رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 28 يناير، 2013 0 تعليق

لمعالجة الغلو في الدين… وزارة الأوقاف تتبنى وثيقة الكويت للإصلاح والتغيير


أَنَّ الشريعة المحكمة جاءت بتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، متوخية اعتبارات كثيرة، وتحمل في طياتها معاني عظيمة، جماعها قيام مصالح الأمة الدينية والدنيوية

كان من ثمرات مؤتمر الإصلاح والتغيير الذي عقدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الخروج بوثيقة وصفها البعض بأنها وثيقة تاريخية، وقد اشتملت الوثيقة على 23 بندًا جاء فيها:

- أولاً: أَنَّ «الإصلاح» لفظ قرآنيٌّ شريفٌ، يقصد به التمسُّكُ بالكتاب، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} (الأعراف: 170)، ويتمثَّلُ التمسُّكُ بكتاب الله عزَّ وجلَّ في تحقيق العبودية لله تعالى، وإقامة الحقِّ والعدل والإحسان، والسَّعي في البرِّ والخير، والنهي عن الفحشاء والمنكر، ومحاربة الباطل والظلم والفساد.

- ثانيًا: أَنَّ التغيير إذا وافق الشرع في أدلته ومقاصده وطريقته فهو تغييرٌ مطلوبٌ، يتمثَّل في التغيير من الباطل إلى الحقِّ، ومن الشرِّ إلى الخير، كالتغيير من الشرك إلى التوحيد، ومن البدعة إلى السنة، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن كفر النِّعمة إلى شكرها، ومن الظُّلم إلى العدل، فهذا التغيير حقٌّ واجبٌ، وفريضةٌ محكمةٌ، على الأفراد والجماعات، كلٌّ حسَبَ علمه واستطاعته، وفي حدود ولايته ومسؤوليَّته، وفيه قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

- ثالثًا: أَنَّ الإصلاح والتغيير ضرورةٌ شرعيةٌ وفطريةٌ وواقعيةٌ، وهو سبيل الأنبياء والمرسلين، ولا يمكن لأهل الإسلام أن يدفعوه، أو ينفصلوا عنه، أو يتجاهلوه، بل عليهم أن يتعاملوا مع الإصلاح والتغيير وفق الأدلة والقواعد والمقاصد الشرعية، وصولاً إلى إصلاح شامل، وتعامل مع المستجدات والأحداث والتطورات، على وجه تحفظ به أصول الإسلام وأحكامه، ويسود به الأمن والاستقرار، وتحصل به منافع الدنيا والآخرة، وقد قرر الإسلام ذلك ودعا إليه، وحض عليه، كما قال سبحانه: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء: 114).

- رابعًا: أَنَّ كلَّ فسادٍ إنما ينشأ عن عدم استمداد الإصلاح والتغيير من الإسلام بأدلته وقواعده وأصوله ومقاصده؛ ذلك أن الله عز وجل بعث نبيه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، والرحمة متضمنة للصلاح والإصلاح، وفي ذلك قوله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} (الأعراف: 85)، {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص: 77)، {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

- خامسًا: يجبُ على أمة الإسلام الحذر والتحفظ من المؤثرات الخارجية، والأجندة الأجنبية، التي تسعى إلى تحقيق مصالحها مستغلةً أبناء المسلمين باسم الحريات والحقوق والإصلاح، ولو كان في ذلك تفريقٌ للمجتمع، وقضاءٌ على القُدُرات، ونشرٌ للفوضى.

- سادسًا: أَنَّ مقاصد الإصلاح والتغيير بالمفهوم الشرعي هي مقاصد شريعة الإسلام، التي مدارها على ثلاث مصالح: المصلحة الضروريَّة، وتتمثل في حفظ: الدين، والنفس، والعقل، والنسب والعرض، والمال. وتقديم الدين على سائر الضروريَّات محلُّ إجماع بين أهل العلم، ثم المصلحة الحاجية، ثم المصلحة التحسينية.

- سابعًا: أَنَّ تحقيقَ التوحيد والعبودية الخالصةِ لله تعالى، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا، أساس الإصلاح وجوهره، وبناء الإصلاح الشامل لا بدَّ أن يكون قائمًا عليه، ومنطلقًا منه، فلا صلاح في الدنيا والآخرة إلا بذلك، كما قال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (الأحزاب: 70، 71) .

- ثامناً: أَنَّ الإصلاحَ الشرعيَّ يتمثَّلُ في تحكيمِ الشريعة الإسلامية، والرضا بها، والتسليم لها، والتحاكم إليها، والقطعُ بأنَّها مصلحةٌ وإن لم يتبيَّن وجهها، فالله تعالى يقول: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216)، وذلك واجبٌ على الحكام والمحكومين في جميع مجالات حياة الفرد والمجتمع والدولة، فهي جامعة للخير كلِّه، هادية للحقِّ والعدل، صالحة ومصلحة لكل زمان ومكان.

- تاسعًا: لا يجوز حصر الإصلاح في مجال معين، ولا أن ينظر إليه من أفق ضيق، ولا أن يكون فئويًّا، بل يجب أن يكون الإصلاح شاملا يستهدف الأمة كلها، في كافة الجوانب: الدينية والثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية، بما يحقق مقاصده، ويحفظ الضرورات، ويتواكب مع متطلبات العصر ومتغيراته المتسارعة.

- عاشرًا: أَنَّ كلَّ الشرائع والملل والمذاهب والتيارات تجعلُ للحريَّات حدًّا تقفُ عنده، وقد هدى الله تعالى المسلمينَ إلى الإسلام فكانوا به أحرارًا، لا يعبدون إلا الله وحده لا شريك له، ولا يدينون بالطاعة المطلقة إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا كمال الحرية وغايتها.

- حادي عشر: أَنَّ تحقيق العدالة بإعطاء كل ذي حقٍّ حقه، بموجب نصوص الكتاب والسنة وما أجمع عليه أهل العلم، واجب لا خيرة للإنسان فيه، ولا منأى له عنه؛ فإن الله بعث رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالعدل، كما بعث به الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (الحديد: 25) .

- ثاني عشر: أن التعبير عن الرأي مطلوب في الإسلام إذا كان القصد منه النصيحةَ المحضةَ، والإصلاحَ، وتحقيقَ المودة بين المؤمنين، وإصلاح ما اعوجَّ من أحوال الناس، وكان منضبطًا بضوابط الشَّرع، ومبنيًّا على العلم وصدق الخبر وأهلية صاحبه، ولا يعارض الشرع والقدر، ولا يحل حرامًا، ولا يحرم حلالاً، ولا يرد حقًا، ولا يقرر باطلا أو يقره، ولا يعين ظالمًا، ولا يدعو إلى فتنة، ولا يشتمل على محرم في ذاته، ولا ينتهك الحرمات، ولا يتحجر واسعًا، مع سلوك الطريق الشرعي في التعبير لفظًا وأسلوبًا ووسيلة، واستصحاب عدم إلحاق الضرر بالمصلحة العامة وإيذاء الناس، وترك الخوض فيما لا يعني، ورعاية المصالح والمفاسد، وتقديم خير الخيرين ودفع شر الشرين، فالتعبير بهذه الصفة جائز، بل ربما كان مندوبا أو فرضا في بعض الأحوال، وهو مدرجة الفلاح، وطريق الإصلاح، وسبيل من سبل النجاة، ومن التعاون على البر والتقوى.

- ثالثَ عشر: أَنَّ الإصلاح ليس منوطًا بالحاكم دون المحكوم، ولا بالمحكوم دون الحاكم، بل كل منهما يجب عليه أن يقوم بالإصلاح بحسب قدرته ومكانته واختصاصاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإمامُ رَاعٍ ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، والرجلُ رَاعٍ في أهله وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رَعِيَّتِهِ»، فلا بد من معرفة حق الراعي على الرعية، وحق الرعية على الراعي، ومعرفة العلاقة بينهما.

- رابعَ عشرَ: أَنَّ الشريعة المحكمة جاءت بتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، متوخية اعتبارات كثيرة، وتحمل في طياتها معاني عظيمة، جماعها قيام مصالح الأمة الدينية والدنيوية وحفظُها، والاجتماعُ على تحقيقها، في جو من الألفة والمحبة والعزة.

- خامسَ عشر: أَنَّ من مهمَّات الإصلاح وأسبابه المحافظةَ على اجتماع الكلمة، ووحدة الصفِّ، ونبذ التفرُّق والاختلاف، وتجنب كل ما من سبيله تمزيقُ نسيج المجتمع المسلم، وبثُّ الشقاق والفتنة بين أبنائه، فينبغي أن يكون الإصلاح محاطًا بالرفق، والعدل، والحكمة، والرحمة، والصبر، والتفاؤل، وحسن النوايا، والتفاعل الإيجابي بين أفراد المجتمع قاطبة.

- سادسَ عشر: أَنَّ وسائل الإصلاح وأدواتِه يجب أن تكون مشروعةً بالدليل، ولا مانع من الإفادة مما عند الأمم الأخرى ما لم يكن محرمًا أو مفضيًا إليه، كما هو معلوم من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وما كان من هذه الوسائل للاجتهاد فيه مجال إذا وقع من أهله لا ينبغي أن يكون سببًا للتناحر والتدابر والتقاطع والتهاجر، بل الواجب هو التشاور والتحاور والبحث العلمي الجاري على أصوله، المفضي إلى الحق، أو المقرب إليه.

- سابعَ عشر: أَنَّ الإصلاح الشرعي يقتضي الوفاءَ بالعهود والمواثيق، والقيام بالحقوق، والتعامل على أساس الصدق والأمانة، أيا كان الطرف الآخر، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}، {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة: 8).

- ثامنَ عشرَ: أَنَّ صلاح الأمة وإصلاحها في التزام ما تقدَّم بيانه من أحكام العلاقة بين الراعي والرعية، فالولاية الشرعية في الإسلام ليست عقدًا اجتماعيًّا مدنيًّا وفق المفهوم الغربي، بل هي عقدٌ شرعيٌّ، قد رتَّب الشارعُ عليه أحكامًا دنيوية وأُخروية، يتديَّنُ المسلم بها وبآثارها، ويعتقد أن مخالفتها من أسباب الشرِّ لا الخير، ومن طرق الإفساد لا الإصلاح؛ لأنَّ مرجعية المسلم في هذه الأمور كلِّها: الكتاب والسنة، ولهما السيادة على الأمة والمجتمع والدولة، خلافًا للمناهج الغربية التي تجعل السيادة للأمة، كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (الأحزاب: 36)، وقال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء: 65)، وقال عزَّ وجلَّ: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (الرعد: 41).

- تاسعَ عشرَ: أَنَّ على وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم ومراكز التثقيف والفكر تحمل واجباتها الدينية، ومسؤولياتها التاريخية، تجاه الإصلاح الحق، بغرس القيم الإسلامية، وإشاعة الفضيلة، وبيان الحقوق، وتعزيز الجوانب الإيجابية في الأمة، والسعي في تحصينها من الأفكار التي تتعارض مع أصول الإسلام وثوابته، والبعد عن الإثارة وزرع الفتنة، وجلد الذات المؤدي إلى اليأس والقنوط، والترويج لمخططات أعداء الإسلام، التي تسعى إلى تفكيك الأمة وجعلها شيعا وأحزابا، يقتل بعضها بعضا ويلعن بعضها بعضًا.

- عشرين: أَنَّه ينبغي الحذر والتحذير من دعاوى الإصلاح التي تضرب في الآفاق، وهي في حقيقتها تتعارض مع الإسلام وقواعده ومنطلقاته ومقاصده الإصلاحية، وتفرق الجماعة، وتنقض البنيان، وتحدث الفساد في الأرض، وما كان كذلك فهو فساد محض، داخل في قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}، فكل دعوى إصلاح ما لم تكن جارية على سنن الشريعة المطهرة فهي باطلة.

- حادي وعشرين: أَنَّ من أسباب الصلاح والإصلاح أن يقوم أهل العلم بالعهد الذي أخذه الله تعالى عليهم أن يبينوه للناس ولا يكتموه، ولا يلبسوا الحقَّ بالباطل، ولا يخشوا في الله لومة لائم، فالواجب عليهم: إظهار السُّنن، ونصيحة الخاصة والعامة، والوقوف في وجه المناهج والدعوات المخالفة لشرع الله ودينه، والصبر والاحتساب في ذلك، وإن أصابهم في ذلك ما أصابهم من بغي دعاة الفتنة وأهلها، وعلى عامة المسلمين الرجوع إلى أهل العلم من أهل التوحيد والسنة والديانة في جميع شؤونهم -خاصة ما يتعلَّق بقضايا الإصلاح والتغيير والحكم والسياسة والنوازل العامة- ويصدروا عن رأيهم، ويحذروا من دعاة الفتنة والجهالة والفرقة، الذين خلطوا الحقَّ بالباطل، واليقين بالشكِّ، وسلكوا مسالك التحريف والتأويل الباطل في تناول النصوص الشرعية وحقائق الأسماء ومدلولاتها لتوافق أهواءهم ومرادهم، وفُتنوا بالفكر الغربي ومبادئه المادية اللادينية.

- ثاني وعشرين: أَنَّ من أهمِّ وسائل الإصلاح وأسبابه، إشاعةَ فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصح، والتواصي بالحقِّ والصبر، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وتأصيل ذلك في المجتمع.

- ثالث وعشرين: أَنَّ مبدأ الإصلاح إنما هو في إصلاح الفرد نفسَه، بتصحيح معتقده ونيَّته، وإصلاح علاقته مع ربِّه، بالتوبة والإنابة إليه، والتخلي من الذنوب والمعاصي ظاهرًا وباطنًا، والاستقامة على دين الله وشرعه، والاستعداد ليوم المعاد، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: 11)، وقد قال إمام أهل مكة في زمانه سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: كان العلماء فيما مضى يكتب بعضهم إلى بعض هؤلاء الكلمات: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الكويت في الثالث من شهر ربيع الأول (1434)، الموافق: الخامس عشر من شهر يناير (2013م).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك