مأساة قوارب الموت!
تتزايد يوما بعد يوم مأساة الهاربين من ويلات الحروب وجحيم الفقر والعوز في بلدانهم طالبين الموت في عرض البحر لعلهم يصلون إلى حلم الثراء والعيش الكريم في القارة العجوز، قد لا تكون أحلامهم صحيحة إلا أنها تبقى لهم الأمل الأخير الذي قد يفتح لهم ولأسرهم مستقبلا مستقرا يلقون فيه الأمن والأمان والتعليم والعلاج، وهي المتطلبات الأساسية لأي إنسان، بدأت قوارب الموت تطفو على سطح المشكلات الإنسانية، وتؤرق الكثير من بلدان العالم، وتتطلب حلا عمليا قابلا للتطبيق بعيدا عن تشديد القوانين وحماية السواحل، وبحسب المنظمات العالمية لحقوق الإنسان، فإن مئات الأشخاص يلقون حتفهم كل عام أثناء محاولتهم الوصول إلى شواطئ أوروبا، ولاشك أن هذا الأمر يمثل مشكلة إنسانية ملحة، تتطلب أن تتضافر جهود المجتمع الدولي لمعالجتها والحد من آثارها.
فالمسؤولية الأولى تقع على الحكومات الأوروبية في قبول هؤلاء المهاجرين وتوطينهم بطريقة إنسانية ومساعدتهم على تجاوز ظروفهم الصعبة، والمسؤولية الثانية تقع على عاتق المجتمع الدولي الذي يجب عليه إيجاد أنظمة وقوانين تنظم مثل هذه الرحلات القسرية التي تمليها الظروف الإنسانية الصعبة لهؤلاء المهجرين؛ بحيث يسهل من مهمة الفارين من أتون ويلات الحروب إلى أماكن أكثر أمنا واستقرارا، وينبغي معاقبة المهربين المتاجرين بدماء الضعفاء الذين يستغلون ظروفهم بطريقة بشعة تؤدي إلى غرق الكثير من السفن والقوارب القديمة المستخدمة لمثل هذه الرحلات الخطرة، ومع أن مخاطر هذه الرحلة واضحة لكل من يحاول الهجرة، إلا أن الظروف القاهرة التي يعانيها هؤلاء الفارين تجعلهم يغامرون بأنفسهم وأسرهم وجميع ما يملكون فقط للظفر برحلة الموت، وبالتالي إنقاذ نفسه أو أسرته من جحيم الحروب وويلاتها؛ لذلك يكون لزاما على المجتمع الدولي التدخل لوقف نزيف الدماء والفوضى العارمة التي اجتاحت كلا من سوريا وليبيا واليمن وغيرهم من البلاد والتهجير المقنن الذي يتعرض له مواطنو تلك الدول وإيجاد أماكن مناسبة للاجئين في الدول المجاورة.
والمسؤولية الثالثة تقع على الدول ذاتها التي يخرج منها هؤلاء المهاجرون؛ بحيث يجب عليها معالجة أوضاعها السياسية ومحاولة إنهاء الحروب والصراعات الدائرة في بلدانها، ولاشك أن محاولات منع هؤلاء المهاجرين من الوصول إلى أوروبا وبأي طريقة كانت يمثل زيادة لمعاناة هؤلاء، والأولى منها هو مساعدتهم والتخفيف من آلامهم، والمشكلة الرئيسة لهذه المأساة تكمن في تزايد أعداد هؤلاءوما تزال دول العالم تتعامل معها بالطريقة التقليدية القديمة نفسها ومن غير وضع حلول جذرية، ومع أن الجميع يدرك أن مسألة اللاجئين تحتاج إلى حلول إنسانية أكثر من الحلول الأمينة ومراقبة السواحل.
لاتوجد تعليقات