رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 1 فبراير، 2018 0 تعليق

مأساة إنسانية-وفاة أطفال سوريا بين الثلوج والجليد

إغاثة الملهوف وإعانة المنكوب والتخفيف من آثار الكوارث من أعظم الواجبات التي أوجبها الله على عباده،  بغض النظر عن الدين والجنس واللون، ويأتي ذلك في اطار التكافل الإنساني الشامل الذي نادى به الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين؛ ففي الحديث الذي رواه البخاري، تكفل الله  -تعالى- لمن فرج كربة الملهوف أن يفرج عنه كربة من كربات يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة». الحديث متفق عليه.

     وإن ما يمر به أهل سورية هذه الأيام  يعد مأساة بمعنى الكلمة؛ ففوق ألم التشرد والنزوح واللجوء، يأتي البرد بقسوته وشدته ليزيد من معاناة الأطفال وكبار السن؛ ففي تصريح لها عَدَّت منظمة الطفولة العالمية (يونيسف) وفاة الأطفال الفارين من سوريا بسبب البرد القارس والجليد عند الحدود السورية اللبنانية مأساة إنسانية على العالم أن يتوقف عندها، وقال مدير المنظمة الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خيرت كابالاري وفقاً لبيان صدر عن (يونسيف): إنه لمن المأساوي أن 12 سورياً من بينهم طفلان اثنان فارقوا الحياة في شرقي لبنان بالقرب من معبر المصنع الحدودي مع سوريا؛ حيث يخاطر السوريون بحياتهم وحياة أطفالهم سعياً وراء الحصول على الأمان والمأوى.

     ولفت المسؤول الأممي إلى استمرار جهود سكان المنطقة والسلطات اللبنانية في البحث عن الذين ما زالوا بحسب التقارير عالقين في الجبال في درجات حرارة متجمدة وفي الثلوج، مفيداً أن المنظمة تعمل بالتعاون مع مجموعة من الشركاء على مساعدة العائلات لمواجهة الطقس القاسي بتوزيع الأغطية والملابس الشتوية وتوفير الوقود للمدارس، مطالباً بمضاعفة تقديم المساعدات للأطفال المتضررين.

تفاقم الأزمة

وقد تفاقمت معاناة النازحين السوريين في المخيّمات الموجودة داخل سوريا، ولا سيما مع ازدياد موجات النزوح مؤخّراً، جراء هجمات نظام الأسد المتكرّرة على مناطق مأهولة بالسكّان، وازدادت المعاناة، مع المنخفض الجوي الحالي الذي يضرب الأراضي السورية المترافق مع عاصفة ثلجية قاسية، كان للنازحين النصيب الأكبر من أضرار هذه العواصف.

وتركّزت المعاناة الرئيسة بالدرجة الأولى، على النازحين الهاربين من جنوب إدلب إلى شمالها، ثم على النازحين الفارّين من ريف حلب الجنوبي إلى ريفها الشمالي، فضلا عن النازحين الموجودين في مرتفعات جنوبي سوريا في ظل الجو الثلجي القاسي.

أرقام وإحصاءات

     وبحسب (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية) -التابع للأمم المتحدة- فإن 212 ألف و140 شخصاً، نزحوا من أماكن سكنهم الأصلية في الفترة الواقعة بين منتصف ديسمبر ومنتصف يناير، وذكرت الإحصائية أن مدينة (الدانا) استقبلت أكثر من 58 ألف نازح، في حين أن (معرّة النعمان) استقبلت نحو 19 ألف نازح، بينما استقبلت (سراقب) ما يزيد عن 14 ألفاً، بينما نزح نحو 13 ألف نازح إلى مدينة (إدلب) ومثلهم إلى (أريحا)، ونحو 10 آلاف إلى كفرنبل.

وشهد ريف حلب الجنوبي مؤخّراً حركة نزوح واسعة بعد تقدّم قوات النظام وسيطرتها على معظم ريف حلب الجنوبي، بهدف الوصول عن طريقه إلى مطار أبو الظهور العسكري في ريف إدلب.

مخيمات النازحين في الجنوب

ولم تكن المخيّمات الخاصة بالنازحين في جنوبي سوريا أحسن حالاً؛ فالرياح والعواصف زادت سرعتها عن 100 كيلو متر في الساعة، ترافقاً مع أمطار غزيرة طمرت خيم النازحين بالطين.

وقالت مصادر من السكّان : إن مخيّمات المرج والعالية في القنيطرة، ومخيّمات النازحين وزيزون ورحمة في درعا تضرّروا تضرراً شبه كامل، ولم تعد بُنية الخيم صالحة للاستهلاك البشري بسبب غرق جزء كبير منها في الطين فوق رؤوس الأهالي، فضلاً عن طيران بعض الخيم بسبب الرياح العاصفية القوية.

إحياء التراث

     وفي هذا السياق صرح خالد الصفران -مدير قسم المشاريع بلجنة إغاثة سوريا بجمعية إحياء التراث الإسلامي- أن الجمعية دشنت قبل فترة حملة (دفء الشتاء ورغيف الخبز) لمواجهة هذه المأساة، وقد استمرت الحملة طوال فصل الشتاء، وكانت بمثابة جسر بري، امتد من الكويت إلى سوريا والدول التي تؤوي اللاجئين السوريين؛ حيث قامت اللجنة بإرسال مئات الأطنان من المساعدات التي تنوعت ما بين غذائية كالطحين والتمور وحليب الأطفال وبطاطين وملابس وأجهزة تدفئة، وقد حرصت جمعية إحياء التراث الإسلامي على التنسيق مع عدد من الجمعيات الخيرية السورية واللبنانية والأردنية من أجل توصيل هذه المساعدات لمن يستحقها، وكذلك حرصت الجمعية على التفاعل مع الأحداث الطارئة والاحتياجات العاجلة للشعب السوري كما حدث في موجة الصقيع التي اجتاحت سوريا والدول المحيطة بها؛ فقد بادرت وقتها جمعية إحياء التراث مبادرة فورية بإرسال كم كبير من الأغطية والمواد الغذائية إلى النازحين واللاجئين السوريين من أجل تخفيف وطأة الأزمة التي كانوا يعانون منها.

وأضاف الصفران أن الحملة ركزت على توفير رغيف الخبز للمناطق التي تعاني من الحصول عليه من خلال إنشاء عدد من المخابز في المناطق السورية المحررة وفي مخيمات اللاجئين، وكذلك توفير الطحين اللازم ومصاريف تشغيل هذه المخابز.

وختم الصفران تصريحه بأن حملة (دفء الشتاء ورغيف الخبز) قد لاقت استحسانًا كبيرًا من اللاجئين السوريين، وعبروا عن شكرهم الكبير إلى الكويت أميرًا وشعبًا وحكومة وإلى جمعية إحياء التراث الإسلامي على هذا الموقف المشرف وعلى هذه الجهود المبذولة في تخفيف المعاناة عن أشقائهم في سوريا

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك