رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إيمان الوكيل 7 يناير، 2014 0 تعليق

كيف تنمي مهارات طفلك الكلامية

 

إن السعادة التي يشعر بها الأبوان عند سماع كلمات طفلهما الأولى لا تضاهيها أية سعادة، لكن هل تعلمين أن طفلك يتواصل معك قبل أن ينطق بأية كلمة مفهومة؟ فالبكاء على سبيل المثال هو أول شكل من أشكال التواصل عند الطفل، وبمرور الشهور يتعلم شيئاً فشيئاً كيف يتواصل باستخدام أصوات مكونة من حروف.

واللغة من أهم وسائل الاتصال الاجتماعي، ومظهر من مظاهر النمو العقلي، وهي وسيلة مكتسبة وملكة اختص بها الإنسان وحده دون سائر المخلوقات، ولما كان الأولاد وصية الله تعالى لنا {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}(السناء:11)، والأم هي أهم قدوة متجسدة أمام الطفل، فما تقوم به من أخلاقيات وسلوكيات ينطبع فيه، فهي المسؤولة الأولى والأخيرة عن تطور جميع حواس طفلها العقلية والجسدية، وجميع مشاكل الأطفال في السنوات الأول من أعمارهم، والأم هي الوحيدة القادرة على علاجها تماما.

كيف تنمو لغة الطفل؟

     تنمو المهارات الكلامية عند معظم الأطفال حسب المراحل التالية، لكن هذا فقط المتوسط فلا تقلقي إن لم يكن الحال تماماً كذلك مع طفلك، فهناك بعض العوامل يجب أن توضع في الذهن مثل شخصية الطفل، اختلاطه بأطفال العائلة الآخرين، وكم العوامل المحفزة له في البيئة المحيطة به، واعلمي أنك إذا شعرت أن طفلك لا ينتبه لمن حوله من أشخاص أو لا يستجيب للأصوات المختلفة، فإن هذا قد يعنى أن طفلك يعانى من مشكلة في النطق أو التأخر في الكلام.

- مرحلة الأربعة والستة أشهر سيبدأ في إصدار بعض الأصوات للحروف المتحركة، وباقترابه من الشهر السادس قد يبدأ الجمع بين أصوات الحروف الساكنة والمتحركة.

- أما ما بين الشهر السادس والتاسع للطفل، فإنه قد يبدأ في أن يلتفت إليك بوجهه عندما تنادين اسمه، كما أنه في تلك الـمرحلة سيبدأ في الاستجـابة للأصـوات المختلفة التي يسمعهـا منك، بل إنـه قد يبدأ في تقليد تلك الأصوات، ولذلك فمن المهم جدا في تلك المرحلة أن تتحدثي لطفلك بقدر ما تستطيعين.

- بمجرد أن يبلغ الطفل الشهر الثاني عشر من عمره، يجب عليه أن يبدأ في نطق كلماته الأولى مثل أبي أو أمي، يمكنك أن تساعدي طفلك على زيادة المفردات اللغوية عنده بأن تقرئي له وتتحدثي معه كثيراً.

- وفي الفترة التي يكون طفلك فيها بين 12 و18 شهراً، فإنه من المفروض أن يستجيب عند سماع اسمه وأن يفهم كلمات مثل (السلام عليكم)، وإذا طلبت منه مثلا أن يمسك لعبته فإنه سيستجيب.

- بمجرد أن يبلغ طفلك 18 شهرا والشهور التالية، فإنك ستلاحظين زيادة مفرداته كثيرا.

- وببلوغ الطفل عامين من المفترض أن يستخدم حوالي 50 كلمة، كما أنه قد يبدأ في جمع كلمتين لينطقهما معا، ويمكنك أن تساعدي طفلك على تطوير مهاراته اللغوية بأن تحرصي على وصف كل شيء له، فمثلا بدلا من أن تسأليه أين كرتك، عليك أن تسأليه أين كرتك الكبيرة الحمراء؟

- وهناك مرحلة أخرى وهي بلوغ طفلك 24 شهرًا؛ حيث إنه من المفترض أن يكون قادراً في تلك الفترة على التعبير عما يريده باستخدام الكلمات، ويجب عليك أن تدركي أن طفلك في مثل هذا العمر قد تكون بعض كلماته غير مفهومة، وبالتالي فإنك قد تفهمين فقط خمسين في المائة من كلامه أو لغته. أما الفترة ما بين 18 شهرا وعامين فهي تشهد زيادة مفردات طفلك اللغوية من 50 كلمة حتى 250 كلمة.

وإليك طرق عدة لتنمية مهارات طفلك الكلامية وهي:

- القرآن الكريم: القرآن أقوى مساعد لتنمية مهارات طفلك الكلامية، فقد ثبت علمياً أن الرضيع يتأثر ويستوعب ما يحيط به، فحاسة السمع تكون قد بدأت بالعمل، ومعلوم أن الكبار يمكنهم التحكم بحاسة السمع من خلال استعادة ما خزن من مفردات، أما الرضيع فإنه يخزن المعلومات والمفردات لكنه لا يستطيع استعادتها أو استخدامها في فترة الرضاعة، غير أنه يستطيع القيام بذلك بعد سن الرضاعة؛ لذلك فإن استماع الرضيع للقرآن يومياً لمدة 5- 10 دقائق يزيد من مفرداته المخزنة مما يسهل عليه استرجاعها.

- مناغاة الطفل : قبل أن يتعلم طفلك طريقة النطق الحقيقي لأول كلمة ابدئي بمناغاته، ويجب أن تشجعيه ليقلد شكل الكلام برفع نغمة الصوت الذي يصدره وخفضها بالرغم من أنه صوت واحد، وبذلك يبدأ تدريجياً في التحكم في اللسان والشفاه والأحبال الصوتية ومع تطوره في تعلم الكلام ستجدين نفسك تحدثينه أكثر أثناء تناول الطعام، وتغيير الثياب، إلى أن ينام. يوضح د. تامر الجويلي ذلك - مدرس الطب النفسي - قائلاً: “نحن ننمي قدرة الطفل على التعلم من خلال تنمية لغته الداخلية بالتحدث إليه، وبالاستجابة للأصوات التي يقوم بها؛ لأن الأطفال يتعلمون من خلال الاستماع، فاستماع الطفل للكلمات التي نستخدمها باستمرار يساعده على فهم معانيها».

- التفاعل مع الطفل: «عن طريق استخدام لغة الكبار في التعـبير عن الأفكار»؛ لأن طبع الطفـل التـقليـد والمحـاكاة على الرغم من عدم قدرة طفلك على الاستجابة لكلماتك إلا أنه يفهم ما تقولينه؛ لذلك عليك البحث عن فرص للتحدث معه طوال اليوم، عن طريق طرح الأسئلة، ووصف الأشياء، وسرد الأحداث المختلفة، تكلمي عن أي شيء يأتي في ذهنك من غير تبسيط لحديثك.

- القراءة لطفلك: واظبي على القراءة لطفلك منذ الصغر حتى تتوسع مخيلته، ويزداد مخزونه اللغوي؛ فيتعلم الكثير من الكلمات الجديدة والمعلومات المتنوعة عن العالم، كما أنه يتعلم الكتابة وتقوي العلاقة عنده بين الكلمة المكتوبة والمسموعة، ويتحسن مستواه الدراسي مع تشبع حب الاستكشاف عند الطفل، فالأطفال يستمتعون بقراءة الكتب مع شخص بالغ، واجعليها وسيلة لتوصيل قيمة معينة للطفل بدلا من التوجيه مباشرة أو تقليل خوفه من مواقف معينة.

- عوديه على سرد القصص وحكايتها: فالطفل بطبعه شغوف بسماع القصص، ويجب تشجيعه على سرد القصص التي يحبها أمام الضيوف؛ وهو ما يساعده على محاولة سردها بتفاصيلها وتمثيل رد فعل أبطالها؛ وذلك ينمي لديه التذكر والذكاء وملكة الإلقاء، مع حرصك على عدم تصحيح أخطاء الطفل اللغوية، حتى لا يطور سلوكا انسحابياً أو تلعثمياً فهو يصحح نفسه بنفسه إذا سمع ترديدنا لكلامه ترديدا صحيحا.

- اللعب: قومي بتخصيص مكان للعب الطفل، واحرصي أن يكون به لعب مختلفة الأشكال والأحجام والألوان، كي تحفزي الفضول والإبداع لدى الطفل فاللعب يعد جزءاً من التعليم ولا سيما مع وجود الألعاب الذكية والتعليمية التي تعلم الحروف الأبجدية.

- اللعب بالكلام واللمس : ينشأ اللعب من خلال أنشطة فعّالة لا تعداد لها تجلب الخبرة؛ حيث يخبر الطفل أجزاء جسمه، اسأليه «أين أنفك؟» ثم المسي أنفه ورددي بطريقة ظريفة «ها هي ذي أنفك»، كرري ذلك مرات عدة؛ لأن طفلك عندما يسمعك تكررين اسم شيء مرات عدة سيبدأ في الربط بين الصوت ومعناه، واسأليه عن الأشياء المختلفة مـن حولـه ولا سيما في ظـل أجواء علاقات مريحة، ويكتسب الأطفال عبر اللعب تلقائيا معرفة حيوية فراغية وفيزيائية وحسابية، كما يتعلمون ممارسة سلوكيات اجتماعية وعاطفية متزنة، ومهم جداً في هذا السياق عدم بروز فكرة التمرين أو التدرب على شيء مباشرة في اللعب، فالغاية من اللعب تكمن في فرح الطفل باللعب معكِ، وأيضاً في انجذابه إلى اللعبة وتطلعه إلى المعرفة والاكتشاف، وليس في التعلم أو التمرين على النطق.

- عرض صور مع مسمياتها: ويجب أن تكون هذه الصور متوافقة مع مستوى أداء الطفل، وأن نتحدث عن كل صورة معه عن اسمها، فائدتها، دورها، وقد تلاحظ الأم فرحة الطفل بكل ما هو ملون، وهذا يساعده على التفاعل مع البيئة المحيطة أكثر فأكثر، وتؤكد د باولينا كرجومارد أهمية استخدام الصور في تنمية اللغة المنطوقة واللغة المفهومة لدى طفل ما قبل المدرسة بقولها: “إن الصور هي الأخرى تساعدنا على أن نأخذ بيد الطفل نحو الكلام وفهمه، فعندما يختار ويرى ويتأمل في صور أحد الكروت أو أحد الكتب أو المجلات أو البطاقات المصورة ويعلق على هذه الصور، فإنه بذلك يكون إيجابياً؛ إذ يلاحظ ويفكر ويتكلم ويسمع نفسه أو يسمع الآخرين؛ ولذا فهي تسمح بتكامل اللغتين معاً : لغة الصور ولغة الكلام، ومن ثم فهي تسمح بتأمل هذا الشكل أو ذلك، فضلا عن فهم ما يراد من الصورة واستيعاب المعنى الذي تتضمنه، على أن تكون الصورة المعروضة على الطفل كما ذكرت (كارجومارد) غاية في البساطة.

- استخدام الأناشيد الهادفة : لا يعد ترفيهًا عن الأطفال الصغار فحسب، بل يقدم أيضاً بعض الكلمات البسيطة؛ فالأطفال يتفاعلون مع كلمات الأناشيد أسرع من أي كلام آخر، كما تعد الأناشيد المنضبطة بضوابط الشرع، البعيدة عن الإسفاف واللغو، من وسائل تنمية لغة الأطفال وإمدادهم بالكثير من الكلمات والمعاني التي تسهم في بناء المحصول اللغوي للأطفال.

    وأخيراً حاولي أن تكوني دائما في مستوى نظر طفلك عند محادثته ليشعر بالاتصال المباشر؛ فالأطفال يتعلمون من خلال استخدام حواسهم، والمحاولة المستمرة لفهم كلمات الطفل مع الحرص الشديد على تلبية حاجاته بعد التعبير عنها بالكلام وليس بالإشارات الصامتة التي تسهل على الأطفال لتفادي الدخول في مضاعفات، فهذا يشجعه ويعزز محاولاته للتكلم، وعدم استعمال مترادفات للتعبير عن شيء ما مثلا المائدة فلا نقول مرة مائدة ومرة طاولة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك