رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد رشوان 4 أبريل، 2016 0 تعليق

كيف نواجه الكسل الدعوي؟

الناظر اليوم للمجتمع سيجد شوقا من الناس لمن يدعوهم إلى الله، بالرغم من البعد الظاهر عن شرائع الدين. وسيجد أيضا كسلا عجيبا ممن يناط بهم دعوة الناس للدين، ولعل أهم سبب لهذا الكسل والتقصير هو نسيان الهدف من الدعوة إلى الله، وعدم استحضار الطريق.

     ولقد قال الله عن سيدنا آدم عليه السلام: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}(طه: 115). فنسيان لماذا خلقنا الله؟ ونسيان أجر الدعوة إلى الله، ونسيان أهداف الدعوة، سبب لقلة عزم الداعي وتراخيه عن القيام بدوره؛ فكل منا في فترات تذكره واحتسابه للأجر قد يسهل عليه قضاء الوقت الطويل في الكلام مع الناس، وتعريفهم بربهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ولكن إذا نسي هذه المعاني الجميلة وجدنا ما نراه من كسلنا وتراخينا غفر الله لنا جميعا.

     واستحضار طريقنا في سورة العصر التي قال الله فيها {وَالْعَصْر إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}(العصر) التي قال عنها الشافعي: «لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم»؛ لأنها توضح لنا جميعا طريقنا، والمطلوب منا. فليس المطلوب منا فقط أن نؤمن ونتعلم العلم الذي يزيد إيماننا، وليس المطلوب منا فقط أن نؤمن ونعمل الأعمال الصالحات توكيدا لهذا الإيمان، بل ولا حتى فقط أن نؤمن ونعمل وندعو إلى هذا العمل الصالح، ولذلك قال أهل العلم: «اعلم أنك طالما علمت فعملت فدعوت فأنت ولا بد ستبتلى في سبيل الله». فكان لا بد من الصبر.

     إذاً فطريقنا: (علم وعمل ودعوة وصبر) فكيف يعرف هذا إنسان ثم يتوقف عند مرحلة الإيمان والعمل فضلا عن التوقف قبلها؟ وما أعجب ما قاله ابن القيم في الفوائد، وهو يعنف من يدعو إلى الله وينشغل باللهو واللعب، ويذكره بطبيعة الطريق فيقول: «يا مخنَّثَ العزم أين أنت والطريقُ؟ طريقٌ تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، وزاد على المقدار بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنت تزهو باللهو واللعب».

     فطريق الدعوة إلى الله هو طريق الأنبياء جميعا، ولا يعرف هذا الطريق الكسل الذي أصابنا الآن؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم  أصابه البلاء العجيب ولم يتوان عن تبليغ دين ربه، فأبوه مات وهو في بطن أمه، وأمه ماتت وهو في سن الطفولة وفي أشد الحاجة إليها، ثم مات جده بعد التعلق به، ثم بعثه الله فكذبه قومه بعد أن كانوا يلقبونه بالصادق الأمين، وعذبوه وعذبوا أصحابه، وماتت خديجة التي كانت تواسيه، ومات عمه الذي كان من أذى قريش يحميه، وعرض نفسه على الطائف فرموه بالحجارة، وأخرجه قومه من أحب البلاد إليه ثم حاربوه وقتلوا من أصحابه وأحبابه من قتلوا، ولا زالصلى الله عليه وسلم   في معاناة لنشر الدين حتى آخر حياته، وبالرغم من ذلك ظل يدعو إلى الله حتى آخر لحظات حياته.

     فأين نحن من تبليغ دين ربنا؟ وأين نحن من الإيمان وتعلم العلم النافع الذي يستقر في القلب فتنصاع له الجوارح بالعمل، ويبادر الجسد واللسان إلى السعي في دعوة الناس لهذا العمل، ثم الصبر على هذه الدعوة وتحمل الصعاب لأجلها؟ فمن عرف هذا سهل عليه العمل والدعوة، ونفض عنه غبار الكسل والتراخي. نسأل الله أن يمن علينا جميعا بالإيمان والعمل والدعوة إلى الله والصبر، إنه -سبحانه- ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك