كمالاً وليس إكمالا..
- كمال الدين يعني أن الإسلام دين كامل ومتكامل لا نقص فيه، وقد اكتسب كماله من الله -تعالى- الموصوف بالكمال، قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة:3).
- لقد رضِي الله -تعالى- للمؤمنين هذا الدين العظيم، (دين الإسلام)، بل إنَّ الله لا يقبل من النَّاس غيره، قال -تعالى-: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85).
- كما أنَّ أحكام هذا الدّين وشرائعَه قد كملتْ، فلا تتغيَّر ولا تتبدَّل إلى يوم القيامة، قال -تعالى-: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}(الكهف:27)، فوجب على المؤمنين أن يَرْضَوا بهذا الدّين الَّذي ارتضاه الله لهم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده لو أن موسى - صلى الله عليه وسلم - كان حيا ما وسعه إلا أن يتَّبعني».
- وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الزيادة في الدين، كما يفعله أهل الضَّلالة والبدَع، قائلا: «مَن أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه، فهو ردّ»، أي مردود عليه، فما من خيرٍ إلاَّ والنَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - دلَّ أمَّته عليه، وما من شرٍّ إلاَّ حذَّر أمَّته منه. قالَ -تَعَالَى-: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (الأنعام:38)، وَقالَ -تَعَالَى-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}(الأنعام:153).
- فهذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية كلها تدل على وجوب الحذر من البدع ومحدثات الأمور، وتدل على أنَّ الواجب التمسك بالسنة التي درج عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام، والحذر مما أحدثه الناس في الدين، هذا هو الواجب على المسلمين جميعاً. وقد ذمَّ الله من شرع في الدين ما لم يأذن به الله: فقال -سبحانه-: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (الشورى:21).
- جاء ثلاثة رجال يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أُخبروا، كأنهم تقالّوها (يعني رأوها قليلة في نظرهم!) وقالوا: أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ فكل واحد منهم اتخذ قرارا بزيادة العبادة؛ فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر أبدا ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فلما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بما قالوا جاء إليهم ليبين لهم المنهج الصحيح في العبادة.. فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني».
- لذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور!».
- فأعظم نعم أنعم الله بها على هذه الأمة أن أكمل لهم هذا الدين وأتم عليهم نعمته؛ فلا يحتاجون إلى دين غيره؛ فلا حلال إلا ما أحله الله -تعالى-، ولا حرام إلا ما حرمه.
11/11/2024م
لاتوجد تعليقات