رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أسامة شحادة 7 ديسمبر، 2020 0 تعليق

كيف نتعامل مع الشبهات بوعي وحكمة؟

 


كَثر في هذه المرحلة تداول الشبهات، والتأثير من خلالها على عقول المسلمين وأفئدتهم، بمختلف أصنافهم وأعمارهم، ومما ساهم في ذلك سهولة وسائل الاتصالات، التي استغلها خصوم الإسلام في الداخل والخارج.

فالمبتدعة من الخوارج وغلاة الصوفية والأشاعرة -الذين توصي مراكز التوجيه الغربية والشرقية بدعمهم وتمكينهم- ينشطون اليوم عبر منابر الإنترنت في نشر شبهاتهم ومطاعنهم في السنة النبوية ومنهج السلف الصالح، من داخل السور الإسلامي طالما أن الريح اليوم تجري في صفهم.

     وأعداء الإسلام في كل مكان -على اختلاف مشاربهم ومقاصدهم- أيضا يضغطون وبقوة لإضعاف عقيدة المسلمين وطمس هويتهم الإسلامية، تحت شعارات العلمانية والحداثة والتنوير حينًا، وعبر دعوات التبشير أو الإلحاد والماركسية حينا آخر، أو عبر تحريف منهج فهم الإسلام وتطويعه لمناهج مستحدثة من المادية وما بعد الحداثة والألسنيات وغيرها، ويسوق ذلك بين المسلمين العلمانيون العرب والمسلمون.

هذا الحال الصعب من تكاثر موجات الشبهات وتنوعها يجعل الكثير منا عاجزا أحيانا عن رد بعض الشبهات، ونتفاجأ بين الحين والآخر بأن فلانا قد انحرف وضل السبيل، وسيطرت عليه الشبهة، فما الحل حتى لا تجرفنا سيول الشبهات؟

مركزية طلب الهداية

     بداية لا بد لنا من تذكر مركزية طلب الهداية الربانية، كما يتمثل ذلك في قوله -تعالى- {اهْدِنا الصراط المستقيم} في سورة الفاتحة التي يكررها المسلم في صلاته يوميا على الأقل سبع عشرة مرة، وسبب مركزية طلب الهداية أن قلب الإنسان معرض للتقلب والتبدل بشدة، كما أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «لَقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا اجتمعت غلياً» رواه أحمد وصححه الألباني، ومن هنا جاءت الوصية النبوية الغالية بدوام سؤال الله -عز وجل- الهداية والثبات «يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك» رواه الترمذي وصححه الألباني.

ومن هنا فإن المسلم مطالب بمزيد من استشعار أهمية طلب الهداية كل يوم في صلاته، وأن يكون مخلصا وصادقا في دعائه.

التعامل الواعي والحكيم

أما الخطوة الثانية في التعامل الواعي والحكيم مع الشبهات فهي الاقتداء بأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في حادثة الإسراء والمعراج، حين جاءه المشركون والكفار يريدون تشكيكه في النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي دعوته ورسالته ونبوته، فقالوا له: يزعم صاحبك أنه أُسرِي به إلى بيت المقدس ورجع في ليلة!

فكان جواب الصديق صاعقا لهم: إن كان قال ذلك فقد صدق! وذلك لقوة إيمانه ويقينه، وبسبب هذا الموقف لقب -رضي الله عنه بالصديق.

     فالمسلم يجب عليه اليقين التام بصدق دين الإسلام والقرآن والسنة، وذلك بوصفهما أصلا عاما، حتى ولو كان يجهل بعض العقائد والأحكام الشرعية أو حكمتها، أو جهل بعض المواقف التاريخية وملابساتها، فعندما تأتيه الشبهة من خصوم الإسلام في الداخل أوالخارج، فواحد من أمرين: إما أن يعلم بطلان الشبهة على التفصيل، أو أن يتمثل موقف الصديق؛ حيث التسليم للإسلام ورد الشبهة بالعموم.

التعلم

وهنا تبدأ الخطوة الثالثة وهي التعلم، فالإسلام يحث على العلم أصالة {فاعلم أنه لا إله إلا الله} وهو يشمل علم الدين والدنيا.

فالمسلم والمسلمة يلزمهما تعلم قدر ضروري من العلم الشرعي ليصح به إيمانهما وإسلامهما، وكلما توسعوا في العلم الشرعي زادهم الله هدى ونورا، وكذا الحال في علم الدنيا، فالعلم بذاته يكرم الإنسان كلما ازداد منه.

     ومن التعلم عند ورود الشبهات سؤال أهل الاختصاص، واليوم قد أنعم الله علينا بتوفر العلماء والدعاة وسهولة الاتصال بهم مهما بعدت ديارهم، فيمكن الاتصال بهم عبر الهاتف أو رسائل الهاتف و(الواتس آب أو المسنجر) أو سواها من البرامج، أو عبر البحث على شبكة الإنترنت؛ حيث يمكن البحث تحت عناوين عامة مثل: الرد على شبهات المستشرقين، الرد على شبهات الملحدين، وهكذا.

     ويمكن أيضا العودة للمواقع المتخصصة في الموضوع الذي تتناوله الشبهة، كمواقع القرآن الكريم المتخصصة، أو مواقع السنة النبوية، أو مواقع العقيدة وهكذا، وكذلك يمكن البحث من خلال المواقع المختصة بالرد على الشبهات، مثل موقع ركن الحوار، أو موقع المحاور، أو موقع بيان الإسلام للرد على الشبهات حول الإسلام، أو مواقع المختصين بالرد على الشبهات كموقع مكافح الشبهات لأبي عمر الباحث؛ للرد على شبهات عامة وأهل الباطل خاصة، أو موقع د. هيثم طلعت للرد على شبهات الداروينية.

كما أن هناك عددا من الكتب المختصة بنقض الشبهات العلمانية.

تفحص هوية المصدر

ونقطة أخيرة تساهم في رفع الوعي في دفع الشبهات ونقضها، وهي تفحص هوية المنبر أو المصدر الذي خرجت منه الشبهة، وتوقيت نشرها، ومدى مطابقتها لمحكمات الإسلام وأسسه.

     فإذا كان مصدر الشبهة هيئة أو شخصا معروفا بعداوته للإسلام، فهذا مؤشر كبير على وجود كذب وتزوير في مضمون الشبهة، وإذا كان ملقي الشبهة من رموز العلمانية وكلامه يناقض محكمات الإسلام والشريعة مثل: نفي صحة القرآن الكريم وسلامته من التحريف، أو أننا في هذا الزمان يجب أن نجدد فهم الدين ولا نتقيد بأقوال الأئمة الأربعة مثلا بل نفتح الباب لتفسير الإسلام والقرآن بنظريات علمانية ومن قبل شخصيات علمانية لا تؤمن أصلا بصحة الإسلام فهذا كاف لأصحاب الوعي برفض كلامهم.

رفض التشكيك بالعلماء

     ومن أمثلة الوعي في رد الشبهات رفض أي شبهة وتشكيك في العلماء العاملين المعروفين بالدعوة والعمل والعلم، من قبل شخصيات نكرة، تستخدم في شبهاتها ضد الدعاة والعلماء الشتائم والألفاظ البذيئة، فالتعامل مع مصدر الشبهة وتوقيتها ومضمونها هو من شيمة أهل التفكير النقدي والمنطقي وعلامة على الوعي واليقظة الفكرية.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك