رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر السياسي 24 يناير، 2016 0 تعليق

كيف يتحكم الغاز الطبيعي في الموقف الروسي حيال الأزمة السورية؟

تباين موقفي روسيا وتركيا على خلفية الأزمة السورية، جعل تركيا تسعى إلى الإسراع في تنفيذ مشروع الغاز (تاناب) الهادف لنقل الغاز الأذربيجاني

لدى روسيا مطامع  فيما يتعلق بتطوير الحقول النفطية في المياه الإقليمية السورية في البحر المتوسط

أحد المُحددات الرئيسة لحسابات للرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) في النزاع السوري، هي استثمارات بلاده في سوريا، ولاسيما في مجال النفط والغاز الطبيعي، وهي المسألة التي تعاظمت أهميتها منذ شروع عدد من الدول المنافسة لمد خطوط غاز عبر الأراضي السورية؛ في محاولة لمنافسة هيمنة روسيا علي سوق الغاز الأوروبية.

توضح الخريطة الغازية في الشرق الأوسط، ولاسيما بعد الاكتشافات البحرية، بعض الأهداف الرئيسة للتدخل العسكري الروسي في سوريا، والمتمثلة، ولاسيما في مساعي روسيا لقطع الأمل بإنشاء خط غاز بين قطر وأوروبا، كذلك رغبتها في استمرار هيمنتها على تطوير حقول النفط في الأراضي الروسية.

هيمنة على سوق الغاز الأوروبية

تُعد سوريا -بالنسبة لروسيا- أحد أبرز المناطق العربية التي تمنحها هيمنة كاملة على سوق الغاز الأوروبية، لاسيما كحائط صد أمام مشاريع مد خطوط أنابيب في العالم العربي التي سيكون لها تداعيات سلبية على حصة روسيا في عملية التصدير ومشروعاتها المرتبطة بالغاز، كذلك بالنسبة لصادرات الغاز الروسية .

أحد أبرز هذه المشاريع التي كانت تهدد روسيا في الحفاظ على حصتها في سوق الغاز الأوروبية، التي تصل نسبتها 30 %، هو المقترح  القطري بإنشاء خط أنابيب قطري يمرّ عبر الأراضي السورية، مروراً بالسعودية والأردن  وصولاً إلى تركيا، ومن هناك إلى أوروبا؛ كذلك مشروع مد خط أنابيب من إيران مروراً بالعراق وصولاً إلى سورية، ومن هناك إلى بلدان أخرى؛ حيث إن أحد الأسباب التي انتهت بمشروع خط الأنابيب القطري-التركي بالفشل، رفض الرئيس السوري بشار الأسد مروره على الأراضي السورية بهدف حماية مصالح حليفته، روسيا، في الإبقاء على موقعها المسيطر في أوروبا.

 شركة الغاز الروسية مُحتكرة تصدير الغاز

     تعد شركة (غازبروم) كُبري شركات استخراج الغاز الطبيعي في العالم،  فالشركة المساهمة المفتوحة، التي يقع مقرها الرئيس في مقاطعة شيريوموشكي، بالأكروغ الإداري الجنوبي الغربي، في موسكو، أسهمت في أنشطة شركة غازبروم فيما يصل إلى  8% من إجمالي الناتج المحلي لروسيا في عام 2011، وبنسبة وصلت إلى 11 % من حجم إنتاج الغاز الطبيعي في العالم .

وتمتلك الشركة شركات فرعية تعمل في العديد من المجالات الصناعية، بما في ذلك التمويل والإعلام والطيران، فضلا عن ذلك، فإنها تسيطر على أغلبية الحصص في العديد من الشركات.

وتحتكر الشركة تصدير الغاز إلى سوريا، بجانب حجم أنشطتها الكُبري داخل الأراضي السورية، وهي المسألة التي تُمثل أحد الفوائد الاستراتيجية للاقتصاد الروسي الذي تُعد سوريا من كبري الدول التي تستفيد منه.

     كذلك كان تباين موقفي روسيا وتركيا حيال الأزمة السورية، عاملاً في تراجع  المجموعة الروسية (غازبروم) عن تنفيذ مشروعها توركستريم  بتوصيل أنابيب الغاز باتجاه تركيا، التي كان يفترض أن تحل محل أوكرانيا لنقل الغاز إلى أوروبا، وذلك على خلفية التوتر الشديد بين موسكو وأنقرة، وغياب اتفاق بين أنقرة وموسكو حول بنود العقد، ولاسيما مع تصاعد التوتر بين البلدين بإدانة  تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي لانتهاك طائرات روسية لمجالها الجوي.

هذا التوتر بين البلدين على خلفية الأزمة السورية، جعل تركيا تسعى إلى الإسراع في تنفيذ مشروع الغاز (تاناب) الهادف لنقل الغاز الأذربيجاني إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا، وذلك في محاولة أنقرة للحد من اعتمادها على الغاز الروسي.

تنقيب الغاز في سوريا:  

لدى روسيا مطامع  فيما يتعلق بتطوير الحقول النفطية في المياه الإقليمية السورية في البحر المتوسط، التي اكتشفتها قبيل اندلاع الثورة السورية.

بتدخلها العسكري في سوريا، ثبتت روسيا سيطرتها على النفط السوري عبر عقد التنقيب بين الحكومة السورية وشركة النفط الروسية، والذي يضمن لروسيا  60% من النفط المستخرج، والذي كان ليسقط مع سقوط نظام الأسد.

     تُعد روسيا الدولة الأكثر استحواذاً على الحقول النفطية لسوريا؛ حيث كانت المسؤول الأول عن تطوير احتياطيات الغاز البرية في سورية على امتداد الأعوام الثلاثين الماضية، ماولّد كمية كافية من الغاز بحول العام 2010 لتلبية الاحتياجات الداخلية في توليد التيار الكهربائي، وهو ما ساعدها على إنشاء منظومة داخلية لتوزيع الغاز؛ بحيث تصبح المنازل أقل اعتماداً على المازوت والبوتاغاز في الطهو والتدفئة.

كذلك بنت شركات روسية مصانع وخطوط أنابيب لقطاع الغاز السوري، وجرى تمويل بعضها عن طريق المقايضات، في إطار قيام روسيا بشطب نحو 12 مليار دولار من الديون السورية في العام 2005

     في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أجرت الحكومة السورية عمليات مسح (سيزمي) لمياهها الإقليمية لاستكشاف كميات النفط والغاز التي يمكن أن تكون موجودة فيها، وقد ازداد الاهتمام بالإمكانات التي تتمتع بها المياه الإقليمية السورية بعد اكتشاف كميات كبيرة من الغاز في المياه الإقليمية الإسرائيلية وقبالة الساحل القبرصي.

     في 29 سبتمبر 2015، بعد طرح سوريا مناقصتَين للتنقيب عن الغاز في أربع مناطق في مياهها الإقليمية، حصلت شركة روسية على امتياز للتنقيب في إحدى المناطق الأربعة، كما حصلت على امتياز آخر في البر السوري (المنطقة 12)، كما أنها امتلكت لفترة وجيزة حصة 50 في المائة في المنطقة 26 التي تشغّلها شركة أخرى والقاعدة الروسية البحرية في سوريا

     فضلا عن الغاز، يعد ميناء (طرطوس) هو القاعدة الروسية الوحيدة على البحر المتوسط وخارج أراضي الاتحاد السوفياتي السابق، التي تتمثل أهميتها في كونها محطة التموين الوحيدة للأسطول الروسي في المتوسط وخارج روسيا بجانب أهميتها العسكرية المتمثلة في منحها القوات الروسية فرصة الوصول السريع إلى البحر الأحمر والمحيط الأطلسي، وهي الضمان الأكبر للمصالح الاقتصادية الروسية في سوريا.

     ونشأت قاعدة طرطوس بناء على اتفاق أبرم سنة 1971 في فترة كان فيها الأسطول السوفياتي يفتخر بأن لديه أسطولا في المتوسط، لكنه انتهى مع انهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991 بينما احتفظت موسكو بنقطة رسو في طرطوس. وهي تقع على مسافة 220 كلم شمال غرب دمشق، مجهزة بثكنات ومباني تخزين ومستودعات عائمة وباخرة صيانة، وتشغل خمسين بحارا روسيا، بجانب استخدامها   كأرضية أساسية للتجسس في الشرق الأوسط.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك