رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 10 مارس، 2020 0 تعليق

كورونا والقواعد الفقهية – الدفع أسـهل مـن الرفــع

 

الدفع أسهل من الرفع، قاعدة مهمة ويمكن تسميتها: قاعدة وقائية، وتعني: أن دفع الشيء قبل حصول الشيء أسهل من إلغائه بعد وقوعه؛ فالدفع من البداية أسهل من معالجة الأمر بعد أن يتمكن؛ لأن الدفع ابتعاد عن الشر وأسبابه, لكن إذا نزل الشر صار من الصعب أن يدفعه الإنسان، ومن أهمل الدفع بداية عوقب بصعوبة الرفع، فإثم من تكاسل عن دفع الغاصبين والمعتدين على الوقف وهو قادر على دفعهم كبير، وآثار ذلك على من فرط في الدفع في الدنيا قبل الآخرة، فيثقل عليه رفع يد المعتدين بعد تمكنهم واستغلالهم لعين الوقف، وقد نص الفقهاء -رحمهم الله- على أن أحكام الدفع، قد تختلف عن أحكام الرفع في الكثير من النوازل.

     وقد اندرج تحت هذه القاعدة فروع كثيرة شملت أبوابًا عدة من الفقه ومسائله منها أدوات الدفاع في حال تفشي الأمراض والأوبئة، فينبغي دفع الضرر عن الأصحاء بعدم مخالطتهم المرضى أو من يشك بمرضهم؛ لأن معالجة الضرر بعد وقوعه يحتاج إلى جهد أكبر وتكاليف أكثر، فما أمكن دفعه ومنع تأثيره في الفعل ابتداءً أولى من التمادي فيه حتى يقوم المانع ثم يبذل الجهد في رفعه، ذلك أن الدفع يكون قبل وقوع المانع فكان أقوى وأسهل، فإذا وقع المانع ضعف رفعه.

المتوقع كالواقع

ومن القواعد الفقهية المهمة في هذا الباب: (المتوقع كالواقع)، وهي قاعدة فقهية مفادها أن الشرع قد يحتاط لما يكثر وقوعه كاحتياطه لما تحقق وقوعه، فمن فقه التوقع، معرفة المتوقع، وبذل الأسباب لتخفيف الأضرار وتجنبها ما أمكن ذلك.

الفطنة مطلوبة

     والفطنة مطلوبة في كل من تولى أمرًا من أمور المسلمين، فلابد أن يعرف السياسات، ويُلم بالأسرار، ويدرك الغايات، ويتوقع المآلات والنهايات، ولا يتحقق ذلك إلا إذا أُعمل الفكر، ورُوض الرأي، وأَوقد البصيرة، ومما قيل في عبارات وألفاظ قريبة من توقع المتوقع: (منع المبادي أهون من قطع المتمادي)، فالأمور إن لم تؤخذ من مباديها جرَّت أموراً يعسر تداركها عند تماديها.

تخفيف سوء المآلات

     ومع كثرة الأحداث والمستجدات التي نعيشها، فلابد من العمل والدفع لأفضل الحالات، وتخفيف سوء المآلات، ولاسيما في حال النوازل الواقعة والمتوقعة، ونحن على يقين أن كل واقعة لها حكم في شريعة الله، بعضها يسهل الوصول لحكم الله فيها، وأخرى بحاجة للرجوع إلى القواعد والضوابط الفقهية وإعمالها لمعرفة حكمها الشرعي.

فقه المتوقع

لذا فإن من فقه المتوقع، وضع الخطط الاستراتيجية والتشغيلية وتقديم دراسات الجدوى للمشاريع المطروحة قبل تنفيذها، وإدارة المخاطر قبل وقوعها وحال وقوعها أضحت من مستلزمات وأساسيات العمل المؤسسي، فلا بد من الأخذ بها وعدم تغافلها.

إعمال الفكر

     والاجتهاد في إعمال الفكر وعدم الركون إلى الواقع؛ فعلى المؤسسات أن تعقد ورش العمل والندوات والمؤتمرات لاستشراف المستقبل ودراسة الواقع وتوقع المستقبل، ويجتهد كذلك وضع الحلول للمتوقع في حال حدوثه، والتحضير والاستعداد له، ففي حال الحروب والنزوح واللجوء يتوقع كثرة الأمراض بين الفارين من مواطن الكوارث، فلا بد من توفير الأجهزة الطبية والأدوية والكوادر الطبية لمعالجة المرضى.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك