رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 13 يونيو، 2017 0 تعليق

لماذا يغير المرء عقيدته؟ – تطبيق الأحكام الشرعية سبيل السعادة الإنسانية

مع بدء عملي في الجامعة كان يسكن بجواري أحد أعضاء هيئة التدريس  هولندي الجنسية وكان يقوم بالتدريس في كلية العلوم الاجتماعية.

التقينا في نادي أعضاء هيئة التدريس مع بداية السنة الثانية له فقال لي:

- يعجبني في الكويت التزام أهلها بالعادات والتقاليد، ويعجبني كثيرا الترابط الأسري، حتى ضمن العائلة الكبيرة أبناء العمومة والأجداد، الجميع يزور الجميع، والكل يعرف الكل، والأهل جميعا يتزاورون في المناسبات، وهذه الخاصية لا توجد في مجتمعاتنا، حتى المتدينين منا لا يفعلونها.

- نحن نفعلها بوصفها عادة وأمراً دينياً.

- هل دينكم فيه تعاليم للاجتماع الأسري؟

- بطريقة ما؟ نعم، لدينا شيء اسمه (صلة الرحم)، و(بر الوالدين)، أما (بر الوالدين) فمن أعظم ما يتقرب به أحدنا إلى الله، في ديننا (بر الوالدين) مقرون بعبادة الله وتوحيده، و(العاق لوالديه) له عقوبة في الدنيا والآخرة.

استغرب صاحبي هذا الأمر.

- هل هذه حقيقة أم أنك تبالغ فيها؟

- لن أجيبك، ولكن خذها مني الآن، ثم ابحث عنها في الكتب وستجدها، وأظنك حصلت على نسخة من ترجمة تفسير القرآن.

- نعم، ولكن لم أقرأ شيئاً بتركيز، فقط تصفحته.

- اذهب وأقرأ تفسير الآية (23) من سورة الإسراء.

- سأفعل.

- وأيضا لدينا (صلة الرحم) وهي خاصية لا تجدها في أي تشريع آخر، وهي أيضاً من الأمور العظيمة في شريعتنا، ومن أساء فيها له عقاب عظيم، وإن كان يؤدي واجباته الشرعية من صلاة وغيرها.

- هذه ميزة، لا توجد لدينا حتى في أوساط المتدينين من أهلنا، لدي سؤال: هل حقا تستيقظون قبل شروق الشمس بأكثر من ساعة لتذهبوا إلى المسجد لأداء الصلاة الأولى كل يوم؟

- نعم، المحافظ منا على صلاته يفعل ذلك، وهي صلاة واجبة على جميع المسلمين، ولكن القليل منهم من يحافظ عليها.

- أليس في الأمر صعوبة؟!

- كلا، لا صعوبة في الأمر لمن رتب حياته أن تكون في طاعة الله ووفق أوامر الله عز وجل.

- لا يمكن أن يؤجلها الإنسان فيصليها متى ما أفاق؟

- كلا، ولكن إذا فاتته يصليها إذا أفاق ولا ينبغي أن يهمل أداءها في وقتها؛ ففي ذلك ذنب عظيم.

- هذه من الأمور الصعبة، مثل امتناعكم عن الأكل والشرب لساعات النهار في شهر الصيام.

- هذه القضايا التعبدية، ينبغي على العبد أن يمرن نفسه أن يفعلها؛ لأنها أركان الإسلام.

- وما أهم ركن في الإسلام؟

- التوحيد، وحدانية الله، عبادته وحده، لا شريك له، ولا مثيل له، ولا ولد له، ولا كفء له، في جميع أفعاله وصفاته وأسمائه، متفرد -سبحانه- ليس كمثله شيء، هو الخالق، وكل أحد غيره مخلوق هذا أهم ركن في اإسلام، بل في جميع الديانات السماوية.

- جميل، ولكن هل تدري ما أهم شيء ألاحظه في مجتمعكم المسلم؟

- ماهو؟

- الراحة النفسية، الطمأنينة، التماسك الأسري، قلة الجرائم العنيفة، الأمان.

- هذه قضايا أساسية للإنسان، يحتاج إليها حتى يعيش حياة هادئة.

- هذه الأمور كلها نتائج للأحكام الشرعية، التي يجب أن نؤمن بها ونمارسها، بعضنا يمارس جزءاً منها، ويقصر في الجزء الآخر، وبعضنا يزيد، وبعضنا ينقص.

- ولكنكم مجتمع فيه الكثير من التدين؛ أسمع صوت الأذان في أحيان كثيرة، وفي كل مكان تقريبا حتى في التلفاز والإذاعة، وفي رمضان تشعر أن الجو العام للبلد تغير تماماً، أنتم بالنسبة لنا مجتمع متدين.

- لوسألتك ولو قررت أن تعتنق الإسلام، ما أهم شيء يدفعك لذلك؟

- الراحة الذهنية، والطمأنينة النفسية، والتمسك الاجتماعي، عندما أرى أبنائي حولي كل أسبوع، وعندما أجتمع مع إخواني كل جمعة، وعندما أرى أبناء عمومتي، وأبناء أخواتي مرتين على الأقل في العام، هذا شيء رائع.

- الآن أنا في الخمسين، لدي ابنتان، لم تتزوجا، ولكن إحداهما هاجرت إلى ألمانيا واستقرت هناك، والأخرى ذهبت إلى الولايات المتحدة، والدتي مازالت على قيد الحياة في بولندا، لم تجتمع أسرتنا منذ بلغت الصغرى من بناتي الثامنة عشرة، ولا أظن أننا سنلتقي، ولكن ربما إذا توفيت والدتي سنحضر جميعا جنازتها.

إذا رجعت إلى بولندا، أشعر بالوحدة؛ ولذلك أفضل البقاء هنا، لقاءاتنا هناك إما في (بار) لشرب البيرة، أو منتزه مع زملاء العمل يحضر كل منا طبقه، ولكننا لا نتزاور بوصفنا جيرانا، ولا نلتقي بوصفنا أهلا، وليس من الواجب على الابن أن يلتزم بوالديه، ولا على الأخ أن يصل إخوانه، هذه أمور جميلة، بل رائعة.

لو قررت أن أعتنق الإسلام فإني سأفعل من أجل الحصول على هذا النوع من الحياة الاجتماعية المستقرة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك