رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 9 مارس، 2017 0 تعليق

مأساة مسلمي الرّوهينغا.. استمرار القتل وصمت العالم!

(سان سوكي) الحاصلة على جائزة نوبل للسلام توفر الغطاء السياسي للأعمال الوحشية التي يمارسها جيشها ضد المسلمين

منذ تولي حكومة (سان سوكي) السلطة تزايدت شكاوى الاضطهاد العرقي، وانتشر الصراع في مختلف أنحاء ميانمار

قال مسؤولان بارزان في الأمم المتحدة معنيان بشؤون اللاجئين الفارين من العنف: إن أكثر من ألف من مسلمي الروهينغا ربما قتلوا في حملة قمع ينفذها جيش ميانمار، وهي حصيلة أكبر بكثير مما تحدثت عنه التقارير سابقا.

     وقال المسؤولان اللذان ينتميان إلى وكالتين منفصلتين تابعتين للأمم المتحدة تعملان في بنغلادش؛ حيث فر قرابة 70 ألفا من الروهينغا من العنف في الشهور الأخيرة: إنهما قلقان من عدم إدراك العالم الخارجي إدراكا كاملا لفداحة الأزمة التي تتداعى في ولاية (راخين) بشمال غرب ميانمار، حسبما ذكرت وكالة (رويترز).

     وقال أحد المسؤولين طالبا عدم نشر اسمه: إن الحديث حتى الآن يدور حول مئات القتلى، ربما يكون هذا تهوينا في التقديرات، ونحن نتحدث عن آلاف، وأشار كلا المسؤولين إلى حجم الشهادات التي جمعتها الوكالتان الدوليتان من اللاجئين على مدار الشهور الأربعة الماضية لاستنتاج أن عدد القتلى تجاوز الألف على الأرجح.

ويعيش نحو 1.1 مليون من مسلمي الروهينغا في ظروف أشبه بالفصل العنصري في شمال غرب ميانمار؛ حيث يحرمون من حقوق المواطنة، ويعدهم كثيرون في الدولة ذات الغالبية البوذية مهاجرين غير شرعيين.

     فضلا عن المعلومات التي قدمها مسؤولا الأمم المتحدة لرويترز، أورد تقرير أصدره مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان روايات عن عمليات قتل واغتصاب جماعي من جانب قوات في شمال غرب ميانمار في الشهور الأخيرة التي قال: إنها ربما تعد جرائم ضد الإنسانية.

واستشهد تقرير مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بأدلة داعمة منها جروح ناجمة عن طلقات نارية وأسلحة بيضاء أصيب بها لاجئون، وصور التقطت عن طريق الأقمار الصناعية تظهر تدمير قرى بكاملها.

وأبلغ مسؤول كبير ثان بالأمم المتحدة من وكالة أخرى في بنغلادش (رويترز) أن ما وصفه التقرير هو فقط (قمة جبل الجليد)، واستند تقرير مكتب المفوض السامي إلى مقابلات مع 220 شخصا قال معظمهم: إنهم يعرفون أشخاصا قتلوا أو اختفوا.

     كما راجعت (رويترز) تحليلا داخليا منفصلا للأمم المتحدة استخدم نطاق عينات أكبر كثيرا، وفي هذا التقرير الذي لم ينشر واستند إلى مقابلات مع أسر تشمل أكثر من 1750 لاجئا ورد 182 بلاغا عن مقتل أشخاص في قرية، من أجريت معهم المقابلات فقط و186 بلاغا عن أشخاص من قريتهم اختفوا، وهو ما يمثل أكثر من 10 بالمئة في الحالتين كلتيهما.

وصمة عار على جبين صاحبة نوبل للسلام

     على مدى عشرات السنين بدت (أونج سان سوكي) زعيمة حزب الأغلبية في ميانمار قديسة بفضل كفاحها في وجه طغيان نظام الحكم العسكري في ميانمار، ولكن أحداث ميانمار التي شهدت فرار أكثر من 65 ألف شخص من أقلية الروهينجا المسلمة غرب ميانمار؛ بسبب الأعمال الوحشية التي تتعرض لها ألحقت ضررًا بالغا بصورة (سوكي) الحاصلة على جائزة نوبل للسلام.

     وأصبح الواقع في ميانمار أشبه بفيلم رعب كئيب؛ فالسيدة الحاصلة على جائزة نوبل للسلام تقديرا لكفاحها على مدى عشرات السنين ضد ديكتاتورية الطغمة العسكرية التي كانت تحكم بلادها، توفر الآن الغطاء السياسي للأعمال الوحشية التي يمارسها جيشها ضد الأقلية المسلمة.

     وأصبحت المأساة الإنسانية لأقلية الروهينجا التي بدأت منذ سنوات في ولاية (راكهين) غرب ميانمار أكبر تحد يواجه حكومة (سان سوكي) المنتخبة انتخابا ديمقراطيا؛ حيث يواجه جنود الجيش اتهامات بحرق المسلمين العزل وقتلهم، واغتصاب النساء، وفر 65 ألف شخص على الأقل من مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش المجاورة بحسب تقرير المنظمة الدولية للهجرة.

     ورغم أن أغلب مسلمي الروهينجا يعيشون في ميانمار منذ أجيال؛ فإنهم من الناحية الرسمية لا يحملون جنسية البلاد، وهو ما يحد من قدرتهم على الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والوظائف، وتعد الأمم المتحدة أقلية الروهينجا واحدة من أشد الأقليات بؤسا واضطهادًا في العالم.

أماكن منفصلة

     ومنذ تفجر أعمال العنف في ولاية (راخين) عام 2012، يعيش المسلمون والبوذيون في أماكن منفصلة غالبا، وفي مخيمات بائسة في حالات كثيرة، وحتى قبل تفجر موجة أعمال العنف الأخيرة، تواجه (سان سوكي) التي تتولى منصب وزير الخارجية ومستشار الدولة، في حين يحظر عليها الدستور تولي منصب رئيس البلاد، انتقادات حادة بسبب صمتها على مأساة هذه الأقلية المضطهدة وعدم التدخل للدفاع عنها.

الاضطهاد العرقي

     ومنذ تولي حكومة (سان سوكي) السلطة، تزايد عدد شكاوى الاضطهاد العرقي في ميانمار، وانتشر الصراع في مختلف أنحاء الدولة، وأصيب المستثمرون بالإحباط بسبب بطء وتيرة التنمية واستمرار اضطهاد المواطنين بالقوانين التي تعود إلى فترة الحكم العسكري.

     ورغم ذلك يعد المراقبون الأجانب أزمة ولاية (راخين) نقطة ضعف في أداء (سان سوكي) حتى الآن؛ ففي ديسمبر الماضي انتقدت 13 شخصية حاصلة على جائزة نوبل للسلام سوكي البالغة من العمر 71 عاما؛ بسبب عدم تصديها لاضطهاد أقلية الروهينجا والدفاع عنها.

     وقال الحاصلون على نوبل للسلام في خطاب مفتوح موجه إلى مجلس الأمن الدولي في ديسمبر الماضي: إن الأحداث التي تشهدها ولاية راخين؛ حيث يتم منع وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الصراع لمدة أسابيع ترقى إلى مرتبة (التطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية)، وذكر الخطاب: حان الوقت للمجتمع الدولي لكي يعلن معارضته القوية لهذه الممارسات، وإذا فشلنا في التحرك، فإن الناس تواجه الموت جوعا إذا لم يقتلهم الرصاص في مناطق النزاع في الولاية.

وفي حين تواصل وسائل الإعلام الحكومية في ميانمار بث الدعاية العسكرية القديمة، تنتقد الحكومة وسائل الإعلام الأجنبية الممنوعة من الوصول إلى مناطق الصراع بدعوى أنها تنشر أخبارا كاذبة.

     يقول (ديفيد ماتيسون) - المحلل المقيم في مدينة (يانجون) كبرى مدن ميانمار: إن طريقة تعامل (سوكي) مع الأزمة فظيعة، في الوقت نفسه دافع (ماتيسون) عن وسائل الإعلام الأجنبية في مواجهة ما يعدها انتقادات ظالمة، ويضيف: الآن أصبح الأمر واضحا وهو أن (سان سوكي) وليس الجيش هي التي خلقت هذه الفوضى كلها.

     أما المحلل البورمي (مين زين) -يدرس العلاقات بين المدنيين والعسكريين في البلاد- فيقول: إن الدستور لم يمنح الحكومة الجديدة سوى صلاحيات محدودة للغاية، مضيفا أن الجيش مازال يسيطر على ربع مقاعد البرلمان إلى جانب الوزارات الأساسية بما فيها وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والشؤون الحدودية، وبحسب مين زين فإن افتقاد سوكي للشفافية يذكره بممارسات الحكومات العسكرية السابقة، وقال: ليس لدينا فكرة عما تفكر فيه (سان سوكي) وما استراتيجيتها هنا.

     في الوقت نفسه فإن الأغلبية من سكان ميانمار يرفضون الاعتراف بحق أقلية الروهينجا في المواطنة وجنسية البلاد، ويؤيدون موقف حكومتهم التي تقول: إن هؤلاء المسلمين هم في الواقع مهاجرون من بنجلاديش. وعلى الصعيد الداخلي، فإن حكومة (سان سوكي) التي حصلت على أكثر من 80% من الأصوات في انتخابات 2015، تواجه انتقادات من شعب ميانمار؛ بسبب مطاردة الباعة الجائلين في شوارع العاصمة يانجون، وليس بسبب تسترها على انتهاكات الجيش لحقوق الإنسان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X