مالاوي…شبهات النصارى حول الإسلام
حبذا لو تتسع نظرة بعض الموسرين من أغنياء المسلمين فيتجهون بزكواتهم وصدقاتهم إلى هؤلاء الفقراء في مالاوي
لا يزال الإسلام يتعرض من أعدائه للمزيد من الشبهات، وذلك لصد الناس وتنفيرهم عن اعتناقه، وليس هذا خاصًا في مالاوي دون غيرها، وإنما في مكان وعبر كل زمان، فيجد الباحث في الشأن المالاوي ترديد الشبهات الشهيرة فضلًا عن شبهات خاصة بغير المسلمين من أهل مالاوي؛ من تلك الشبهات العامة رمي الإسلام بأنه دين القتل والعنف والإرهاب، ويدللون على ذلك بالحروب الواقعة في بلاد المسلمين، من ذلك: أفغانستان والصومال ونحوهما، وكم قوبلنا في أثناء الدعوة بمثل هذا القول! فكان الجواب أن الناس في هذه البلاد وغيرها من المسلمين مجني عليهم وليسوا جناة؛ فهم تعرضوا لغزو من بلاد أخرى جاءت لتسيطر على أرضهم؛ مما اضطرهم لقتالهم وقتال من تواطؤوا معهم، مع العلم أن من قاموا بحروب عالمية أكلت الأخضر واليابس وقتها ليسوا المسلمين، وإنما نصارى أوروبا، ومن صنع القنابل النووية والهيدروجينية الفتاكة ليسوا المسلمين بل النصارى ونحو ذلك.
أيضا من شبهاتهم وصف الحدود والعقوبات في الإسلام بالعنف والقسوة، وأذكر أن قامت مدرسة نصرانية في مدرسة دخلناها للدعوة فذكرت حد الرجم واتخذته مادة للتنفير عن الإسلام، ثم قارنت ذلك - حسب قولها- بسماحة النصرانية، وذكرت قولا نسبته للمسيح في الإنجيل وهو يقول عن امرأة زنت: «من كان منكم بلا خطية فليرمها بحجر».
فكان الرد عليها أن قول المسيح -عليه السلام- على فرض ثبوته؛ ففيه إثبات الرجم وليس نفيه؛ وأن الرجم عقوبة معروفة في الإنجيل.
ومن الشبهات التي توجد عند الأوربيين وليست عند الأفارقة مسألة تعدد الزوجات في الإسلام؛ لأن القبائل الإفريقية عرف فيها التعدد من قديم، حتى يصل العدد أحيانًا إلى سبعة بل وأكثر من ذلك؛ ولهذا تجد الكثير من النصارى الكاثوليك لديه أكثر من زوجة؛ بل القساوسة والكهان ورجال الكنيسة يتزوجون وليسوا مثل نصارى أوروبا، وهذا يدل على طروء النصرانية على هؤلاء وأنها دخيلة عليهم بفعل الاحتلال الأوروبي، وانظر كيف وفق الكاثوليك أوضاعهم مع الأفارقة في هذه المسألة، فلم يحرموا عليهم التعدد حتى يقبلوا النصرانية.
وبالنظر إلى بعض شبهاتهم الأخرى يجد منها ما يبعث على الاستغراب بادئ الرأي؛ إذ هي منافية للعقل والفطرة، من ذلك قولهم: بأن المسلمين يفتحون بطن الميت، ويستخرجون أمعاءه ليأكلوها، حتى إن المسلمين أحيانا يدعون ملوك القرى من النصارى ليشاهدوا تغسيل موتى المسلمين وتكفينهم ودفنهم ليرى بنفسه ويعلم أن ما يتردد في هذا من الكذب الصريح.
أيضا من الشبهات حول المسلمين عدم الدفن في صندوق مثل النصارى، ويعدون ذلك من إهانة الميت، وقد حدثنا من النصارى بذلك الكثير منهم؛ وبعد نقاش فيه أن الصندوق وما فيه مآله إلى التحلل والتراب، وليس الدوام، والله -عز وجل- جعل مصير ابن آدم بعد موته إلى التراب؛ حيث منه خلق وإليه يعود؛ قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}(طه: 55)؛ وهم أيضا يقرون أن الصندوق لا يحفظ الميت من التحلل فما الداعي له إذن.
وبالجلوس والنقاش مع بعض النصارى تجدهم يقولون: لو كان الإسلام حقًا لكان المسلمون أغنياء؛ وهم بهذا يحكمون على حال المسلمين في مالاوي؛ حيث جلهم يعانون الفقر وضيق الحال، ولو نظر ناظرهم لوجد المال أكثره في أيدي المسلمين؛ ولكن لي في مالاوي؛ وما جاع مسلم إلا ببخل غني؛ وبإمساك موسر عن الصدقة أو الزكاة.
ولذا لو تتسع نظرة بعض الموسرين من أغنياء المسلمين فيتجهون بزكواتهم وصدقاتهم إلى هؤلاء الفقراء في هذه الدول مثل مالاوي وغيرها؛ لكان له أكبر الأثر في تغيير النظرة العامة للمسلمين، وبناءً عليه للإسلام. ولا ننسى سهم المؤلفة قلوبهم للمسلمين الجدد أو حتى لمن يطمع في إسلامهم من غير المسلمين؛ ولهذا كان حرص شيخنا وحيد بالي -حفظه الله- على تقديم الهدايا من الثياب والأطعمة وبعض النقود للمسلمين الجدد في القرى التي يدخل أهلها الإسلام؛ بل تقديم وجبة يومية من الطعام لطلاب المدارس الإسلامية(الكتاتيب) تشجيعًا وتحفيزًا لهم على مواصلة الدراسة وتعلم الإسلام؛ حتى يتمكن من قلوبهم.
ومن عجيب شبهات النصارى في مالاوي وطرائفهم حول الإسلام والمسلمين مسألة الطهارة بالماء والاستنجاء من البول والغائط؛ ذلك لأنهم لا يتطهرون بالماء، فهم على زعمهم يأنفون من ذلك ومن استعمال اليد في التطهير؛ ولو نظر أحدهم لوجدوا حرص الإسلام على طهارة المسلم وهم ينظفون أطفالهم الرضع بالطريقة نفسها وبالماء، إلا أن قساوسة الكنيسة يذكرونهم بمثل تلك الشبهات الساذجة في كل محفل؛ حتى يحدوا من انتشار الإسلام، بعد أن أصبحت الكنيسة كل يوم يقل رعاياها، والمسلمون في ازدياد وتنام، ومن غريب القول أيضًا ما يجده الباحث في الشأن المالاوي من اعتراف كثير من النصارى حتى بعض القساوسة بأن الإسلام حق وأن النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم النبيين؛ وبعضهم يقول بأن عيسى -عليه السلام- بشر وليس إلها؛ إلا أنه نصراني لاعتقاده بصحة النصرانية وبقائها وأن كلا الطريقين يدخل الجنة كما يقول، وقد حدثني بعض الناس أن الكنيسة لا تستطيع إنكار نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته؛ لأن الإسلام أسبق وأقوى أثرًا، وأبقى في نفوس الناس؛ ولهذا على الداعية في الحقل الإفريقي أن يبين للناس أن الله لا يقبل إلا الإسلام؛ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85). وحديث النبي صلى الله عليه وسلم : «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» رواه مسلم.
وللعلم هداية الكتاب والسنة أوقع أثرا في النفوس من أي كلام سواهما؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الحجة على الناس بكتاب الله تعالى؛ وعليه فالداعية في مالاوي وغيرها لابد وأن يكون مسلحا بسلاح العلم والتقوى، ويعلم أنه بقدر إخلاصه يكون نجاحه، وبقاء أثر عمله ثم يدرس طبيعة الناس وطبيعة المكان؛ ويعرف ما يدور في أذهانهم عن الإسلام حتى ينطلق وهو يعرف ما في يد المعاند منهم من شبهات أو افتراءات حتى يتسنى له الرد عليها.
ويا حبذا قيام مؤسسات على تجهيز الدعاة لغير المسلمين بالدورات العلمية اللازمة، وبالوسائل المطلوبة، وبالأساليب النافعة، ولو أمكن يتم تجهيز تلك الخبرات في كتب أو أقراص معلوماتية للحاسوب، ويكون ذلك بأكثر من لغة من اللغات المطلوبة؛ للعمل في تلك الدول مثل مالاوي؛ حتى يأتي الداعية فيبدأ من حيث وقف الآخرون ولا يبدأ هو من نقطة البداية فيضيع وقتًا وجهدًا ومالًا.
والله من وراء القصد
لاتوجد تعليقات