأفضلية في الصدقة والوقف لا تكون مطلقة في الزمان والمكان والأحوال والأشخاص؛ فاختلاف الأفضلية تكون باختلاف الزمان والمكان والحال.

فأفضل الصدقة ما كان أكثر نفعاً في زمنها؛ بحيث  يحتاجها الناس وتلبي متطلباتهم، وتحفظ كرامتهم .

ق     ال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- في كتابه (منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين)(1) (باب: الوقف):  وهو من أفضل القرب وأنفعها إذا كان على جهة بر، وسلم من الظلم، وأفضله: أنفعه للمسلمين».

وجاء في كتاب (إتحاف الأحلاف في أحكام الأوقاف)(2): «إن أفضل الأوقاف: وقف شيء يحس الناس أنهم بحاجة ماسة له».

وفي كتاب (الخصوف في أحكام الوقوف): أفضل الوقف، أبقاه وأعمه نفعاً، وأشده احتياجاً(3).

وأكد ذلك ابن القيم بقوله: الأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه(4).

    فمعنى هذا أنه لا يوجد عمل هو الأفضل على الإطلاق، وإنما لكل وقت عمل يكون هو الأفضل بالنسبة له؛ مما ينبغي أن يُعرف أن الأولويات في المشاريع الخيرية والوقفية والدعوية تختلف باختلاف الزمان والمكان؛ فما يكون مقدماً في وقت قد لا يناسب تقديمه في وقت آخر، وما يكون أولى في حق مجموع من أصحاب الحاجات،  قد يكون في وقت النوازل والعوز غيرهم أحوج .

     فلكل وقت عمل، ولكل وقت واجب، تعارف على تسميته بواجب الوقتوهو العمل الذي يجب القيام به الآن، ولا يسع تأخيره، وأن في تأخيره تفويتاً لمصالح كبيرة ووقوعاً في مشكلات كان من الممكن تجنبها . وهو بهذا المعنى يتحدد في تلك الواجبات الآنية الوقتية التي ينبني عليها فعل أمر أو ترك نهي، وهذا المفهوم (واجب الوقت) كثير الورود في حياتنا العامة والخاصة.

     فمعرفة المؤسسات الخيرية والوقفية ما يتطلبه واجب الوقت من أعمال تقدم على غيرها، ومهام تؤدى قبل ما سواها، ففقه الأولويات في العمل الخيري والوقفي يحتاجه كل من جند نفسه لهذا الخير العظيم، فالأهم مقدم على المهم، والأكبر مصلحة والأعم نفعاً والأبعد أثراً أولى من غيره، وكما قيل أفضل الصدقة ما كانت أكثر نفعاً في زمنها

     فما يخشى فواته أولى بالتقديم على ما لا يخشى فواته، ومن القواعد المهمة في هذا المجال أن : «تُقدّم المصلحة الدائمة على المصحلة العارضة أو المتقطعة»، وأن: «درء المفسدة مُقدّم على جلب المصلحة». والعلم مقدم على العمل في المؤسسات الخيرية وغيرها، فلابد أن يخطط للأعمال الخيرية، وأن يبنى العمل وفق نظم ومنهجية تضمن رعاية الأصول الخيرية والوقفية وتحقق الإدارة الرشيدة للأعمال والمشاريع المجتمعية؛ واستمرارية العطاء، فلا بعد لأي عمل خيري ووقفي التفكير قبل التنفيذ، ودراسة جدوى تلك المشاريع وتكاليفها ومخرجاتها، واستشارة أهل الإخلاص والاختصاص قبل المضي في صرف الأموال المؤتمنين عليها.

     ويُعمل على تقديم العمل الأكثر نفعا والأبقى أثراً، وعلى قدر نفعه للآخرين يكون فضله وأجره عند الله، والعمل الدائم مقدم على العمل المنقطع لحديث: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل» رواه البخاري .

الهوامش

1 - انظر : منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين: (ص 62-63).

2- إتحاف الأحلاف في أحكام الأوقاف، عمر حلمي، (ص 5).

3 - ترتيب الصنوف في أحكام الوقوف» على حيدر أفندي ، ص 111، الطبعة الأولى ، 2010 دار الريان بيروت

4 - مدارج السالكين محمد بن أبي بكر بن القيم - تحقيق محمد حامد الفقي - دار الكتاب العربي- بيروت - 1/89. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك