رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد حمدي 19 سبتمبر، 2018 0 تعليق

لماذا ندعو إلى الله؟

الدعوة إلى الله واجبة، قال -تعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقال صلى الله عليه وسلم : «مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً؛ فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ؛ فَبِلِسَانِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ؛ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ»، والأمر يفيد الوجوب وإن كان قول الجمهور إنه فرض كفاية، إلا أنه يتعين إذا لم يقم به غيرك لعجز أو تقصير، أو لم يعلم به إلا أنت، ويتعين بالقلب في كل حال؛ فشعورك أن الذي تفعله واجب، يجعلك تأثم عند التأخر، أو التقصير، وليس تفضلا أو استحبابا.

 

الرحمة والشفقة بالخلق

     ومن أسباب قيام الإنسان بالدعوة إلى الله -تعالى-، الرحمة والشفقة بالخلق؛ فانظر إلى حرص النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على الأمة، قال -تعالى-: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، وعندما دعا الغلام اليهودي قبل موته فنطق الشهادة؛ فقال فرحا مسرورا: «الحمد لله الذي أنقذ بي نفسا من النار»؛ فعندما ترى إنسانا مريضا يتألم لحرق، أو لسرطان، أو يكون فقيرا لا يجد طعاما، تجد نفسك مشفقا عليه، لماذا لا يكون في قلبك شفقة وخوف على من لا يصلي، أو يشرب المخدرات أو يفعل المنكرات؟ ألا تخاف عليه من عذاب الله وغضبه أو سوء الخاتمة؟ فإن عذاب الله أشد من عذاب الدنيا، قال -تعالى- مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم : {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}، أي مُهلك نفسك، وقاتل نفسك، وقال -تعالى-: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}، وقال صلى الله عليه وسلم : «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ»، «مَن لا يَرْحمْ لاَ يُرْحَمْ»، «ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»؛ فالرحمة بأهل الذنوب والمعاصي يجعلك تتحمل أذاهم أو إعراضهم وتصبر عليهم، إذا وجدت مكروبا لضيق، أو هم، أو دين، أو مرض، لمَ لا تدله على الصلاة، أو التقوى، أو الدعاء، أو الذكر؟ فهو سبب لتفريج وتنفيس الهموم والكروب وبث الشكوى إلى الله .

صيانة النفس

     فالإنسان يتأثر بما حوله؛ فإن لم تؤثر في غيرك، ستتأثر أنت بالبيئة التي تعيش فيها؛ فأنت عندما تدعو، تحمي نفسك ابتداءً؛ فإن لم نقلل من المنكرات؛ ستغزو بيتك وأولادك وأهل بيتك، ستجد الشاب الذي يشرب المخدرات؛ سيسرق بيتك، أو يتعرض لابنتك في الطريق أو يضل ابنك .

الطمع في الثواب

     فتخيل عندما يأتي في ميزان حسنات أبي هريرة رواية الإسلام، الذي روى أكثر من خمسة ألاف حديث في العقائد، والعبادات، والأخلاق، والأذكار، يعمل بها المسلمون إلى قيام الساعة، أو أن يأتي خمسة من المبشرين في الجنة في ميزان حسنات أبي بكررضي الله عنه ؛ فتخيل عندما تحفظ أحدا فاتحة الكتاب التي بها 118 حرفاً، والحسنة بعشر أمثالها؛ فتُقرأ على الأقل في الفرائض 17 مرة في اليوم، و 345 يومًا بالسنة الهجرية، ويعيش قرابة 60 سنة، قرابة 700 مليون حسنة؛ فهل يفرط في هذا الثواب أحد؟ قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، حَتَّى النَّمْلَةُ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ» فإذا صلى أحد بسببك، أو قرأ القرآن، أو قال أذكار الصباح والمساء، وواظب عليها، كم تتخيل مقدار الثواب الذي ستحصل عليه؟ فهل تفرط في دلالة الناس على الخير؟

البصيرة بالواقع، ومكر الأعداء

     فعندما يرى الإنسان المؤمن حركة أهل الباطل ومخططاتهم وأموالهم من أجل نشر عقيدتهم ومذهبهم يستحى من نفسه، ويعلم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، قال -تعالى-: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}. {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}، {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}، {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ}؛ فانظر إلى الغرب، وما ينفقون من أموال في المواقع والقنوات الإباحية، ونشر الشهوات، والغزو الفكري، والإلحاد، ونشر الشبهات والتشكيك في الدين، والحرب العسكرية، ونشر أفكار منحرفة كالعلمانية والليبرالية و...إلخ.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك