رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 15 يناير، 2012 0 تعليق

كلمات في العقيدة القـــــدر (9)

 

- إذا تصفحنا المصحف لنتدبر الآيات المتعلقة بالقدر بعد القواعد التي ذكرناها فلن نجد صعوبة في الوصول إلى الفهم الصحيح.. وما أجمل مقولة عمر عندما خرج إلى الشام فأخبره أمراء الأجناد أن الوباء قد وقع في الشام.. فقرر الرجوع، فقال له أبو عبيدة: «أفرارا من قدر الله؟!» فقال عمر: «لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله».. ثم بيّن له الفهم الصحيح للقدر: «أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان، إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت في الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت في الجدبة رعيتها بقدر الله؟!».. متفق عليه.

أعجب صاحبي بمقولة عمر رضي الله عنه فرددها:

- نفر من قدر الله إلى قدر الله.

- وبهذا نفهم جميع آيات القدر في كتاب الله.. اسمع قول الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا خذوا حذركم} (النساء:71)، ثم بعد ذلك بقليل يقول عز وجل: {أينما تكونوا يدركّم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا} (النساء:78).. وفي سورة التوبة: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (51).

وفي الحديث عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة» حسنه الألباني.. وكلها أوامر صحيحة.. في الآية يأمر الله المؤمنين أن يأخذوا حذرهم، وفي الحديث يخبرهم الرسول  صلى الله عليه وسلم .. أنه «لا يغني حذر من قدر».. والتوفيق بينهما: أن العبد مأمور أن يأخذ بالأسباب المادية لجلب ما ينفعه ودفع ما يضره.. فإن وقع عليه ضرر يؤمن أن الله قدره عليه لحكمة.. ويسعى في دفع الضرر ويستعين بالدعاء أولا وأخيرا فضلاً عن الأسباب المادية مع تعليق القلب دائما بالله.. بأنه لا شيء ينفع ولا يضر إلا بإذن الله.. هكذا هي العقيدة الصحيحة فيما يصيب الإنسان من خير أو من شر.

علق صاحبي:

- هذه قضايا تحتاج إلى مران ذهني وعملي..

- إذا تمسك المرء بالثوابت التي ذكرناها ورجع إليها لا يضل في هذا الباب إن شاء الله.

- وماذا عن حديث التداوي؟

- تعني قول النبي  صلى الله عليه وسلم : «إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، إلا الهرم -وفي رواية إلا السأم (الموت)- فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر» السلسلة الصحيحة. وفي رواية... «وفي ألبان البقر شفاء من كل داء».. وقد تعالج النبي  صلى الله عليه وسلم  وأمر بالتداوي.. فقال: «يا عباد الله تداووا؛ فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء».. صححه الألباني.

قاطعني..

- نعم هذا الحديث الأخير.. ولا أعرف الأحاديث الأخرى التي ذكرت.

- هذا الحديث وغيره يبين العقيدة في القدر.. فالله خلق الداء والدواء وأمر عباده أن يأخذوا الدواء إذا أصابهم الداء.. وفي الحديث عن ابن أبي خزامة عن أبيه.. قال: سألت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقلت: يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقى نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: «هي من قدر الله» حسنه الألباني.

فالإيمان بالقدر.. إيمان بكمال علم الله وكتابته لهذا العلم، ويحفظ الإنسان من اللجوء إلى غير الله في سرائه وضرائه.. وليس القدر للاحتجاج على ارتكاب المعصية.. والعجز والكسل عن الطاعة.. أو عن طلب الرزق!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك