رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 15 سبتمبر، 2015 0 تعليق

لايجوز استخدام أساليب الكذب والغش والحيل والرشوة في الحج- إمام الحرم: وجوب تأجيل الحج إذا لم يصرح به رسمياً

ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: (أحكام في الحج)، التي تحدَّث فيها عن الحج مع ذكر أبرز الأحكام المُتعلِّقة به وأهمها؛ من حيث متى يجب؟ وعلى من يجب؟ ومتى يسقط مطلقًا أو مؤقتًا؟ وما إلى ذلك من أحكامٍ ضرورية، كما نبَّه في خطبته الثانية إلى غشِّ بعض الناس وتدليسهم في دخول الأراضي المقدسة دون تصاريح، وأن هذا لا يجوز.

- أيها المسلمون: الحجُّ أحد الأركان الخمسة التي بُنِي عليها الإسلام، يجبُ على المُكلَّف المُستطيع في العُمر مرةً واحدةً، ومن وجبَ عليه الحجُّ وأمكنَه فعلُه لزِمَه تعجيلُه؛ فعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «من أرادَ الحجَّ فليتعجَّل؛ فإنه قد يمرضُ المريضُ، وتضلُّ الضالَّةُ، وتعرِضُ الحاجة»؛ أخرجه أحمد وابن ماجه.

الحج عن الميت

     ومتى تُوفِّي من وجبَ عليه الحجُّ ولم يحُجَّ ويعتمِر، وجبَ أن يُخرَج عنه من ماله حجَّة وعُمرة، سواءٌ فاتَه بتفريطٍ أو بغير تفريطٍ، أوصَى أم لم يُوصِ؛ لحديث ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -، أن امرأةً من جُهينة جاءَت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت: إن أمي نذرَت أن تحُجَّ فلم تحُجَّ حتى ماتَت، أفأحُجُّ عنها؟ قال: «نعم، حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمِّكِ دَينٌ أكنتِ قاضيَته؟ اقضُوا الله فالله أحقُّ بالوفاء»؛ أخرجه البخاري.

لا إستنابة مع القدرة

     ومن قدِر على الحجِّ بنفسه فليس له أن يستنيبَ، فإن فعل لم يُجزِئه. ومن وُجدت فيه شرائطُ وجوب الحجِّ وكان عاجزًا عنه ببدنِه، لمانعٍ ميؤوسٍ من زواله؛ كزمانةٍ أو مرضٍ لا يُرجَى زوالُه، أو كان لا يقدِرُ على الثبوت على الراحِلة إلا بمشقَّةٍ غير مُحتمِلة، أو كان شيخًا فانيًا، لزِمه أن يُقيم من يحُجُّ عنه ويعتمِر.

     ومن أحجَّ عن نفسه ثم عُوفِيَ لم يجب عليه حجٌّ آخر؛ لأنه أتى بما أُمر به فخرجَ من العُهدة. ومن كان يرجُو زوالَ المانع والقُدرة على الحجِّ بنفسه، أو كان يُرجى زوالُ مرضه فليس له أن يستنيبَ، فإن فعلَ لم يُجزِئه.

     والفقيرُ لا يجبُ عليه الحجُّ، ولا يُحجُّ عنه، ولا بأس ببذلِ النفقة له ليحُجَّ عن نفسه، ومن بُذلَت له نفقةُ الحجِّ ولم تلحَقه بقبولها منَّةٌ ولا ضرر فلا حرجَ عليه في قبولها وأداء الحجِّ بها. ويجوزُ أخذُ الأُجرة على النيابة في الحجِّ، والأَولَى أن يأخذ النائِبُ من المُستنيبِ نفقةً ولا يأخُذ أجرًا.

حج عن نفسك

     وليس لمن لم يحُجَّ عن نفسه حجَّة الإسلام أن يحُجَّ عن غيره، فإن فعلَ وقعَ إحرامُه عن نفسه؛ لحديث ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -، ان النبي صلى الله عليه وسلم سمِع رجُلاً يقول: لبَّيك عن شُبرُمة، فقال: «من شُبرُمة؟»، قال: قريبٌ لي، قال: «حجَجتَ عن نفسِك؟»، قال: لا، قال: «حُجَّ نفسِك، ثم حُجَّ عن شُبرُمة»؛ أخرجه أبو داود وابن ماجه.

لا ينعقد الإحرام عن اثنين

     ولا ينعقِدُ الإحرامُ عن اثنين، فمن أحرمَ في نُسكٍ واحدٍ عن اثنين، أو عن نفسه وعن غيره، وقعَ إحرامُه عن نفسه. فإن أحرمَ بالعُمرة عن واحدٍ وبعد التحلُّل منها أحرمَ بالحجِّ عن آخر صحَّ؛ لأنهما نُسُكان.

     ويُستحبُّ أن يحُجَ الإنسانُ عن أبويه إن كانا ميتَين أو عاجِزين، ويبدأُ بالحجِّ عن أمِّه؛ لأنها مُقدَّمةٌ في البرِّ، ويُقدِّم واجبَ أبيه على نفلِها.

لاتمنع الزوجة

     وليس للرجل منعُ امرأته من حجَّة الإسلام إذا وجدَت مَحرَمًا، والمَحرمُ من استطاعة السبيل. وقال الإمام مالك - رحمه الله تعالى -: «تخرج مع جماعة النساء».

     وليس لمن تُوفي عنها زوجُها الخروجُ إلى الحجِّ في عدَّة الوفاة؛ لأن العدَّة تفوت والحجُّ لا يفوت، فإن بلغَتها وفاتُه وهي قريبةٌ رجعَت لتعتدَّ في منزلها، وإن تباعَدَت مضَت في سفرها.

تقديم الدين

     ومن كان عليه دَينٌ حلَّ وفاؤُه قدَّم الوفاءَ على الحجِّ إلا أن يأذَن الدائِن، ومن كان دَينُه مُقسَّطًا وعنده وفاءُ الأقساط في موعِدها حجَّ ولا يُشترطُ إذنُ الدائِن.

     وتركُ التطوُّع بالحجِّ أو العُمرة في وقت شدَّة الزحام بقصد التوسيع على الضعفاء والنساء والمرضَى وكبار السنِّ، الذين قدِموا لأداء فريضة الحجِّ، تركُ ذلك أقربُ إلى البرِّ والخير والأجر والثواب. فعن عبد الرحمن بن عوفٍ - رضي الله عنه -، قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «كيف صنعتَ في استلام الحجَر؟»، فقلتُ: استملتُ وتركتُ، قال: «أصبتَ»؛ أخرجه ابن حبان. والمعنى: أنه استلمَ في غير زحام، وترك في زحامٍ، فصوَّبه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الصدقة أفضل

     والصدقةُ أفضلُ من التطوُّع بالحجِّ أو العُمرة إذا كان ثمَّ رحّمٌ مُحتاجة، أو كان زمنَ مجاعَة، أو وُجّد من المُسلمين من هو مُضطرٌّ إلى صدقته، ومُحتاجٌ إلى نفقَته.

     خرج عبد الله بن المُبارَك مرةً إلى الحج، فرأى جاريةً تأخذ طائرًا ميتًا قد أُلقِيَ في مزبلة، فسألَها فقالت: أنا وأختي ههنا ليس لنا قُوتٌ إلا ما يُلقَى على هذه المزبَلة، فأمرَ ابن المُبارَك بردِّ الأحمال، وأعطاها نفقةَ حجِّه وقال: «هذا أفضلُ من حجِّنا في هذا العام»، ثم رجع.

التصريح من الجهات الرسمية

     ومن لم يُصرَّح له بالحجِّ من الجهات الرسمية أجَّل حجَّه وجوبًا على الصحيح حتى يُصرَّح له؛ لأن السياسة الشرعية اقتضَت تحديدَ عدد الحُجَّاج والمُعتمرين، دفعًا لمفاسِد التزاحُم والتدافُع، ومنعًا لحصول الفوضَى.

     يا من تسلُكون مسالِك الكذب والغشِّ والحِيَل والرِّشوة، للتفلُّت من أنظمة الحجِّ .. يا من تسلُكون الدُّروب الوعِرة، والطرق الخطِرة للفرار من نقاط التفتيش الأمنية التي لم تُوضَع إلا لمصلحة الحجِّ وأمنه وسلامة الحجيج .. يا من تُخالفون الشرع، وتتعدَّون حدود الله تعالى، وترتكِبون الحرام، وتتجاوزون المواقيت ونقاط التفتيش بلا إحرام، أيَّ حجٍّ تقصِدون؟َ وأيَّ ثوابٍ تُريدون؟! وأيَّ أجرٍ ترومون وأنتم تكذِبون وتحتالُون وتُخالِفون؟!

تهريب الحجاج

     يا من تُهرِّبون المُخالفين والمُتسلِّلين الذين يُريدون الحجَّ بلا تصريح، أجرتُكم كسبٌ خبيث، ومالٌ حرام، وسُحتٌ وإثم.

فانتَهوا عن هذه الأفعال الذميمة، وانظُروا إلى الأمور بعين العقل والحكمة والمسؤولية.

التدرع والتذرع

     وإياكم والتدرُّع بذرائع واهية هي عند الحِجاج أوهَى من بيت العنكبوت، لا تُفضِي بصاحبِها إلا إلى الانقطاع والسكوت.

اللهم ألهِمنا رُشدَنا، وقِنا شرَّ أنفسنا يا كريمُ يا عظيمُ يا رحيم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك