كيف أعد النبي صلى الله عليه وسلم أطفال الصحابة؟
اعتمد النبي صلى الله عليه وسلم على أكثر من أسلوب في تربية أطفال الصحابة وإعدادهم إعدادًا جيدًا، من خلال الإعداد العقدي والتعبدي والعلمي، واللغوي، والبدني، و الإعداد الخلقي و الدعوي.
أولاً: الإعداد العقدي:
فمِمَّا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم به ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رُفعت الأقلام وجفت الصحف». وينبغي للوالد أن يكرِّر على ولده كلمة التوحيد، ويذكِّره بها ليلاً ونهارًا، بكرة وعشيًّا.
ثانيًا: الإعداد التعبدي:
كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم يعوِّدون الأطفال على دخول المساجد، وأداء الصلوات في أوقاتها، والعفو عن لعبهم وعثراتهم، ولم يصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يمنع الأطفال دخول المساجد. كما كانت الصحابيات يأمرن أولادهن بالصيام بعض اليوم في سن الرابعة والخامسة، حتى يتعودوا على الصيام.
ثالثًا: الإعداد العلمي:
كان أطفال الصحابة يرضعون القرآن الكريم والسنة النبوية منذ نعومة أظفارهم، ورأينا هؤلاء الأطفال الأعلام يرحلون في طلب العلم، ويتواضعون لمعلميهم، وينقادون لأساتذتهم، رغم علو قدرهم وشرف نسبهم وشدة صلاحهم.
رابعًا: الإعداد اللغوي:
إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، ومنها حرص المسلمون الأوائل على تعليم أبناؤهم اللغة العربية ضبطا وتجويدا واتقانا لقراءة القرآن الكريم.
كما أن القرآن أكد على اللغة فيها من التأثير على الناس الشيء الكثيرة فقال تعالى: {خلق الإنسان.علمه البيان} وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من البيان لسحرا» وقال أيضا: «إن من الشعر لحكمة».
خامسًا: الإعداد البدني:
«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»؛ وذلك لأن قوته قوة لدينه وإخوانه، وكسر لشوكة عدوه. وقد فطر الله تبارك وتعالى الأطفال على حبِّ اللعب والمسارعة إليه. وفي هذه العصور التي هجر المسلمون فيها بعض أمور دينهم المهمَّة، تنازل بعضهم في بيته نحو أولاده، وتركوا الأمر لوسائل الإعلام.
أما المسلمون السابقون فقد استغلوا حب الأطفال للمرح واللعب بما يخدم دينهم ويقوِّي بنيانهم؛ حيث حرصوا على تدريب الأطفال على القتال بالسيوف والحِِرَب والمصارعة والمسابقة.
سادسًا: الإعداد النفسي:
حرص الصحابة رضي الله عنهم على تخلية قلوب الأطفال من أمراض القلوب وعيوب النفوس؛ كالنفاق والاعتقاد في غير الله تعالى، والكبر والغرور والعجب والحقد والحسد والتعلق بالدنيا وحب الجاه والسلطان. وتحلية قلوب أطفالهم باعتقاد الأثر في الله تعالى وحده، والتوكل عليه، والخوف منه، واللجوء إليه، والتعلق به، والركون إليه، والاعتماد عليه، والاستعاذة به، والتفويض إليه، والجرأة في الحق، والشجاعة الأدبية، والحياء.
سابعًا: الإعداد الخُلُقي:
كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته يغرسون في قلوب الأطفال أصول الأخلاق الحميدة؛ كالشجاعة، والصبر، والصدق، والأمانة، والرحمة، والشفقة، والعفو عند المقدرة، والإحساس بالآخر، والكرم، واحترام الكبير، وتقبيل يد العالم والوالدين، وتقدير أهل الصلاح، وإجلال أهل العلم، وتعظيم حملة القرآن، وإنزال الناس منازلهم، والإعراض عن الجاهلين، ومصاحبة المتقين، وعدم مخالطة السفهاء.
ثامنًا: الإعداد الدعوي:
وهذا غاية الإعداد. فلا يكفي أن يكون ولدُك صوّامًا قوامًا عالمًا عاملاً، صاحب خُلُق عظيم، وآداب سامية، وشجاعة نادرة، وبطولة فريدة، وقلب نقيّ، واعتقاد صحيح، بل لا بُدَّ من ثمرة هذه التربية، وثمرة ألوان التربية السابقة هي الدعوة إلى الله تعالى. والدعوة إلى الله تعالى لا تقتصر على الخطب الوعظية والمحاضرات الدينية، بل تكون بأيِّ وسيلة تؤدي الغرض؛ كالمقال وشريط الكاسيت والأناشيد الإسلامية والكتاب ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والأخلاق العالية.
لاتوجد تعليقات