رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 9 يناير، 2012 0 تعليق

كلمات في العقيدة- القـــــدر (8)

 

لا تعارض بين آيات الكتاب العزيز ولا بين أحاديث النبي[ ولا بين حديث صحيح وآية من كتاب الله عز وجل.

- لو التزم المرء هذه القاعدة ولم يأخذ آية بمعزل عن بقية آيات الكتاب، ولا حديثا بمعزل عن بقية الآيات والأحاديث التي تبين ذات القضية لتوصل المرء إلى الحق في مسائل القدر.

ومن هذه المسائل أفعال الخلق.

- كيف نستطيع أن نفهم هذه المسألة؟

- لو تتبعنا آيات الكتاب العزيز لوجدنا أن العبد يعمل العمل خيراً كان أم شراً بإرادته، ويكون هو الفاعل ويحاسب على فعله: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى} (الليل: 5 - 8).

قاطعني:

- كيف ييسر الله عز وجل العبد لليسرى؟ وكيف ييسره للعسرى؟

- أما التوفيق لعمل الصالحات فيبدأ من العبد ثم يوفقه الله لعمل آخر ما دام العبد مقبلا بإخلاص على الطاعات كما في الحديث الذي في البخاري: «إذا تقرب العبد مني شبراً تقربت منه ذراعاً، وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً».

وفي صحيح مسلم: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم، وإذا تقرب مني شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة»، فإن العبد المقبل على الله بصدق وإخلاص ييسر له الله عز وجل الطاعة بعد الطاعة، وأما العبد المعرض عن الله عز وجل فإن الله يتركه في ضلاله وغيه، وذلك أنه هو الذي اختار هذا الدرب وسار فيه، وهذا بالطبع مع فطرة الإنسان على الخضوع لله، وبيان طريق الحق وترغيبه فيه، وبيان طريق الضلالة والترهيب منه، وتأكيد المآل لمن آمن ولمن ضل، وإرسال الرسل وإنزال الكتب التي فصلت كل شيء، وجميع الآيات والأحاديث التي يظن بعضهم من خلالها أن العبد «مجبر» على فعل شيء تحمل على هذا المعنى، ولا تقرأ بمعزل عن هذه الآيات والأحاديث «فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» (مسلم).

- وماذا لو أصر العبد على قوله: «لو شاء الله أن أهتدي لاهتديت»؟!

- هذه العبارة لن تنجيه بين يدي الله عز وجل، ويمكن الرد عليه بأمور عدة، منها:

1 - لا تسع في طلب الرزق، فلو شاء الله أن يرزقك فسيأتيك رزقك وأنت نائم على فراشك؛ لحديث النبي[: «ياأيها الناس، إن الغنى ليس عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس، وإن الله عز وجل يؤتي عبده ما كتب له من الرزق؛ فأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم» (صحيح الترغيب والترهيب)، وكذلك حديث الخلق: «ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات، فيقول: اكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أم سعيد».. فالرزق قد كتب فلماذا تسعى وتكدح في طلب رزقك؟! ابق في سريرك وسيأتيك!!

وهذا لا يقوله عاقل، وكذلك في الهداية.

ثم هذه المقولة ليست جديدة، بل قالها المشركون من قبل: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذّب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} (الأنعام: 148)، وكذلك في سورة النحل: {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين} (النحل: 35).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك