رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد فريد 11 يوليو، 2019 0 تعليق

كيف ننتفع بالقرآن العظيم؟

 

قال ابن القيم -رحمه الله-: «إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك؛ فإنه خطاب من الله -تعالى- لك على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال -تعالى-: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد} (ق:37)، وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفًا على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد.

فقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى}: إشارة إلى ما تقدم مِن أول السورة إلى ها هنا، وهذا هو المؤثر، وقوله: (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) أي: شاهد القلب، حاضر غير غائب».

     قال ابن قتيبة: «استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع مِن حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتفى المانع -وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب، وانصرافه عنه إلى شيء آخر- حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر».

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه-: «إذا سمعت: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» فأصغ لها سمعك؛ فإما خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه».

وقال الحسن بن علي -رضي الله عنهما-: «إن مَن كان قبلكم رأوا القرآن رسائل مِن ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها بالنهار».

     قال الآجري - رضي الله عنه -: «فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض القرآن كالمرآة يري فيها ما حسن من فعله وما قبح منه، فما حذَّره مولاه حذره وما خوَّفه خافه، وما رغّبه فيه رغب فيه؛ فمن كانت هذه صفته أو ما قارب هذه الصفة فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته، وكان له القرآن شاهدًا وشفيعًا، وأنيسًا وحزرًا؛ ومَن كان هذا وصفه نفع نفسه ونفع أهله، وعاد على والديه وولده كل خير في الدنيا والآخرة».

     قال ابن القيم -رحمه الله-: «تأمّل خطاب القرآن تجد ملكًا له الملك كله وله الحمد كله، أزمّة الأمور كلها بيده، ومصدرها منه ومردّها إليه، لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته عالمًا بما في نفوس عبيده، مطّلعا على أسرارهم وعلا نيتهم، منفردًا بتدبير المملكة يسمع ويرى، يمنع ويعطي، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، يخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويقدر ويقضي ويدبّر، الأمور نازلة من عندها؛ دقيقها وجليلها، وصاعدة إليه لا تتحرّك ذرّة إلا بأذنه، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه... «(الفوائد).

وقال كذلك: «مَن قرئَ عليه القرآن فليقدر نفسه كأنما يسمعه من الله يخاطبه به، فإذا حصل له ذلك السماع، ازدحمت معاني المسموع ولطائفه وعجائبه على قلبه».

وقال العلامة السعدي: «فالنظر لسياق الآيات مع العلم بأحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله، مِن أعظم ما يعين على معرفته وفهم المراد منه».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك