رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إيمان الطويل 29 نوفمبر، 2010 0 تعليق

كيف تفكر فتياتنا الصغيرات؟

ببراءة الطفولة وبصدق الكلمات وبلسان لا يعرف التلون انطلقت هذه الكلمات  بصوت فيه نبرة الضيق والاحتجاج من ابنة الصف الخامس: «أبلة لما كنتِ في مثل عمري ولا مرة فكرتِ تهربين من أهلك؟» طبعا أنا صُعقت من قولها، قلت لها وعلامات الدهشة والتعجب تنتابني: لا لم أفكر بالهروب ولماذا أهرب ومن أين أتت بفكرة الهروب من المنازل وإلى أين وووووو؟؟؟ ألف سؤال وسؤال اختزل في ذهني بمجرد أن سمعت منها هذا الطرح الغريب!!! نعم إنه السؤال الكبير والمهم الذي يجب ألا نغفل عنه أبدا: كيف تفكر فتياتنا الصغيرات؟

ردت هذه الطفلة: أنا دائما أفكر بالهروب من البيت لأني أشعر بالتفرقة بيني وبين أخي، فأنا ممنوعة من مشاهدة النت في أي وقت أريد، بينما أخي مسموح له متى شاء، وأنا  غير مسموح لي أن أذهب إلى المجمعات التجارية مع صديقاتي بينما  أخي يسرح ويمرح مع أصدقائه في كل وقت وكل حين وإلى أي مكان يريد بعيدأ أو قريب، وأنا طلبت نقالا ولم يتحقق طلبي، بينما أخي أحدث الأجهزة النقالة لديه، لماذا هذه التفرقة؟ أنا لم أعد أتحمل.

انتهى كلامها وما زلت أنا في دهشة من أمري، هروب، وخروج مع صديقات، تعلق بالنت، وجهاز نقال...... إلى أين سيصل بنا الأمر؟ ألهذا الحد تأثير الفضائيات والتكنولوجيا؟ نعم لهذا الحد وأكثر؛ لذا يُخطىء من يقارن التربية في وقتنا الحالي بالسابق، والفرق كبير وكبير جدا فالفضاء محدود والتطلعات كانت لها سقف محدد، أما الآن فالأمر مختلف تماما؛ لذا نحن جميعا بحاجة إلى الكثير الكثير من المهارات، التي تسبقها الاستعانة بالله والتوكل عليه سبحانه القوي القادر على أن يعيننا على تحمل المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق الجميع.

وبالله نستعين ناقشت هذا الموضوع الواقعي وليس من نسج الخيال مع عدد من الأخوات، وأخذ الموضوع أبعادا كثيرة لأنه كما تلاحظون متشعب وله كثير من الزوايا، فهناك من ردت على تساؤلي بسؤال: بماذا تفكر الأمهات في هذه الأيام؟ وهل رسمت الأم طريقا يخصها في تربية الأبناء عموما والبنات خصوصاً؟ ومن أين تستوحي الأم طريقها في التربية؟

ومن أي إناء تنهل منه وتسقي نفسها ومن ثم تروي من هم تحت مسؤوليتها؟ هذا السؤال المهم: من نحن؟ وإلى أين نسير في كل تفاصيل حياتنا؟ وأهم أمر في حياتنا فلذات أكبادنا لا يختلف أحد منا على ذلك بالتأكيد. ومن زاوية أخرى قضية التفرقة في المعاملة بين البنت والولد، والمطلوب هنا مزيد من الرعاية والحب والحنان لكل منهما لا فرق بينهما، أما كون ما يصلح للولد لا يصلح للبنت فهذا أمر مؤكد في أمور وأمور أخرى، والتربية واحدة والصح صح والخطأ خطأ وفق أطر معينة لا انتقائية في هذه المفاهيم، والذي نفقده دوما الحوار والقدرة على الإقناع للصغير قبل الكبير، ما نشاهده عند بعضهم إهمال الصغار من الحوار والإقناع؛ لأنه لا وقت لديهم يضيعونه معهم على الرغم من خطورة هذه المرحلة وما يحملونه في أذهانهم من صور قد تنطبع في عقولهم وتكنها قلوبهم عند الكبر، إنها غلطة الكبار يتكبدها الصغار فإلى متى الإهمال؟ فهذه البنت  الصغيرة واحدة من كثيرات صرخت من أعماقها وحدثتها نفسها بأمر غير مألوف عندنا، هروب من المنزل، هروب من القيود، وهروب من أجل أن تتحرر من كلمة (لا)، هكذا يصورون لعقولهن الغضة الطرية أنه بإمكانك أن تتمردي وتنطلقي حيثما تريدين، إنها طامة كبرى فهلا التفتنا لها وأرعيناها مسامعنا وبذلنا قصارى جهدنا لننقذ ما يمكن إنقاذه فهل من مُشمر؟؟؟

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك