لماذا يعادون الإسلام الصحيح؟
برغم أن الرسالة المحمدية لم تنازع قريشًا على الملك أو المال أو الجاه إلا أنهم حاربوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعادوه، رغم أنه لم يطلب منهم ما يضر بهم أو يشق عليهم، فلماذا؟
إرساء العدل ورفع الظلم
لأن الإسلام جاء لإرساء العدل ورفع الظلم، وبهذا يتضرر الظالمون، فقد جاء الإسلام بعقيدة التوحيد التي تنبذ الشرك بالله -عز وجل- {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: ١٣)؛ إذ إن إنكار خلق الله -عز وجل- للكون، أو أن نجعل معه أربابا شركاء في ذلك ظلم ينافي العدل والحق، وصرف شيء من العبادة والطاعة لغير الله -عز وجل- من آلهة باطلة ظلم مضاد للعدل والحق، والتعدي على حق الله -عز وجل- بالملك والحكم والتشريع ظلم يجانب العدل والحق {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ} (الناس: ١-٣).
منع ظلم الناس للناس
ولأن الإسلام جاء ليمنع ظلم الناس للناس بالعدوان على أرواحهم أو أبدانهم أو أموالهم أو حريتهم وكرامتهم، فإنه حرم القتل الظالم بأنواعه ومنها وأد البنات، وأكل أموال الناس بغير حق، ومنه تحريم الغش والربا، وحرم الإسلام استرقاق الأحرار، وسهّل وحض على تحرير الأرقاء، وحرم الزنا والفواحش، ومنها تحريم الخمر وما يماثله من المخدرات.
منع ظلم الإنسان لنفسه
وجاء الإسلام ليمنع الإنسان من ظلم نفسه باتباع الشهوات والمنكرات أو الكفر والشرك ونبذ الإيمان؛ إذ نتيجة ذلك أنه يصبح أسيرا للجهل أو الخرافات والشعوذات، أو تتسلط عليه الآفات والمصائب البدنية والنفسية نتيجة ارتكاب المخالفات لأنها محرمة لما تسببه من أذى أصلا.
حقيقة الإسلام
هذه حقيقة الإسلام، وهذه حقيقة العدل الذي جاء به، التي متى آمن بها الناس عرفوا ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وبذلك تتهدم حصون الظالمين وأغلالهم التي فرضوها على الناس بالجور والظلم والعدوان.
منبع عداوة أهل الباطل
هذا هو منبع عداوة أهل الباطل للدين الحق، فالإسلام يمنع الإنسان عن لذاته العاجلة والمهلكة في الوقت نفسه، التي أصبحت اليوم شعار عصرنا، بل أضحت المضمون الأول الذي تحشى به عقول الناس عبر وسائل الإعلام، فبعضهم يظن أن تحريم الإسلام للسّكر والإدمان والفواحش من الزنا والشذوذ والمقامرة والربا والتبرج والعري وأمثال ذلك هو عدوان وتطاول عليه، بينما الحقيقة هي أن الإسلام يمنعه من ظلم نفسه أصالة ثم ظلم مجتمعه.
حجج شتى
ومما يلبّس على الناس ما يقوم به المفكرون والساسة والمثقفون والتجار من ترويج لأمثال هذه المنكرات والفواحش والكفر والشرك بحجج شتى من الحرية والتقدم والحضارة والمدنية، بينما الحقيقة بخلاف ذلك تماما؛ إذ إن شيوع هذه الأفكار الضالة والسلوكيات المنحرفة من أهم وسائل تحقيق المكاسب والمنافع المعنوية من السلطة والجاه والنفوذ، أو المادية من الأموال والمجوهرات وغيرها.
فكلنا يعلم أن أساطين تجارة المخدرات في العالم ومروجيها لا يتناولونها! حتى ينعموا بالملايين والمليارات العائدة ممّا ينفقه العاطلون عن العمل والفقراء لينسوا همومهم! ومعلوم كم يجني تجار الفاحشة والفن من مليارات عبر دغدغة مشاعر الناس وعواطفهم بالأفلام والأغاني والحانات والملاهي، ومعلوم ما يرتكب في سبيل ذلك من جرائم خطف للبنات والفتيات وإجبارهن على الإدمان والفجور، ثم ينظّرون علينا بحقوق المرأة، وهم إنما يبحثون عن حرية الوصول للمرأة.
تحرير الإنسان
لهذا كان الإسلام الصحيح يحرر الإنسان من عبوديته للأشياء، ومن هنا يُحارَب الإسلام الصحيح؛ لأنه يمنع من ظلم الناس أنفسهم لأنفسهم ومن ظلمهم لغيرهم.
دعم التصوف المنحرف
ومن مظاهر محاربة الإسلام في واقعنا اليوم تكرار تجربة دعم التصوف المنحرف ليكون ممثلا للإسلام بدلا عن صحيح الإسلام، فمعلوم أن التصوف المنحرف يدعو لحصر التدين في القلب، ويهوّن من ارتكاب المعاصي، كما أن التصوف المنحرف يدعو لتقبل العدوان والظلم واعتبار ذلك من الرضا بقضاء الله.
توظيف رخيص للإسلام
ومن عجيب حال هذا التصوف المنحرف أنه ينسب للزهد، واشتهر بلبس الصوف، لكن هذا التصوف الذي يروج اليوم له هو من فئة الخمس نجوم؛ فرموزه من المترفين زوار حفلات الفنادق والسفارات ونجوم في الإعلام والسياسة وضيوف على مراكز الدراسات الغربية! وفي هذا توظيف رخيص للإسلام لصالح الأعداء والشيطان، ويحقق للظالمين دوام ظلمهم وعدوانهم دون إزعاج، بل سيجعل الناس تحقق كل أهداف الأعداء والشيطان وهي تظن أنها تطيع الله -عز وجل.
لاتوجد تعليقات