كم يظلم الإنسان نفسه!
- من أعظم ظلم الإنسان لنفسه أن يعتدي على الآخرين، ويظن أنه يفعل خيرا! فهو لا يعي الظروف التي تمر به إلا التي في صالحه، وهو في سبيل هذا مستعد للكذب والافتراء والتدليس؛ لينال ما يعتقد أنه حق له!
- وديننا يَنْهَى عَنْ مَساوِئِ الأخلاقِ، ويأمرنا باجتنابِها والبُعدِ عنها، والخَوفِ مِن الوقوعِ فيها، ولا سيما تلك الَّتي تضرنا في الدُّنيا والآخرةِ، وأخص الظلم وما يترتب عليه.
- والظلم: كلُّ أذًى يُلحقه المسْلمُ بغَيرِه، سواءٌ كان إنسانًا أم حيوانًا أم نباتا، وقد حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - من الظلم؛ وما ذلك إلا لأن الظلم عاقبته وخيمة؛ فهو ظُلمات وأهوال ووبال على صاحبِه يومَ القيامةِ.
- والأحاديث في الظلم كثيرة.. قال - صلى الله عليه وسلم -: «الظلم ظلمات يوم القيامة»، وفي حديث ثانٍ، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته»، وفي حديث ثالث، قال - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقُوا الظُّلْمَ!..»، وفي حديث رابع، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِيَّاكُمْ والظُّلْمَ!..» وفي حديث خامس، قال - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقوا الظُّلمَ ما استطعتُم!».
- وقيل: إن الظلم ثلاثة:
- أولها: ظلم بين الإنسان وبين الله -تعالى- وأعظمه الكفر والشرك والنفاق؛ ولذلك قال الله- تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان : 13).
- والثاني: ظُلمٌ بين الإنسان وبين البشر، قال - سبحانه -: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (الشورى : 42). أي: إنما الحرج والعنت على الذين يبتدئون الناس بالظلم.
- كما أن الظالم يكون -يوم القيامة- مُفلسًا من الحسنات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ».
- ومن هنا ينصح النبي - صلى الله عليه وسلم - الظالم بأن يردَّ الحقَّ إلى صاحبه، أو يستسمحَ صاحب المظلمة حتى يرضى ويصفح عنه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْها، فإنَّه ليسَ ثَمَّ دِينارٌ ولا دِرْهَمٌ، مِن قَبْلِ أنْ يُؤْخَذَ لأخِيهِ مِن حَسَناتِهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ له حَسَناتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ أخِيهِ فَطُرِحَتْ عليه».
- أما النوع الثالث: فهو ظلم الإنسان لنفسه، قال -تعالى-: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأعراف: 19)؛ أي: لأنفسهما، وقال -تعالى-: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (الطلاق:1).
- والأنواع الثلاثة في الحقيقة ظُلمٌ للنفس؛ فكل ما يقترفه الظالم، هو ظلم لنفسه، قال الله - تعالى -: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (العنكبوت : 40).
لاتوجد تعليقات