رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سحر شعير 31 مايو، 2018 0 تعليق

كيف يستثمر المربي استقبال رمضان؟


تطل علينا أيام الخير والبركات بقدوم شهر رمضان المبارك، وهي من أهم نفحات الله -تعالى- في أيام دهرنا، وهذه النفحات بمنزلة الضيف الوافد الكريم، وعلينا أن نحسن قِراه، بحُسن استقباله واستثمار شعائره، وما يزخر به من فضائل لغرسها في نفوس الأبناء وتدريبهم عملياً عليها.

 

ربط العبادة بالفرح والابتهاج

      كان من هدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبشر أصحابه بدخول شهر رمضان المبارك؛ فلا بأس أن يقوم المربي بتهنئة أبنائه وإشاعة جوّ البهجة بين أفراد الأسرة، من خلال مشاركتهم في تزيين المنزل من الداخل والخارج، وشراء الفوانيس الملونة لهم، وكذلك إرشاد الأبناء إلى عمل لوحات تتضمن فضائل الشهر الكريم، والحث على الأعمال الصالحة فيه، وتعليقها في المنزل، مع إظهار المربي للفخر والفرح بمشاركاتهم العملية، كما يحرص الأب على التعبير عن هذا الفرح مع موعد الإفطار تطبيقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ, وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» مع تشويق الأبناء للفرحة المرتقبة في الآخرة إن شاء الله؛ فإن هذا الاستقبال من شأنه أن يعظم فريضة الصيام في قلوبهم، ويجعلها محببة إليهم وخفيفة على نفوسهم.

تدريب الأبناء على عبادة الصيام

     لأن مرحلة الطفولة هي المرحلة الذهبية لتعليم الطفل والتأثير فيه من خلال محاكاته للكبار؛ لذلك يوجّه الإسلام الآباء والمربين إلى تدريب أطفالهم على امتثال الطاعات وأداء الفرائض في طفولتهم وحتى يبلغوا سن التمييز؛ فيحبب إلى الصغير الصيام متى أطاقه؛ فهو وإن كان لا يجب عليه الصوم حتى يبلغ، لكن على وليه أن يدرّبه عليه إذا لم يكن في ذلك مشقة بالغة، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدرِّبون صبيانهم عليه، عن الربيع بنت معوذ قالت: «كنا نَصُومُ ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد؛ فنجعل لهم اللعبة من العهن (أي الصوف) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه، حتى يكون عند الإفطار» (أي أعطيناه هذا الصوف يتلهى به حتى يحين موعد الإفطار) (الحديث رواه البخاري/باب:صوم الصبيان،ج/3ص:82).

عبادة الإحسان

     بناء عبادة الإحسان في نفس الطفل من خلال الصوْم: في شهر رمضان، ومن خلال تدريب الأبناء على معاني الصيام وتطبيقهم له، يتمكن المربي – بتوفيق الله تعالى - من بناء الإيمان في نفس ولده، بالتوجيه والشرح وإلقاء الضوء على ما غمض على الطفل أو سأل عنه مما يتعلق بالشهر الكريم، ثم إن جو الصيام نفسه يعمل عمله في نفس الطفل ويؤثر فيه كما يؤثر في الكبير تمامًا.

الفوائد الإيمانية

ومن أهم الفوائد الإيمانية لصيام الأطفال:

طبيعة الصيام وأنه لا يطلع على حقيقة القيام به إلا الله -سبحانه وتعالى- يغرس خلق المراقبة (الإحسان) تلقائياً في نفس الطفل.

يتعود الطفل على معاني العبودية من الامتثال والخضوع والالتزام؛ لأن العبادات تأتي في أوقات محددة، وتخضع لنظم ثابتة.

يتعود على سلوك الأمانة في كل أمور الحياة؛ لأن الصوم تربية للضمير الذاتي.

يتعلم الطفل معنى التكافل والمواساة والإحساس بالفقراء.

قيمة الأوقات الفاضلة

     إدراك الأبناء لقيمة الأوقات وأفضلية زمان رمضان: المعنى الجديد الذي يتعلمه الصغار هو أن رمضان زمان شريف، وقد اكتسب هذا الشرف بنزول كلام الله -تعالى- فيه، قال -تعالى-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} (البقرة:َ 185)، ومن أضاع وقته في رمضان تكون خسارته أكبر من أي وقت آخر، ومن وسائل تدريب الأبناء على المحافظة على الوقت وتنظيمه: ترتيب الأعمال على أوقات الصلوات مع المحافظة على أداء الصلوات في المسجد، ومن ذلك أيضاً عقد حلقة تلاوة للقرآن الكريم داخل البيت لنصف ساعة يشترك الأبناء مع الأب والأم في تلاوة صفحات معدودة من القرآن الكريم مع إمكانية قراءة شيء من تفسيرها وتزويد الأبناء ببعض مفاهيم القرآن التربوية خلال هذه الجلسة.

حماية الأبناء

     حماية الأبناء من الملهيات في رمضان: لكي تنجح خطتك التربوية في رمضان لابد أن تحدث أبناءك عن شرف الزمان الذي يقبلون عليه، حتى تعلو همتهم، ويحرصوا على أوقاتهم من الضياع أمام الملهيات، ثم توقف عوامل الهدم المحتملة في المنزل، وأقل ذلك هو تشفير قنوات التلفاز غير الهادفة وتحديد وقت لاستخدام الإنترنت في نشر النافع المفيد، وإن كان هذا الأمر مهما لنجاح عملية التربية في سائر الأوقات، إلا أنه يتأكد في غنائم الأوقات كشهر رمضان، ولتبدأ أنت في إعداد برامج خاصة لأبنائك في البيت مثل: مسابقة لحفظ القرآن في بيتك، أو مجلس يومي تجتمع فيه الأسرة تتذاكر فيه أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أو عمل ختمة خاصة بأسرتك يقرأ فيها كل أفراد الأسرة؛ فهذه البرامج ستشغل الوقت، وتصرف الأبناء عن التلفاز، وتغرس في نفوس الأبناء حب رمضان والإقبال على الطاعة.

     وأخيراً عزيزي المربي، إنّ شهر رمضان الكريم من أفضل المحاضن التربوية لأبناء المسلمين؛ لأن الأجواء الإيمانية الجماعية فيه تعين المربي، وتغرس في نفوس الأبناء الكثير من قواعد الإيمان، وفضائل الأخلاق؛ فلنحسن استثماره،أعاده الله على أمتنا بكل خير ونصر.

استشارة: متى يبدأ المربي في تدريب أبنائه على عبادة الصيام؟ وكيف يكون ذلك؟

     تُقاس عبادة الصيام على الصلاة في العمر الذي يبدأ فيه المربي بتدريب ولده عليها؛ فيبدأ بتدريبه في السابعة من عمره، ولتكن البداية بالصوم الجزئي، كأن يتعود الطفل الإمساك إلى منتصف النهار أو إلى العصر، حتى إذا قَوِيَ على ذلك واعتاده انتقل إلى مرحلة تالية أطوَل، مع مراعاة الظروف الصحية للطفل، كذلك يمكن أن يصوم الطفل يوما كاملا ثم يفطر أياماً ليستريح ويزيد أياما بعد ذلك تدريجياً.

على المربي أن يُجنّب الطفل الصوم في الأيام شديدة الحرّ، وكذلك يمنعه من الإفراط في النشاط الحركي والرياضة أثناء الصوم، وفي حالة إحساس الطفل بالجوع الشديد ينصح بالإفطار وعدم المكابرة.

- ومما يعين الطفل أيضا أن يلتزم بوجبة السحور مع الكبار، التي تشجعه على أداء صلاة الفجر، على أن نشرح له – ببساطة - أهمية السحور؛ من حيث اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والفوز بالبركة، ودعاء الملائكة للمتسحرين، فضلا عن الأخذ بالأسباب بأكل وشرب ما يقوِّي أجسادنا على الصيام.

- ومما يعينه كذلك أن نحكي له عن صوم الكائنات الأخرى غير الإنسان، كصوم العناكب، وصوم أسماك السلمون، وبإمكان المربي العثور على الكثير من هذه المعلومات من خلال البحث على الشبكة العنكبوتية.

- يفتح المربي باب المنافسة بين أطفاله كأن يقول لهم: «من يصوم أكثر له جائزة أكبر». من يصلي التراويح إلى نهايتها له جائزة، وهكذا.

- ولا ننسى مكافأة الطفل على اجتيازه فترة الصوم المحددة بنجاح، ويكون ذلك بزيادة مصروفه مثلاً، أو أن تقول له الأم مثلاً: «أنا فخورة بك، فقد أصبحت الآن مثل الكبار تستطيع مجاهدة نفسك ومقاومة الشعور بالجوع والعطش».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك