رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عمر بن إدريس الرماش 24 فبراير، 2014 0 تعليق

لماذا تراجع دور المسجد ومكانته في المجتمع! ؟

     لقد تراجع في العصر الحاضر -مع الأسف الشديد- دور المسجد الحاضري والديني والإشعاعي مقارنة مع ما كان يحظى به في الماضي المجيد للحضارة الإسلامية، وتقلص دوره جدا نظرا لعوامل داخلية وخارجية عدة متداخلة فيما بينهما، فالمسجد أصبح اليوم دوره -مع كامل الأسف- محدود ومرسوم لا يتجاوزه، فهو مكان خاص بالعبادة فقط لا غير، مثل إقامة الشعائر الدينية كالصلوات الخمس المفروضة والذكر والنوافل من العبادات، وإلقاء خطبة الجمعة وأداء صلاتها، وتحفيظ وتعليم القرآن الكريم والحديث النبوي للأطفال والناشئة، وإلقاء بعض دروس الوعظ والإرشاد والمحاضرات ولاسيما بين صلاتي المغرب والعشاء.

     وأصبح المسجد يغلق أبوابه خارج هذه الأوقات المعهودة بدعوى تعرضه للسرقة والنهب وغير ذلك من المسوغات الواهية، التي لا تستند إلى دليل شرعي من الكتاب والسنة والاجتهاد الفقهي، كما أن المسجد اليوم لا يهتم بالانفتاح على قضايا المجتمع والأمة المعاصرة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية والطبية ولاسيما المستجدة والطارئة في الميادين والمجالات الحيوية ذات الأهمية، مثل قضايا التخلف والتبعية والفقر والمجاعة والعولمة والغزو الفكري والإعلام الوافد والتكنولوجيا والإنترنت والاستنساخ والشذوذ الجنسي والإباحية والفساد بكل أنواعه وأطفال الأنابيب وغيرها من المواضيع المهمة الطارئة، والمستجدة في مجتمعنا المعاصر، التي لم تكن معروفة في العصور السابقة ولاسيما عصر النبوة والخلافة الراشدة.

     لقد فقد إذاً المسجد -اليوم باعتباره مؤسسة إسلامية دينية واجتماعية وإشعاعية براقة- دوره الرائد الذي كان عليه في السابق، ولاسيما في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم  والرسالة والدعوة الإسلامية الأولى، وفي عهد الخلفاء الراشدين والتابعين، وأصبح المسجد -مع الأسف الشديد- يقوم بأدوار ومهام محدودة جدا وثانوية وهامشية، لا تتجاوز العبادة والذكر والصلاة وخطبة الجمعة وتلاوة وتحفيظ القرآن الكريم والحديث النبوي، وكأن دوره محصور في هذه الأشياء المعدودة فقط لا غير.

     فالمسجد في المجتمع الإسلامي المعاصر أصبح منسيا ومهمشا مقارنة مع دوره الحضاري والإشعاعي في الماضي، وكذلك مقارنة مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى مثل دور الشباب والثقافة ودور السينما والمسارح ووسائل الإعلام المختلفة وأماكن اللهو والترفيه اللا مشروعة ولاسيما المقاهي والحانات وقاعات الألعاب، التي أصبحت تغزو مجتمعاتنا الإسلامية وتستقطب الناس إليها، وتستهوي قلوبهم وعقولهم ولاسيما الأطفال والشباب، فضلا عن أن هذه الأماكن المشبوهة أصبحت تنافس المسجد منافسة شديدة قلصت وحدت من دوره وتأثيره وفعاليته.

     وهكذا فإن تراجع دور المسجد واضمحلاله في المجتمع الإسلامي المعاصر يعود إلى أسباب وعوامل داخلية وخارجية عديدة لا حصر لها، إلا أن أهمها يتمثل في تراجع دور الدين والتدين وإقصائّما عن واقع الحياة المعاصرة، ثم غياب الوازع الإيماني أو ضعفه وشيوع ظواهر سلبية خطيرة، مثل الفراغ الروحي والجهل والأمية والخرافة والشعوذة والدجل والسحر في صفوف أفراد الأمة اليوم وجماعاتها.

     لقد انحرف المسلمون اليوم أفراداً وجماعات عن الصراط المستقيم وابتعدوا عن الدين القويم والعقيدة الصحيحة والشريعة السمحة والفكر الإسلامي السليم، وهجروا القرآن والسنة، واعتنقوا المذاهب الإلحادية الشرقية والغربية، كما أنهم لم يقدروا قيمة المسجد ومكانته في الإسلام، مقارنة مع السلف الصالح رضوان الله عليهم، بل هجروه إلى أماكن أخرى ولم يعمروه كما أراد الله ورسوله ولم يولوه العناية الخاصة التي يستحقها

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك