رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 2 أبريل، 2019 0 تعليق

كلمةُ محبِّ في ألفية الفرقان دامَ بالحق مدادُها

 

 

 

 

 

د. عاطف رفاعي

 

 

 

 

أمتنا الإسلامية واجهت ومازالت تواجه صراعاً معلناً وخفياً لم يسبق له مثيل، مخططات تستهدف أصولها ومبادئها، ومكر بالليل والنهار لتذويبها وسلخها من دينها، كما قال ربنا -تعالى-: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (التوبة).

 

     عمل دؤوب لقلب الحقائق، وتمييع المفاهيم، وإغراق المجتمعات المسلمة بشتى صنوف الشهوات والشبهات؛ حتى غدا أمر الأمة ملتبساً، وحالها في التيه والغواية مرتكسًا، ونشأ جيل، بل أجيال لا تعرف سوى اسم الإسلام ورسم القرآن، ولا علاقة لهم بشعائره وشرائعه العظام.

     وعبر وسائل عديدة انهال على المسلمين كم رهيب من أنواع الفساد العقدي والانحراف الخلقي، الذي باتت تضج منه أمة الإسلام، وتصطلي بناره، ولاسيما وأن كثيراً من القائمين على هذه الوسائل من أبناء الأمة الذين تنكبوا الطريق، وتنكروا لأمتهم ودينهم، ورضوا بأن يكونوا أداة طيعة، بل ورؤوس حربة لأعداء الأمة ومخططاتهم الخبيثة.

     وقد مر دهر طويل وساحة الإعلام لا تجد صوتاً مسلماً يدافع أو ينافح عن دين الأمة وسبب عزتها وصمام أمانها، وخلت الساحة لكل ناعق ومارق، يفسدون ولا يصلحون، يصرفون الناس عن دين ربهم، أوهنوا الهمم، وأسقطوا القيم، يستهزؤون ويسخرون بالخير والدعاة إليه، ويقدمون ويمجدون سبل المعاصي والآثام، وسائلهم في ذلك المال الحرام واللحم الحرام، واشتد ظلام الفتن، ويئس الكثيرون من الصلاح، وفرط الكثيرون في الإصلاح.

     في هذا الجو الصعب، والأوضاع المؤلمة، ومنذ 30 عاماً ظهرت مجلتنا العزيزة (مجلة الفرقان)، ظهرت وهي تتخذ الإسلام -قرآناً وسنةً-  مرجعاً لها، تعمل وفق ضوابطه، وتلتزم بأحكامه، حملت على عاتقها بيان حقائق الإسلام وصفاء عقيدته، ونقاء شعائره، ومتانة شريعته، وصلاحيتها، وإصلاحها لكل زمان ومكان.

     تميزت مجلتنا الغراء بخصائص تفردت بها عن غيرها من سائر وسائل الإعلام الأخرى؛ فكانت ربانية المصادر، منطلقها الأول تعبيد الناس لربهم، وتصحيح العقائد، تنطق بلسان سلفيٍ مبين، لم يتبدل أو ينحرف، تحمل هموم أمتنا، تدافع عن قضايا أقلياتنا المسلمة في الشرق والغرب، وقد جعلت من صفحاتها شاشة العرض الأكبر للعمل الخيري الكويتي الرائد والإنساني، من خلال عرض أعماله وأنشطته المختلفة وجهود اللجان الخيرية في شتى بقاع العالم، والدفاع عنه ضد شبهات الحاقدين.

كما أنها اعتمدت الحقائق مصدراً وحيداً، لموضوعاتها المختلفة، التي شملت مجالات عديدة نافعة في العقائد وتصحيح المفاهيم والرد على الفكر التكفيري، وغلواء المفسدين في الأرض، وامتدت اهتماماتها لتشمل جوانب مهمة في حياتنا ثقافياً واجتماعياً.

وتمتعت (الفرقان) بالمصداقية العالية التي لا تشوبها شائبة، من كذب، أو تضليل؛ فصارت مصدراً يطمأن إليه، ومرجعاً يعتمد عليه.

وتميزت بالانحياز التام لمكارم الأخلاق، والدعوة إليها، ومحاربة الرذائل والأخلاق الساقطة الواردة على مجتمعاتنا من الخارج.

وأظهرت مجلة (الفرقان) تفاعلية إيجابية مع الأحداث المختلفة، والنوازل التي وقعت للمسلمين، وهي في هذا الخضم الهائل تصف الداء، وتجتهد في عرض الدواء الشافي، وتعود بقرائها إلى عهد الإسلام الأول نقاء واستقامة وصدقاً ونبلاً.

ومن أعظم خصائصها تناولها لشتى المسائل بكامل العدالة والإنصاف، وهي ما يعبر عنه بالشفافية الكاملة والموضوعية التامة، ملتزمة الدفاع عن ثوابت أمتنا، والانتصار دوما للحق.

وفي عددها الألف نتطلع إلى أن تبقى الفرقان زاهية متلألئة، وحصناً سلفياً حصيناً، حفاظاً على الهوية، وصيانة للمجتمعات المسلمة عن الأفكار المنحرفة والهجمات الشنيعة على دين الأمة عقيدة وشريعة.


 

الفرقان مهنتي ودعوتي

وائل رمضان

 

     لم أكن أعلم وقت أن كتبت مقالتي الأولى بمجلة الفرقان في يناير عام 2004م، أنني سأكون أحد جنود هذه الكتيبة المباركة، التي حملت على عاتقها تبليغ رسالة الإسلام، وبيان منهجه الصافي غضَّا طريًا عبر صفحاتها الغراء، ثماني سنوات مضت بعد هذا العام، وأنا مستمر في الكتابة بالمجلة ما بين مقال، وتحقيق، وحوار، إلى أن شرفني الله بالعمل فيها رسميًا عام 2012م؛ وها أنا ذا تمضي على علاقتي بهذه المجلة المباركة خمسة عشر عامًا.

  لم أُعِدّها يومًا مهنة، بقدر ما أعددتها دعوة، مكنني الله فيها، وشرفني بالانتساب إليها، ولا سيما أنها تنتسب لجمعية مباركة هي جمعية إحياء التراث الإسلامي، التي أنتمي إليها منهجًا وعقيدةً وسلوكًا، أسأل الله الإخلاص والقبول.

     كانت الفرقان وما زالت بالنسبة لي واحة غنَّاء، التقيت من خلالها بعلماءٍ أجلاّء، ومشايخ فُضلاء، ومسؤولين على قدر كبيرٍ من الفهم والوعي والإدراك، تعلمت منهم معاني نبيلة، وقيمٍا عظيمة، مَثَّل كل واحدٍ منهم مدرسة فكرية وتربوية ومهنية استفدت منها الكثير، ولو أعددت أسماءهم وصفاتهم ما وسعني هذا المقال.

     وحين  أتحدث عن الفرقان، فإنما أتحدث عن صرح إعلامي استمر محافظًا على بهائه الفِكريِّ، وخطابه المتجدِّد، وطرحه العميق، وأسلوبه المتميز ثلاثين عامًا، سنواتٍ طوال لم تَزد الفرقان إلا تألقًا، وتمسكًا بالخطاب الوسطي الجامع غير المفرِّق، الذي يتماس مع هموم المسلمين بحِكمةٍ، وبصيرةٍ، وقولٍ حَسَن.

     مجلة الفرقان هي إحدى ثمار الدعوة السلفية المباركة، العميقة جذورها، الوارف ظلالها، الطيبة ثمارها، المباركة فى منبتها، السخية فى عطائها، تؤتى أُكلها كل حين بإذن ربها، فلا شك أن الانتماء إليها، والعمل لدين الله -تعالى- من خلالها، نعمة وفضل من الله، فما أعظمها من نعمة! وما أشرفها من رسالة!

     لقد كانت الفرقان إحدى الركائز الرئيسة التي ساهمت في تنمية عقول أبناء الصحوة الإسلامية، وأدَّت دورًا بالغ الأهمية في تصحيح المفاهيم لديهم، محافظة على القيم والمبادئ الإسلامية، مستمدة من الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة رافدًا لا ينقطع، ومعينًا لا ينضب؛ فقدمت مادَّة إعلاميَّة تنطَلِق من ثَوابت راسِخة؛ لتمسَّ شَغاف القلوب بأجمل أسلوب، وأفضل وسيلة، من غير تبذُّل أو تكلُّف، جمعت بين جدِّية المضمون وأصالته، ومُتعة العَرْضِ ورَوْعته.

     مجلة الفرقان أرست علامات مضيئة على طريق الصحافة الإسلامية، فأصبحت بحق مِنبَرًا للكلمة الصادقة، والقيَم الفاضلة، وحائطَ صدٍّ يَدْفع عن الإسلام، ويحمي حصوننا الثقافية والفكرية المهدَّدة من الداخل والخارج، ونرجو أن تكون المجلة قد بلغت بتوفيق الله -تعالى-، ثم بتعاون العلماء والدعاة والقائمين عليها درجة عالية من القبول والثقة لدى أبناء الدعوة الإسلامية.

     وختامًا فكل عمل بشري يشوبه النقصان، ونحن لا ندعي المثالية ولا الكمال، لكننا نسعى جاهدين أن تصبح الفرقان مرجعًا إسلاميًا؛ لما تمثله من منهج إسلامي متوازن وعميق، ومصدرًا ثريًا ونبعًا صافيًا ينهل منه الدعاة والخطباء والمحاضرون والباحثون، ومادة خصبة في بناء الوعي والتعريف بواقع الأمة، والحفاظ عليها بوصفها أحد الأعمدة الراسخة في البناء الإعلامي الإسلامي، نسأل الله التوفيق والسداد.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك