رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد الشحات 4 فبراير، 2020 0 تعليق

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية ودعوته السلفية (الأخيرة) نداء إلى حراس تراث شيخ الإسلام


ما زال الحديث موصولاً عن حياة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وأهم اللمحات من حياته المباركة، واليوم نوجه رسالة إلى حراس تراث شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن المتأمل في صفحات الواقع المعاصر الذي نعيشه يجد أن السلفية هي الفكر المُحاصَر، وهي المنهج الذي يُراد له ألا ينتشر في أي بقعة من بقاع الدنيا رغم وسطيته واعتداله؛ إلا أنهم يدركون مدى قوته ورسوخه وصلابته.

     والمِحْنة التي تعرّض لها الإمام أحمد وتعرض لها مِن بعده شيخ الإسلام مُعَبِّرة عن هذا المعنى تمامًا، رغم اختلاف العصر وتَبَدُّل الزمان وتَغَيُّر الخصوم، ولكن يبقى المنهج السلفي موطن اضطهاد وابتلاء؛ وعلى الذين نذروا أنفسهم ليكونوا حَمَلة هذا المنهج أن يُوطِّنوا أنفسَهم على هذا الأمر؛ حتى لا يتعرضوا لصدمةٍ أو يُصابوا بذهول.

الجانب الفكري

     وها نحن أولاء نرى من خلال سيرة شيخ الإسلام أن القوم يهتمون جدًا بالجانب الفكري، ومن ثم يقيسون خطر الأفراد والجماعات وفق هذا المنظور؛ وإلا فلماذا تمت مُحَارَبة شيخ الإسلام بهذا العنف وبهذه الضراوة؟؛ فالرجل لم يحمل سلاحًا، ولم يَدْعُ إلى تشَدُّدٍ، ولم يَسْعَ في شرٍ أو فسادٍ، ولم يُنافِس على دنيا، وبمعيار الوطنية فهو وطني من الطراز الأول، ومع ذلك نجده يموت داخل سجون النظام! النظام الذي لم يَرَ من الشيخ سوءًا ولم يُصَب منه بأذى!

تجربة شيخ الإسلام

     فإذا كانت هذه تجربة شيخ الإسلام، وما زال لدى المسلمين قوة ومَنَعَة، ولم يكن الغرب قد تسلط على بلادهم واستولى على مواردهم بهذه الطريقة البشعة؛ فما بالك والأمر قد آل إلى التسلط والضعف والانهزامية؟! من هنا كان لزامًا على أبناء الدعوة السلفية أن يتعاملوا بحكمة وصبر وهدوء، وأن يستفيدوا من تجربة ابن تيمية في تجاوز المِحْنة بنجاحٍ؛ فالنجاح الحقيقي لأبناء الدعوة هو الصمود والاستمرار والمُضي في الطريق.

الملامح المهمة

وفيما يلي بعض الملامح المهمة من تجربة شيخ الإسلام، يحتاج إليها الدُّعَاة والمُصلحون في كل وقت، ولاسيما وقت اشتداد المِحَن وتتابع الأزمات.

منهجية إطفاء الفتن وحقن الدماء

     ما أسهل إشعال الحرائق، وما أصعب إخماد النيران! وأصحاب المنهج السِّلمي السلفي الإصلاحي عندهم نزعة إطفاء الحرائق دائمًا؛ فهم لا يفكرون في إشعالها ابتداءً، وإذا اشتعلت فهم أول الناس هرولة نحو إطفائها؛ ذلك لأنهم يدركون أن المنهج الصحيح لا يمكن أن ينمو مع الدمار، ولا يمكن أن يُبنى على الأطلال، بخلاف بعض المناهج المنحرفة التي تعشق العيش في الظلام، وتُدْمِن ترميم الحطام، فكثير من الأحداث والوقائع تلمح فيها من يسعى لإشعال النيران، ونشر الفتن، والسلفيون -بفضل الله- هم من يقفون أمام هذه المحاولات، وقد يُعرضون حياتهم للخطر في سبيل إخماد تلك الفتن؛ حرصًا على أوطانهم، ودفاعًا عن دينهم، وحمايةً لدعوتهم.

إطفاء كل شرٍ

     يقول ابن تيمية -رحمه الله-: وأنا والله من أعظم الناس معاونةً على إطفاء كل شرٍ فيها وفي غيرها، وإقامة كل خيرٍ، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه، ولا أُعين عليه عدُوَّه قط، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه نيتي وعزمي، مع علمي بجميع الأمور؛ فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، ولن أكون عونًا للشيطان على إخواني المسلمين، ولو كنت خارجًا لكنت أعلم بماذا أُعاوِنه؛ لكن هذه مسألة قد فعلوها زورًا، والله يختار للمسلمين جميعهم ما فيه الخيرة في دينهم ودنياهم، ولن ينقطع الدور وتزول الحيرة إلا بالإنابة إلى الله والاستغفار والتوبة وصدق الالتجاء؛ فإنه سبحانه لا ملجأ منه إلا إليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الشاهد العملي

     والشاهد العملي من سيرة ابن تيمية يتجلّى في امتناعه عن القصاص والثأر لنفسه ممن ضربوه وآذوه؛ فقد اجتمع البكري الصوفي مع عدد من الرعاع وانتظروا الشيخ أثناء رجوعه من المسجد وأوسعوه ضربًا في الطريق؛ وما هي إلا لحظات حتى اجتمع الناس مِن مُحبي الشيخ ومِن تلامذته ومِن الجُند والفرسان، وعقدوا العزم على تتبعهم والثأر منهم؛ ولكن ابن تيمية رفض ذلك رفضاً قاطعاً؛ بل اشتد في النكير عليهم وتغليظ القول لهم، وما زال يهدئهم حتى انصرفوا.

تصدق بجاهه وحقِّه

     فرغم تمَكُّنه منهم وقدرته عليهم إلا أنه تركهم؛ لعلمه أن هذه بدايات فتنةٍ سعى في إشعالها من لا يدرك نتائجها، ووعيها العالم الفقيه فأخمدها في مهدها، وتصدق بجاهه وحقِّه في سبيل وأد الفتنة والحفاظ على حياة الناس ودمائهم؛ وهذا ملمح لا ينبغي أن يغيب عن روّاد حركة الإصلاح المعاصرة في وقتٍ أصبح فيه السلاح هو لغة العصر.

الصبر على الأذى والاحتساب

     طريق الإصلاح طويل وشاق، ويلزم أن يتحلّى رُوَّادُه بقدرٍ كبيرٍ من قوة التحمل، وسعة الصدر، وسمو النفس، وبذل الغالي من الوقت والنفس والمال. والعبرة ليست بالأعداد الكاثرة، ولكن العبرة بوجود ثلةٍ مؤمنةٍ مجاهدةٍ صابرةٍ؛ فشيخ الإسلام كان رجلاً بمفرده، ولكنه دَشَّن لأكبر تجربة إصلاحية في العصر الحديث، وما نظن أنه تمكن من ذلك إلا بشيءٍ وَقَرَ في قلبه، وعملٍ بذل فيه وُسْعَه، كما كان عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله يقول لأبيه في خلافته: «يا أبت لوددت أني غَلَت بي وبك القُدُور في الله -عز وجل-»، وقال بعض الصالحين: «وددت أن جسمي قُرض بالمقاريض، وأن هؤلاء الخلق كلهم أطاعوا الله -عز وجل-».

قوة في الحق وعزيمة

     قال الحافظ البزَّارُ: ولقد سُجن أزمانًا وأعصارًا وسنين وشهورًا ولم يولِّهم دُبره فرارًا، ولقد قصد أعداؤه الفتك به مرارًا، وأوسعوا حِيَلَهم عليه إعلانًا وإسرارًا؛ فجعل الله حِفْظَه منهم له شعارًا ودثارًا، ولقد ظنوا أن في حبسه مشينة؛ فجعله الله له فضيلة وزينة، وظهر له يوم موته أمور عظيمة؛ فإن الله -تعالى- لعلمه بقُرب أجله أَلْبَسَه الفراغ عن الخلق للقدوم على الحق أجمل حُلَلِه؛ كونه حبس على غير جريرة ولا جريمة، بل على قوة في الحق وعزيمة.

الرصيد الكافي من التعبد

     القلوب تُغَيِّر الموازين، وحسن العلاقة مع الله هو الفارس الذي لا يكبو، والجواد الذي لا يعثر؛ فكم من نجاحاتٍ وفتوحاتٍ أجراها الله هديةً لأوليائه وأصفيائه مع عجزٍ منهم وقلة حيلةٍ، وكم من جيوشٍ وقواتٍ قصم الله ظهرها وشتت أمرها وشرذم أتباعها استجابةً لدعواتٍ صالحاتٍ من قلوب طاهرة وصدورٍ عامرةٍ بالحب له والخوف والرجاء منه، فإذا كان الدرس الأول الذي تعلمه المسلمون من غزوة حنين أن القوة ليست فقط هي القوة المادية، وأن هذه القوة قد تخذل أصحابها إذا لم يكن معهم قوةٌ من إيمان؛ فكيف والقوة المادية معدومة أو ضعيفة؟.

من سمات السلفية وأصولها

     إن التزكية وإصلاح القلوب من سمات السلفية وأصولها، ولكن تحقيق ذلك فعليًا بالعمل الصالح والقلب السليم والسلوك الحسن أمرٌ يحتاج إلى همة عالية لتحقيقه والصبر على مشاقه، قال الحافظ البزَّارُ: أما تعبده - رضي الله عنه - فإنه قل أن سُمِع بمثله؛ لأنه كان قد قطع جل وقته وزمانه فيه، حتى أنه لم يجعل لنفسه شاغلة تشغله عن الله تعالى ما يراد له لا من أهل ولا من مال، وكان في ليله مُتفَرِّدًا عن الناس كلهم خاليًا بربه -عز وجل- ضارعًا مُواظِبًا على تلاوة القرآن العظيم، مُكَرِّرًا لأنواع التعبدات الليلية والنهارية.

حب الهداية للناس وبذل الخير لهم

     أهل السُنَّة هم أكثر الخلق شفقة بالناس ورحمة بهم، وقد وفَّقَهم الله للجمع بين الأمرين الَّلذَين تحير في الجمع بينهما كثيرٌ من الطوائف والفِرَق؛ فهم يرحمون الخلق ويرشدونهم إلى الحق، بل إنهم من شدة رحمتهم بالخلق يجتهدون في إرشادهم إلى الحق بالحكمة واللين والرفق.

أئمة السُنَّة والجماعة

     يقول ابن تيمية: “وأئمة السُنَّة والجماعة وأهل العلم والإيمان فيهم العلم والعدل والرحمة؛ فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسُنَّة سالمين من البدعة، ويعدلون مع من خرج منها ولو ظلمهم، كما قال -تعالى-: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُواهُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة: ٨)، ويَرحمون الخلق فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداءً؛ بل إذا عاقبوهم وبيَّنوا خطأهم وجهلهم وظلمهم كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا، قال الحافظ البزَّارُ: وكان مجلسه عامًّا للكبير والصغير والجليل والحقير والحر والعبد والذكر والأنثى؛ قد وسع على كل من يرد عليه من الناس، يرى كلٌّ منهم في نفسه أن لم يكرم أحدًا بِقَدْرِه.

يقوم بحقوق الناس

     وكان -رحمه الله- يجيئه من المال في كل سَنَةٍ ما لا يكاد يحصى، فينفقه جميعًا، آلافًا ومئين، لا يلمس منه درهمًا بيده ولا ينفقه في حاجة له، وكان يعود المرضى، ويشيع الجنائز، ويقوم بحقوق الناس، ويتألف القلوب، ولا يحفظ المتكلم عنده زلة، ولا يشتهي طعامًا ولا يمتنع من شيء منه؛ بل هو مع ما حضر، ولا يتجهم مرآه ولا يتكدر صفوه ولا يسؤم عفوه.

التعامل مع الحُكَّام

     أوردنا فيما سبق قصة ابن تيمية في التعامل مع النظام الحاكم في عصره، وكيف أن ابن تيمية لم يتأخر عن قتال التتار تحت لواء الأنظمة التي مات في سجونها بعد ذلك مظلومًا، وفي الوقت نفسه لم تَلِن له قناة في الحق، ولم يُداهِن على حساب الدين، ولم يُرضِ حاكمًا بقول أو بفتوى يكون فيها نجاته في الدنيا وخسارته في الآخرة، ورأينا كيف تعامل مع والي دمشق الذي أمر بسجنه، ولكنه سامحه وعفا عنه، ورأينا أنه لم يُستخدم من جانب الملك الناصر حينما قَرَّبَه ورَفَع مكانته وأراد أن ينتزع منه فتوى ينتقم بها من العلماء الذين انقلبوا عليه وناصروا غريمه (بيبرس).

المنهجية الصحيحة

     هذه المنهجية التي طَبَّقَها ابن تيمية، وطَبَّقَها من قبله الإمام أحمد تحتاج إلى مزيد بحثٍ ونظرٍ وكبيرِ عنايةٍ وتحقيقٍ؛ لأن المُوازَنة بين الشجاعة والصدع بالحق من جانب، وبين الحكمة وحسن السياسة وتحقيق المصلحة من جانب آخر، ليست بالأمر الهين، وكثير من الناس يجنحون إما إلى العنف والغلظة، وإما إلى المُدَاهَنة والتنازل؛ فالأولى لا تأتي بنفعٍ ولا مصلحة في الأغلب، بل ربما تزيد المفاسد، والثانية تُذهِب الهيبةَ والوقارَ، ويترتب عليها فسادٌ وميوعةٌ وممالأةٌ للباطل؛ والحق وَسَطٌ بينهما.

توريث المنهج وتدوين الفكر

     من أكثر العوامل التي ساعدت على بقاء فكر شيخ الإسلام وانتشاره هو كتابته وتدوينه، ومن أكثر الأسباب التي أدت إلى ضياع فقه الليث بن سعد أنه لم يتم تدوينه؛ وهذا الأمر يرشدنا إلى ضرورة أن تخرج الأفكار من عقول أصحابها وتنتقل شفاهة وكتابة، وقد قرأنا فيما مر بنا ذلك الحوار الماتع بين البزار وبين شيخ الإسلام، وكيف أن البزار كان منتبهًا إلى أهمية التدوين، ولكنه كان يطمح إلى التدوين الفقهي لآراء ابن تيمية واجتهاداته في فروع المسائل، ولكن ابن تيمية لم يكن يدون الفروع الفقهية فقط؛ لأنه أدرك أنه صاحب مشروع ضخم، وما يمتلكه هو قد لا يمتلكه غيره، فصار واجبًا عينيًا عليه أن يكتب فيما تحتاجه الأُمَّة، وينتفع به الأجيال، أما الفروع الفقهية والمسائل التقليدية فلم يشغل ابن تيمية ذهنه بها كثيرًا؛ لأن هناك من كفاه عناءها من العلماء، ولأنه منشغل بما هو أهم وأنفع.

المشروع الفكري العملاق

     فماذا لو لم يَهْدِ اللهُ ابنَ تيمية لتدوين هذا المشروع الفكري العملاق؟! كم كنا سنخسر لو لم يكتب ابن تيمية ما كتبه أصالةً في الموضوعات التي اختار أن يكتب فيها؟ وماذا لو لم يتم حفظ فتاويه التي أفتاها كتابةً في كثير من النوازل والأحداث المهمة التي ما زال الناس يَقْرَأُونها ويتعلمون منها ويقيسون عليها ما يتشابه مع واقعهم؟؛ فلله الحمد والمنة.

هذا هو ابن تيمية

     هذا هو ابن تيمية لمن لا يعرفه، أو لمن عرفه ولكنه عانَد وكابَر فعرف فضل الرجل ومع ذلك أطلق فيه لسانه بالفحش والكذب والزور، وإني على يقين بأن ابن تيمية لم يتم اكتشافه بعد، رغم الكم الهائل من البحوث والدراسات العربية والأجنبية التي تكلمت عن جوانب من حياته، ومع أن بعض هذه الدراسات مسهب جدًا في عرضه، وفي شمولية تناوله، ولكن يبقى في تراثه الكثير من الكنوز التي تحتاج إلى هممٍ وبصائر لتكتشفها وتعيد إنتاجها والاستفادة منها.

الفكر السلفي

     لقد قدر الله -عز وجل- ألا تقوم لشيخ الإسلام دولة تنصره، ولا ملك يؤازره كما حدث مع المذهب الأشعري في كثير من الأماكن، وكما حدث مع الصوفية في عدد من البلاد، وكما تحقق مؤخرًا على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، لكن الفكر السلفي الذى أجاد ابن تيمية في صياغته وعرضه والتنظير لمسائله، لا يزال مظلومًا مضطهدًا؛ وهذا الأمر لا يبعث على الإحباط واليأس بقدر ما يبعث على الأمل والعمل الجاد، والإصرار على العبور من خندق المِحْنَة، وكما بدأت ببشارة الإمام الحنبلي فإني أيضًا أختم بها، يقول -رحمه الله-: واللهِ -إن شاء اللهُ- ليقيمنَّ اللهُ -سبحانه- لنصر هذا الكلام، ونشره وتدوينه وتَفَهُّمِه، واستخراج مقاصده واستحسان عجائبه وغرائبه رجالًا هم إلى الآن في أصلاب آبائهم؛ وهذه هي سُنَّة الله الجارية في عباده وبلاده.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك