رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبد الرحمن مطر 24 مارس، 2015 0 تعليق

(كيري) وكيمياوي الأسد والاحتلال الإيراني

يبدو أن الاستراتيجية الأميركية في طريقها إلى الذهاب أبعد في تطبيع العلاقات مع إيران وفقا لتفاهمات تشمل الوضع في سوريا واليمن

أدت إيران دورًا محوريًا في مواجهة الثورة السورية منذ انطلاقتها، عبر الدعم الخبيث الذي قدمته لنظام الأسد

 

لم يكتف النظام السوري بارتكاب مجزرة سرمين الكيمياوية، بل طالب واشنطن بالأفعال بشأن الحوار مع دمشق، وفقا لشروط تلزم الغرب بوقف دعمه للمعارضة التي وصفها بـ(الإرهابية).

    التقط نظام دمشق تصريحات المسؤولين الكبار للخارجية والأمن الأميركيين، بشأن الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، والحوار مع نظام الأسد، وقام على الفور باستخدام الغازات السامة، في قصف المناطق المدنية في سرمين وكفر تخاريم، بما يعزز مكانة القوة التي يتمتع بها بوصفه طرفاً رئيساً في أي عملية تفاوضية، يسعى المجتمع الدولي إلى إطلاقها لاحقا، استنادا إلى حقيقة التعاون الخفي في الحرب على الإرهاب، وفي تحد للمجتمع الدولي، لا سيما قرار مجلس الأمن المتصل بمنع استخدام السلاح الكيمياوي ضد المدنيين، الصادر مؤخرًا.

     يتجه النظام السوري، بمعونة داعميه وشركائه، لتصعيد استخدامه لوسائل القتل المحرمة دوليًا، والاستمرار في ثنائية ارتكاب المجازر، مع انخراطه في البحث عن حل سياسي، لدفع القوى الدولية للتعامل معه بوصفه طرفاً لا يمكن الاستغناء عنه، من هنا يسارع إلى اغتنام كل الفرص الممكنة، ومع إحراز طهران تقدمًا في المنطقة عبر نتائج على الأرض، مترافقة مع تصريحات يوزعها المسؤولون الإيرانيون عن دور إمبراطوري في المنطقة، أصبح النظام السوري قادرًا على مزيد من التحرك العسكري والأمني، وعلى تحقيق اختراقات إعلامية، في ظل حصار سياسي محدود، بدأ يتآكل مع الزيارات والتصريحات الغربية، التي تتيح لدمشق العودة إلى الساحة الدولية، لم يكتف النظام السوري بارتكاب مجزرة سرمين الكيمياوية، بل تجرأ على السخرية من تصريحات كيري، حين طالبه بالأفعال بشأن الحوار مع دمشق، وفقا لشروط تلزم الغرب بوقف دعمه للمعارضة.

أسباب فشل التحالف الدولي

     عاملان أساسيان هما فشل التحالف الدولي في تحقيق أي من أهدافه حتى الآن في كل من سوريا والعراق، فضلاً عن اقتراب جولة المفاوضات بشأن النووي الإيراني، تجعل من البيت الأبيض أكثر اقترابا من طهران، التي عززت وجودا عسكريا في الجولان المحتل. ويبدو أن الاستراتيجية الأميركية في طريقها إلى الذهاب أبعد في تطبيع العلاقات مع إيران وفقا لتفاهمات تشمل الوضع في سوريا واليمن، لا سيما بعد تراجع أدوار القوى الإقليمية في المنطقة عن مواجهة التحديات، وعدم قدرتها على إطلاق تفاهمات استراتيجية للتعاون فيما بينها.

     تصريحات (كيري وبرينان)، لا يمكن النظر إليها بعيدًا عن ذكرى انطلاقة الثورة السورية، وهذا بصورة ما، كما قالت واشنطن، في مواجهة العاصفة التي أثارتها تصريحات (كيري)، بأن سياستها تجاه الأسد ثابتة، ليست ثمة مواربة، فالموقف الأميركي يقوم على مبدأي التسوية السياسية وأولوية محاربة الإرهاب، وهو أيضا اتباع سياسات لا تطيح بالأسد، ولكنها لا تقدم دعما للمعارضة السورية، التي تتلقى وعودا من سراب.

     يبدو الموقف الدولي موحدًا تجاه خيار التسوية السياسة للوضع في سوريا، غير أنه غير متماسك بشأن استراتيجيات التوصل إلى ذلك، لا سيما في ما يتصل بالتفاوض ومصير الأسد ودوره، ففيما تتحدث واشنطن عن داعش بكونها (عدوا مشتركا) يستوجب التعاون بين الأطراف المعنية كلها بما فيها الأسد، ترى لندن وباريس، ألا دور للأسد في المستقبل السوري.

فوضى بين الأطراف الدولية

     ثمة حالة من الفوضى لدى الأطراف الدولية، بين ما تراه ضرورة في العمل السياسي والدبلوماسي، وبين احترام مبادئ الحقوق والحريات وجرائم الحرب، لا سيما ما يتصل بالتعامل مع أشد الأنظمة ارتكابا لجرائم الإبادة الجماعية: النظام السوري.

     ثنائية الموقف في التعاطي الأوروبي- الأميركي مع الأسد، يبدو مدفوعًا بقوة الموقف الإيراني الذي يتطور دوره في سوريا، عبر أربع سنوات من مساندتها لسلطة الأسد في مواجهة (المؤامرة)، إلى نقل الخبرة وإدارة المؤسسات الأمنية والعسكرية، والانخراط في شراكة دموية مع النظام، لمواجهة الثورة وصولا إلى احتلال إيراني مباشر، يقود عمليات عسكرية واسعة ضد السوريين، ما يعني أن تصريحات مستشار روحاني بشأن الإمبراطورية الإيرانية الجديدة قيد التشكل، بأدوات وقوى إيرانية في المنطقة.

     أدت إيران دورًا محوريًا في مواجهة الثورة السورية منذ انطلاقتها، عبر الدعم الخبيث الذي قدمته لنظام الأسد، بما مكنه من المضي في خيار المعالجة الأمنية لبدايات المطالب الجماهيرية بالتغيير في سوريا، قبل أن يصبح إسقاط النظام مطلبًا شعبيًا، قدمت إيران دعما لتسليح المدنيين الموالين للنظام (طائفيا وعشائريا) بالسلاح الفردي، قبل أن تدخل الثورة مرحلة (الأسْلَمَة والأسْلَحَة). وأشرفت على إدارة المعتقلات وعمليات القتل والتعذيب، وكان ذلك مرحلة جديدة في وضع اليد على الدولة، التي بدأت فعليا بعد وراثة بشار الأسد السلطة بضمانة إيرانية.

العقبة الكؤود

     لذلك تبدو المهمة أمام الجميع صعبة، العقبة الإيرانية في المنطقة، تجبر كل القوى الإقليمية والدولية على التوقف عندها، والواقع أن دور داعش سوف يبدأ بالتضاؤل فقط، عندما يعاد بناء الاستراتيجيات الدولية في المنطقة، وفق تقدير حجم الدور الإيراني وقدرته على نشر الحرائق، خدمة لأطماعه التي تنبعث من جديد ملوثة بدماء عشرات الآلاف من الضحايا في المنطقة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك