رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 16 يونيو، 2020 0 تعليق

لتحقيق أهدافها في معالجة القضايا المستجدة وإيجاد حلول عملية لها – مجلة الشريعة تعقد المؤتمر الإلكتروني الأول عن جائحة كورونا (كوفيد19)


برعاية كريمة من عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت الأستاذ الدكتور/ فهد الرشيدي، وبمشاركة ثلة من العلماء الأجلاء، ومن منطلق تحقيق أهداف مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية (معالجة القضايا المستجدة ومناقشة المشكلات المعاصرة والعمل على إيجاد الحلول العملية لها وفق ضوابط الشريعة الإسلامية) عقد المؤتمر الإلكتروني الأول لمجلة الشريعة والدراسات الإسلامية - عن جائحة كورونا (كوفيد19) والأحكام الشرعية المتعلقة بها؛ إسهاما من المجلة في بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الجائحة في الفترة من 6-7 شوال 1441 هـ الموافق 29 -30 مايو 2020م.

وقد توصل المؤتمر من خلال الأوراق المقدمة ضمن محاوره إلى النتائج والتوصيات الآتية:

الرجوع إلى القرآن الكريم

- أولا: ضرورة الرجوع إلى القرآن الكريم في النوازل والجوائح؛ للاستهداء بهداياته ومقاصده, وقد ثبت حضوره الفاعل والمؤثر في معالجة العوارض النفسية المصاحبة للجائحة العالمية, وفي أحكام النوازل الشرعية, وفي تقويم الأخلاق الإنسانية المصاحبة للجائحة العالمية, وأنه المستقی والمنهل في الإفتاء والتوجيه والإرشاد والتقويم في المظاهر المصاحبة لهذه الجائحة لتتحقق فيه المعجزة الإلهية بصلاحية القرآن لكل زمان ومكان, ومصدرية القرآن لمصالح الإنسان في الدنيا والآخرة.

الرجوع إلى السنة النبوية

- ثانيا: كانت السنة النبوية حاضرة بهداياتها في جائحة كورونا؛ فقد أضافت أبعادا كثيرة في التوافق النفسي، والأمن الجسدي، والتكيف الاجتماعي سواء من ناحية الدوافع والانفعالات، أم من ناحية الوقاية والعلاج، أم من ناحية الاستقرار الحياتي والتماسك والأمان في جائحة كورونا.

تفوق الفقه الإسلامي

- ثالثا: يسجل تسمية فيروس كورونا بكونها جائحة عالمية تفوق الفقه الإسلامي، بإطلاق مصطلح الجائحة على مثل هذه الأوبئة وأصالته مما يدل على ثراء الفقه الإسلامي بكونه فقها عالميا إنسانيا يصلح لمعالجة مختلف الجوانب الشرعية، وثبت أن المعالجات الفقهية والمتعلقة بالنظريات الشرعية كالظروف الطارئة والتعسف في استعمال الحق، ومدى سلطان الدولة في تقييد الحق، والقواعد الفقهية، والمبادئ الشرعية- لها دور كبير في معالجة جوانب هذه الجائحة.

المعالجات الشرعية والفقهية

- رابعا: تعمقت المعالجات الشرعية والفقهية في كافة جوانب البحث الفقهي المتصل بكافة شؤون الحياة من عبادات ومعاملات وعلاقات اجتماعية واقتصادية وعقوبات وعلاقات بين الدول؛ مما أنتجت فكرا اجتهاديا جديدا يتناسب وكثرة أعداد الناس وتلبية الاحتياجات الإنسانية، ووسائل جديدة في العمل والتوظيف والتواصل، وهو ما ظهر أثره في الجوانب التي طُرحت في أبحاث هذا المؤتمر.

نوازل غير متوقعة

- خامسا: ظهرت من خلال النوازل التي جدت العديد من الأحكام العامة التي لم يكن لأحد تصور وقوعها، طبقا لمتطلبات أساسها التوصية الطبية والحاجات الطبية التي هي مناط هذه الأحكام؛ وتوسيع هذه الأحكام وتضييقها كان تبعا للضرورة والحاجة الطبية.

التطبيق الفقهي الاجتهادي

- سادسا: من أهم ما ظهر من خلال الأبحاث الفقهية أن المستجدات الفقهية الواسعة والمتنوعة فتحت باب التطبيق الفقهي الاجتهادي للمناهج الأصولية المختلفة, كالاستحسان, وسد الذريعة, والاستصحاب وغيرها بصورة عملية واقعية متجددة.

مستجدات في أحكام العبادات

- سابعا: ظهرت مستجدات فقهية في أحكام العبادات عالجتها الأبحاث المقدمة، ومن أهم نتائجها:

أ- في الطهارة

1- يحرم استعمال الماء الذي تنفس فيه مريض كورونا أو غمس فيه يده، خشية العدوى، في حين يجوز استعمال الماء الذي خالطه صابون أو أحد المطهرات، وقاية من العدوى.

2- يعد الطبيب المتزي بزي الوقاية الكامل بمثابة فاقد الطهورين، فيجوز له أن يأتي الصلاة أثناء لبسه هذا الزي على حاله.

3- يجوز المسح على الكمامات والقفازات واللواصق الطبية إذا شق نزعها عند الوضوء أو التيمم؛ خشية العدوى.

4- لا يجوز الامتناع عن غسل الميت بوباء كورونا وتكفينه مطلقا، وهو من الرخص المتوهمة، ففيه مشقة يمكن دفعها برش الماء على الميت أو تيممه.

5- يرخص للمريض المصاب بالفيروس أن يتيمم إذا فقد الماء، كما يرخص له التيمم إن كان معه القليل من الماء الذي يحتاجه لشرب ونحوه.

6- يجب القيام بحقوق موتى المسلمين المصابين بالوباء من التغسيل والتكفين والدفن والصلاة بحسب الاستطاعة.

ب- في الصلاة

1- لا يكره التباعد اليسير بين المصلين إذا كان سبيلا إلى الوقاية من الإصابة بالعدوى بفيروس كورونا والحد من تناقل الوباء وانتشاره مع المحافظة على هيئة الجماعة.

2- لبس المصلي الكمامة لمرض ونحوہ لا كراهة فيه؛ إذ الكراهة تزول عند الحاجة.

3- يحرم على من كان مصابا بفيروس كورونا حضور الجمعة والجماعة، ولا جمعة عليه، وإنما يصلي الجمعة ظهرا في موضعه، وله الجمع بين الصلاتين إذا كان يلحقه بترك الجمع مشقة.

4- من خاف أن يصاب بفيروس كورونا، ولا سيما إن كان من أصحاب الأمراض المزمنة كمرض القلب والربو أو من كبار السن، فإنه يباح له التخلف عن الجمعة والجماعة.

5- الطبيب ونحوه ممن يعالج مرضى فيروس كورونا أو يمرضه ويعتني بهم، فإنه لا تجب عليه الجمعة ولا الجماعة، وله الجمع بين الصلاتين إذا وجد مشقة في أداء صلاة في وقتها، بل يكون الجمع واجبا إن كانت الصلاة في وقتها تؤدي إلى هلاك نفس.

6- يجوز للجهات المختصة أن تعدد الجمع تعزيزا للإجراءات الوقائية والاحترازية تجاه فيروس كورونا.

7- إن الموازنة في مسألة تعليق الجمعة والجماعات في المساجد بسبب فيروس كورونا تقتضى إقامة الشعائر التعبدية فى المساجد, وأن للقائمين على رعاية المساجد تنظيم الجمع والجماعات فيها؛ من حيث الإجراءات النافعة للوقاية من هذا الفيروس، وهذا يحقق المصلحة الدنيوية المظنونة في الحد من احتمالية العدوى، والمصلحة الدينية القطعية في المحافظة على الشعائر التعبدية في المساجد، ويدفع الضررين المترتبين على تفويتهما.

8- تأكيدا على ما سبق فتبقى فرضية إقامة الجمعة في مسجد جامع في المدينة إحياء لشعيرة الجمعة، مع التنبيه على أنه لا يصح الائتمام بصلاة الإمام عبر وسائل البث المباشر.

9- يشرع إقامة صلاة الغائب على موتى المسلمين المصابين بفيروس كورونا إذا تعذرت الصلاة عليهم أو تعسرت.

ج- في الزكاة والوقف

1- يجوز تعجيل الزكاة لعام أو عامين بسبب جائحة كورونا مع كون المال بلغ نصابا، وكذا يجوز التأخير لها بشروط ضيقة في حال تعذر الوصول إلى المال حقيقة أو حكما، أو القدرة على تحويله للمستحق، ويقدر بقدره وبأقل مدة ممكنة، وكل ذلك استحسان ضرورة أو حاجة.

2- يجوز الصرف من الزكاة في تكاليف علاج من أصيب بمرض كورونا إذا كان فقيرا, على ألا يزيد الصرف عن الحاجة، وذلك إذا لم تستطع الدولة تغطية تكاليف علاجه.

3- لا يجوز صرف أموال الزكاة مباشرة للجهات الرسمية لتأجير المحاجر الصحية.

4- المنقطع الذي ليس له ما يرجع به إلى بلده بسبب الإجراءات الاحترازية لمكافحة مرض فيروس كورونا فإنه يعطى قدر ما يصل به إلى بلده ولو كان ذا يسار في بلده.

5- للوقف في زمن وباء كورونا دور بارز في التكافل الاجتماعي، من خلال تفريج الكربات وسد حاجات الأفراد والدولة، تحقيقا لحفظ المقاصد الضرورية.

6- يجوز اقتراض الدولة من ربيع الأوقاف عند الضرورة كجائحة كورونا، وعند وجود فائض عن حاجة الوقف، مع انعدام التمويل من غير الأوقاف، وشريطة أن تتحقق بذلك المصلحة لعموم المسلمين، مع التوثيق والالتزام بالسداد.

د- في الصوم

1- لا يجوز الإفتاء بإفطار عموم المسلمين في شهر رمضان المبارك بسبب الجائحة، ولا يجوز الفطر للمصاب بمرض كورونا إلا بحسب العذر الذي يبيح له الفطر باستشارة طبيب مسلم كفء ثقة، كما لا يجوز أن يفطر الطبيب المعالج مرضى فيروس كورونا في رمضان، إلا إذا خاف على المرضى الضرر أو الهلاك عند عدم الفطر.

2- لا يؤثر استعمال أجهزة التنفس الصناعي التي تبث الأكسجين فقط على صحة الصيام.

3- لا يجوز للمريض بمرض فيروس كورونا أن يعتكف في مسجد فيه أصحاء؛ لما فيه من الإضرار بالمسلمين.

و- الحج والعمرة

1- يجوز إيقاف التصريح بالحج والعمرة لمدة محددة إن دعت الضرورة الصحية لذلك، كما أن الحج باق وبأقل عدد تتحقق فيه الفريضة والشعيرة, وبما لا يؤدي إلى تفشي الوباء. 2- يسقط وجوب الحج إذا خشي من انتشار العدوى بجائحة كورونا؛ لعدم توافر شرط الاستطاعة.

3- يجوز لبس الكمامة للمحرم بلا فدية، كما يرخص للمحرمة ذلك مع الفدية.

4- يجوز لبس القفازين للمحرم والمحرمة عند انتشار جائحة فيروس كورونا، مع وجوب دفع الفدية.

مستجدات في أحكام المعاملات

- ثامنا: ظهرت مستجدات فقهية في أحكام المعاملات المالية والتبرعات والعمل الخيري, عالجتها الأبحاث المقدمة، ومن أهم نتائجها:

1- يجوز التأمين على الخسائر التبعية لاستمرار أعمال المنشأة، وللحفاظ على قوة الاقتصاد، ومنها طروء جائحة كورونا الذي توقفت الأعمال بسببه؛ أسوة بالأخطار المادية التي توجد لها تغطيات للخسائر التبعية، كالحريق.

2- لنظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة أثر في عقود التوريد المتراخية التنفيذ، فإذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا، فتعتبر قوة قاهرة، فإن كانت الاستحالة كلية انفسخ العقد من تلقاء نفسه، وإن كانت جزئية، خير الدائن بين أن يتمسك بالعقد فيما بقي ممكن التنفيذ، أو أن يطلب فسخ العقد، ولا يستحق الدائن تعويضا عما ناله من ضرر بسبب تفويت الصفقة عليه كليا أو جزئيا، وأما إذا كان تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين، فتعد ظرفا طارئا، ويترتب عليها رد الالتزام إلى الحد المعقول، وتوزيع الخسارة على الطرفين.

3- إذا استحال تنفيذ الالتزام في عقد الإجارة، تعمل نظرية القوة القاهرة، ويفسخ العقد تلقائيا إذا كانت الاستحالة كلية، وإذا كانت جزئية، خير المستأجر بين أن يتمسك بالعقد فيما بقي ممكن التنفيذ، أو أن يطلب فسخ العقد.

4- لا يمكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقد الإيجار السكني في الفقه والقانون، وإنما يحكم على المسألة حسب القواعد والنصوص العامة.

أ- فإن المستأجر إذا كان قادرا على الدفع، فإنه لا ينظر، ويطالب بدين الأجرة، ويلزم بالدفع ولو عن طريق القضاء، وأما إذا كان معسرا، فهذا يجب إمهاله.

ب- قانونا، المستأجر يكون ملزما بسداد الأجرة كاملة، وإلا كان للمؤجر أن يطالبه بإخلاء العين المؤجرة، وأما إذا ثبت أن تأخره بالسداد للظروف الاستثنائية، فإنها تعد من قبيل العذر الذي ينظر فيه القضاء.

5- يمكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة الناتجة عن جائحة فيروس كورونا على عقد الإيجار التجاري، كالتالي:

أ- فقها، إن تعطل المنفعة بأمر طارئ يوجب سقوط الأجرة، أو نقصانها، أو ثبوت خيار الفسخ للمستأجر، وهذا بالإجماع، وإذا ثبت تضرر المؤجر ببقاء عقد الإجارة نتيجة للظروف الاستثنائية، فيجوز في هذه الحالة فسخ العقد مع تعويض المستأجر عن المدة الباقية في العقد.

ب- قانونا، يجوز للمستأجر طلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة الخاص بالظروف الطارئة كالتالي:

(1) للمؤجر طلب فسخ العقد وإخلاء العين المؤجرة إذا ثبت تضرره، مع تعويض المستأجر عن المدة الباقية من العقد.

(2) للقاضي وقف تنفيذ عقد الإجارة حتى يزول الحادث الطارئ، وهذا في حالة تعطل المنفعة بالكلية، وإذا لم يكن في إيقاف العقد ضرر يلحق المؤجر.

ج- للقاضي إنقاص الالتزام المرهق بإنقاص أجرة العين، وذلك في حالة نقصان المنفعة، إذا ثبت حدوث الإرهاق، فإذا زال أثر الحادث الطارئ؛ رجع العقد بالأجرة التي كان عليها قبل التعديل.

6- يجوز للدولة ممثلة بالبنك المركزي أن تلزم المصارف بتأجيل المستحقات المالية التي لها على العملاء إذا اقتضت المصلحة ذلك، ويجب على المصارف الالتزام بذلك.

7- يلتزم الأفراد والشركات في عقود العمل المؤقتة في مدة سريان العقد بدفع أجور الموظفين في مدة الحظر في حال أراد رب العمل استمرارهم على عملهم بعد مدة الحظر، وأنه لا يصح إنهاء عقود الموظفين أو قطع رواتبهم.

مستجدات فقهية في أحكام الأسرة

- تاسعا: ظهرت مستجدات فقهية في أحكام الأسرة والجنايات عالجتها الأبحاث المقدمة، ومن أهم نتائجها:

1- لا أثر في هذه الظروف لفيروس كورونا على فسخ الزواج بسببه، ولا تأثيره على الحضانة في هذه الفترة لحين ظهور آثاره في مستقبل الأيام وتقدر بحسبها.

2- نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد إن كان عمدا وعدوانا لشخص بعينه، كان جزاء ناقل العدوى القصاص إذا تسبب بموت شخص بالفيروس، وإن كان بقصد إصابة أكبر عدد من الناس قتلا وإفسادا، فإن جزاءه القود حرابة؛ حماية للمجتمع، وحفظا للأرواح، وإشاعة للأمن بين الناس، وإن كان نقل العدوى بسبب الإهمال وعدم الاحتراز واتباع التعليمات الصحية، فهو قتل خطأ فيه الدية على عاقلته، مع مراعاة تطور توصيف هذا الفيروس، وما تحف به من شبهات تؤخذ بعين الاعتبار عند الحكم القضائي في ذلك.

مستجدات فقهية طبية

- عاشرا: ظهرت مستجدات فقهية طبية عالجتها الأبحاث المقدمة، ومن أهم نتائجها:

1- إن النوازل الطبية المتعلقة بجائحة فيروس كورونا مرتكزة على مقاصد الشريعة وفقه الأولويات والموازنات والنظر في المآلات، ومبنية على قواعد عديدة أبرزها القواعد الدالة على إزالة الضرر والقواعد الدالة على جلب المصالح ودرء المفاسد، واستصحاب مقصد حفظ النفس الإنسانية في بناء الأحكام عند التزاحم وصورها بقطع النظر عن أي اعتبارات كانت، ويراعى عند التزاحم محاولة إنقاذ النفوس جميعا بقدر المستطاع، وعدم التقصير في تقديم الخدمة لكل محتاج مهما كانت الظروف، واهتداء بمعايير تقديرية أربعة هي: معيار كثرة النفوس، ومعيار الأشد خطرا، ومعيار الأكبر ضررا، ومعيار الأمكن علاجا.

2- جواز التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا بشروط وضوابط معينة يجب توافرها, بعضها خاص بالتجربة نفسها، وبعضها خاص بفريق العمل، وبعضها خاص بالتطوع ذاته، مع ضرورة الالتزام بالقواعد الشرعية والقواعد العلمية والأخلاقية.

مستجدات فقهية في مسؤولية الدولة

- حادي عشر: ظهرت مستجدات فقهية في مسؤولية الدولة في جائحة كورونا عالجتها الأبحاث المقدمة، ومن أهم نتائجها:

1- المسؤولية العلاجية والوقائية هي المسؤولية الأساسية للدولة في وباء كورونا، وتتمثل باتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة المرض الواقع من خلال توفير المصحات والمشافي الميدانية والأدوية والأمصال اللازمة وبالمقدار اللازم، وتوفير الكوادر الطبية ولو لزم الأمر بالاستعانة بدول أخرى.

2- يجوز للدولة إلزام المريض بكورونا بالتداوي حتى يرتفع عنه المرض؛ لأن ترك التداوي من تلك الأمراض يعني انتشارها وشيوعها ويؤدي إلى إضرار بالمجتمع.

3- من المسؤولية المنوطة بالدولة المواءمة بين الرأي الشرعي الفقهي والرأي الطبي؛ بحيث لا تصدر القرارات الإدارية المتعلقة بأحكام شرعية على الرأي الطبي فقط، بل لا بد من بيان الرأي الشرعي فيما يتعلق بفروض الأعيان وفروض الكفايات كالجمع والجماعات وغسل الميت ونحو ذلك.

4- يجب على الدولة القيام بالتثقيف الإعلامي للتحذير من المرض، وبيان طرائق الوقاية منه.

5- من المسؤوليات الوقائية التي تناط بالدولة القيام بحجر المرضى عن المصحين.

6- في حال قصرت الميزانية العامة للدولة عن توفير علاج للمرضى فيجوز للدولة فرض وظيفة مؤقتة على مال الأغنياء لتوفير الأدوية اللازمة لمعالجة المرضى وبقدر الضرورة، ولا يجوز للأغنياء الامتناع عن بذل فضول أموالهم، بشرط وجود الحاجة الحقيقية، وعدم الأخذ من الفقير والمحتاج، وألا يترتب على الأخذ من الغني أن يصير فقيرا، ولا من المقتدر أن يكون معوزا، وأن يتم ذلك بصيغة القرض الحسن ما أمكن ذلك.

7- للدولة القيام بالتدابير الشرعية المالية والمتعلقة بالاقتصاد من منع الاحتكار والتسعير الجبري للسلع خشية التغالي في أسعارها، وتعمد إخفاء السلع.

8- يجوز فرض حظر التجول في مواجهة وباء كورونا، بشرط تأمين حد الكفاية للناس في أقواتهم وأرزاقهم.

9- تلتزم الدولة من الناحية القانونية والشرعية بجبر الخسائر الحاصلة بفرض الحظر على وجه تكافلي عام.

المعالم التشريعية: ثاني عشر: نهضت القواعد الفقهية والمعالم التشريعية في جائحة كورونا بوصفها مؤيدات فقهية ودلائل استئناسية لتسهيل استنباط أحكام هذه النوازل والمستجدات من الأدلة الشرعية وتأصيل تخريج أحكامها، ضمن تحليل واقع الجائحة طبيا، والاجتهاد الجماعي، وإعمال فقه التوقع وضوابطه تقليلا للمفاسد في مقابل تحقيق المصالح.

 

التوصيات 

1- توجيه المزيد من العناية بعقد المؤتمرات الدولية المتعلقة بفيروس كورونا ولا سيما الطبية والشرعية، وعقد مؤتمر دولي مشترك بين الأطباء والفقهاء لمناقشة ضوابط نزع أجهزة التنفس الصناعي، ومناقشة الإشكالات الطبية المتعلقة بانتشار الفيروسات، وبناء نظرية وضح الجوائح الخاصة بفيروس كورونا.

2- إنشاء مركز بحثي فقهي يختص بدراسة فقه النوازل معالجة وتوقعا، ولا يكون موقف الفقه الإسلامي في معالجة الوقائع، بل يتجاوزها إلى فقه التوقع.

3- العناية بتوسيع دراسة ضوابط الاجتهاد المعاصر في كليات الشريعة، وإضافة المقررات والمناهج التي تعتمد الممازجة بين الواقع الأصولي والواقع التنزيلي.

4- إيجاد دراسات تعتني بمعايير الضرورة والحاجة، ومدى انطباقها على مختلف الحوادث والنوازل.

5- توصية الباحثين باستكمال مسيرة البحث في النوازل الطبية؛ حيث تعد هذه الدراسة بداية نتاج النازلة فمن المحتمل ظهور نوازل طبية جديدة تتعلق بفيروس كورونا، وضرورة مشاركة الأطباء والقانونيين والاقتصاديين والمحاسبين.

6- الدعوة إلى إنشاء موسوعة شرعية شاملة متخصصة بفيروس كورونا تجمع جميع المؤتمرات والأحكام والبحوث والفتاوى المتفرقة، وترجمتها إلى اللغة الإنجليزية لتعلم الإنسانية عمق الشريعة وأنها صالحة لكل زمان ومكان.

7- توصية الجهات الرقابية بضرورة وضع نظام رقابي يكفل لـ(المؤسسات) التزامها أحكام الشريعة الإسلامية في زمن الأوبئة.

8- ضرورة تطوير الدراسات المتخصصة في العمل الخيري في أزمنة الأوبئة.

9- الاستفادة من الخبرات الفنية العالية في مجال التأمين، وكذلك من الذكاء الاصطناعي في مواجهة الأخطار المحتملة والإعداد لها.

10- توصية الدول بتخصيص جزءا من ميزانياتها لدعم المشاريع العلمية المتعلقة بالصحة العامة وعلاج الأوبئة؛ فإن مثل هذه المشاريع لا تقل أهمية عن المشاريع العسكرية والاقتصادية.

11- توصية الدول الإسلامية بتبني مشاريع وقفية، يكون من مهامها القيام برعاية إعداد الكوادر الطبية والتمريضية والخبرات في مجال الأوبئة والمشاريع الوقائية بأنواعها المختلفة، حتى تحصل الكفاية المالية، والكفاية الطبية العلمية.

12- التوصية بوضع معايير مهنية طبية وربطها بالأحكام الشرعية القائمة على المنهج الإسلامي وفق التصور الشرعي، ليكون إطارا للعمل الطبي، وميثاقا طبيا عالميا، حتى لا يبقى مقصورا على بعض فحسب، بل ليكون شاملا لكل أحد يعمل في مهنة الطب، يستقي مبادئه وتعاليمه من عالمية الإسلام وأخلاقه.

13- التوصية للجامعات والمعاهد الشرعية الاهتمام بهذه الجائحة وما يتصل بها من أحكام في مناهجها الدراسية ونشاطاتها العلمية.

14-ضرورة إعادة النظر في الأوقاف؛ بحيث يتم تطويرها لتواكب المستجدات والظروف الطارئة في زمن الأوبئة وتخصيص أوقاف لمواجهة الكوارث والأوبئة.

15- التوصية بسرعة إصدار قرار من الجهات المختصة فيما يخص استحقاق أجرة الأعيان التجارية في ظل ظروف تفشي وباء فيروس كورونا.

16- التوصية بإعادة النظر في التقنينات المتعلقة بجوانب هذه الجائحة في القوانين ذات الصلة.

 

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك