لا يجوز سلب كرامة الإنسان
- تسعى دول إلى استغلال الإمكانات التي لديها لخدمة الانسان، فتهيئ له المساجد لكي يطمئن في عبادته لله، وتبني الجامعات والمدارس لكي يتعلم وينمي قدراته الذهنية، وتنشئ المستشفيات لكي يتعالج من الأمراض وليكون في صحة وعافية، وتبني له كل ما يقيم حياته من طرق وأسواق ومؤسسات ومساكن؛ فيعيش الإنسان عيشة هنيئة، يتفرغ فيها لبناء نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه فتتقدم الأمة بعز وتمكين.
- ودول أخرى عكس ذلك تماما، تفكر فقط في كيفية الحد من قدرات هذا الإنسان، وكيفية القضاء على طموحاته وآماله بالقهر والبطش والسجون، فتبني السجون الكبيرة، وتختار السجانين الأشرار الذين لا يرحمون أحدا، وتجلب فنون التعذيب وأساليب إهانة الإنسان، ويصبح همها كيف نحطم هذا الإنسان؟ وكيف نجعله ذليلا كسيرا لا يقوى على شيء؟
- والظلم عادة لا يدوم، وعواقبه وخيمة في الدنيا والآخرة؛ فهو وآثاره إلى زوال، أما العدل والبناء فيبقى ويستفيد منه الجميع قال -تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (الإسراء:70)، أي جعلنا لهم كرما أي شرفا وفضلا؛ فالأصل أن الإنسان يعيش مكرما، لا مهانا، يعيش في عز وتقدير واحترام حتى يكون جاهزا للبذل والعطاء وخدمة أمته.
- والإسلام رتب مسألة احترام الإنسان بطريقة دقيقة جدا، ففي مجال الأسرة: جعل للأم والأب مكانة عظيمة قال -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } (الإسراء: 23-24).
- وكذلك عزز مكانة الأقارب والأرحام؛ فلا يجوز قطع الأرحام، ومنع الإنسان عن أهله وأقاربه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حتَّى إذا فَرَغَ مِن خَلْقِهِ، قالتِ الرَّحِمُ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَهو لَكِ قالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وتُقَطِّعُوا أرْحامَكُمْ} (محمد: 22).
- ومن مظاهر الاحترام والإكرام: احترام الكبير في السن، قال -صلى الله عليه وسلم -: «ليس منَّا مَن لم يوَقِّرْ كبيرَنا، ويرحَمْ صغيرَنا». وكذلك العلماء والأمراء لهم مكانتهم.
- لقد خابت الأمم التي لا تكرم الإنسان فيها؛ فالإنسان بفطرته يحب أن يقابل بالاحترام والإكرام، ويطلب من ربه أن يكرمه، قال -صلى الله عليه وسلم -: «لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا؛ المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هاهُنا، ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ! كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ».
16/12/2024م
لاتوجد تعليقات